الأخبار
في الوقت الذي يحرص عبد الإله أوعيسى، الرئيس الحالي للجماعة الترابية سيدي قاسم، رفقة ممثل السلطات الإقليمية بمنطقة الشراردة، على الترويج بشكل كبير لعمليات سير أشغال تهيئة مقابر الأموات، والقيام بزيارات ميدانية إلى الورش، في إطار الصفقة المرتبطة بترميم مقبرتين بالمدينة، عبر بناء بضعة جدران وتهيئة ممرات وبناء مقر للحراسة والإنارة العمومية والتشجير بالمقابر المعنية، والتي رصد لها غلاف مالي قاربت تكلفته الإجمالية مليارا ونصف المليار، عاد الحديث بشكل كبير في صفوف الرأي العام عن مصير الاختلالات التي شابت صفقة سابقة لبناء الجدران الفاصلة للمقابر بمدينة سيدي قاسم، خلال ولاية الرئيس الأسبق بنعيسى بن زروال.
ويتعلق الأمر بالصفقة العمومية التي تحمل رقم 06/2011، المتعلقة ببناء الجدران الفاصلة للمقابر بمدينة سيدي قاسم، والتي رصد لها المجلس الجماعي الذي كان يرأسه بنعيسى بن زروال، مبلغا إجماليا قدره 430.837,50 درهما، بما في ذلك أشغال العقد الملحق، وتم التأشير على التسليم النهائي للأشغال المتعلقة بالصفقة المذكورة بتاريخ 04 شتنبر 2013، وهي الصفقة التي أُنجِز بشأنها تقرير دقيق من طرف قضاة المجلس الجهوي للحسابات لجهة الرباط سلا القنيطرة، في التقرير الذي يحمل عدد 18 /CRCRSK/CT/8، والذي رصد العديد من الاختلالات التي شابت أشغال الصفقة، كان من المفروض أن تتم إحالته في حينه على القضاء لترتيب الجزاءات.
ورصد تقرير قضاة المجلس الجهوي للحسابات لجهة الرباط – سلا – القنيطرة، بخصوص الصفقة 06/2011، عدم قيام المقاولة النائلة للصفقة بإنجاز مجموعة من الأشغال المضمنة بدفتر الشروط الخاصة، حيث لم يتم على سبيل المثال، إنجاز الأشغال رقم 9 (REVETEMENT EN PIERRE DE MOELLON TAILLEE)، ورقم 10 (REVETEMENT EN GRANITO POLI ORDINAIRE)، مثلما تم الوقوف على معطى عدم تقيد الشركة النائلة للصفقة بالكميات المتعاقد بشأنها والمنصوص عليها في جدول الأثمان وبالبيان التقديري المفصل، إذ إن وجود فارق كبير بين الكميات المنجزة والكميات المنصوص عليها في جدول الأثمان وبالبيان التقديري المفصل، شكلت مسا واضحا بمبدأ المساواة في التعامل مع المتنافسين، سيما أن الجماعة لجأت إلى إبرام عقد ملحق مع المقاول نائل الصفقة لإتمام الأشغال، في مقابل عدم قيام الجماعة بإنجاز دراسة قبلية للمشروع، والتي كان من شأنها المساهمة في إعطاء تحديد دقيق لمختلف الحاجيات والأشغال الضرورية والكميات الواجب إنجازها.
كما تضمن تقرير المجلس الجهوي للحسابات، الإشارة إلى الاختلالات المتعلقة بغياب جداول المنجزات المتعلقة بالصفقة المذكورة، حيث قامت جماعة سيدي قاسم بأداء مبالغ الكشوفات التفصيلية المتعلقة بالصفقة رقم 06/2011، دون إنجاز جداول المنجزات رقم 2 و3 و4 و5 والتي تبين الكميات المنجزة وأماكن إنجازها، الأمر الذي اعتبره قضاة مجلس الحسابات، بحسب التقرير المنجز، خرقا لمقتضيات الفقرة الأولى من المادة 57 من دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال المنجزة لحساب الدولة، التي تنص على أنه «يتم شهريا أو كلما دعت الضرورة إلى ذلك انطلاقا من جدول المنجزات، أو الوضعية المقبولة من طرف صاحب المشروع، إعداد كشف تفصيلي مؤقت للأشغال المنفذة والتموينات المنجزة، يكون بمثابة محضر عن الخدمة المقدمة ويعتمد كأساس لأداء دفعات مسبقة للمقاول…»، إضافة إلى تسجيل عدم قيام الجماعة بإلزام المقاولة النائلة للصفقة بتقديم وتجديد عقد التأمين ليغطي كل فترة إنجاز الأشغال، والتي امتدت إلى غاية 26 يوليوز 2012، في حين أن عقد التأمين المكتتب لتغطية الأخطار المرتبطة بتنفيذ أشغال الصفقة انتهت مدة صلاحيته في 23 يناير 2012، ما يعد خرقا لمقتضيات المادة 24 من المرسوم رقم 2-99-1087 الصادر في 29 من محرم 1421 (04 ماي 2000) بالمصادقة على دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال، وكذا المادة التاسعة من دفتر الشروط الخاصة.
وبالإضافة إلى ذلك، رصد تقرير قضاة المجلس الجهوي للحسابات عدم قيام المقاولة النائلة للصفقة بتقديم برنامج تنفيذ الاشغال المنصوص عليه في المادة 37 من دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الاشغال (01/06/2000)، وكذا ضعف تتبع ومراقبة الأشغال، وفق ما يؤكده العدد القليل لمحاضر الورش الخاصة بالصفقة (ثلاث نسخ من المحاضر غير مؤرخة واثنين منها يحملان توقيع ممثل الجماعة)، وغياب دفتر الورش وغياب التحاليل المخبرية للتأكد من مطابقة المواد المكونة للثمن رقم (7) AGGLO DE 0.2، مع المعطيات التقنية المتعاقد بشأنها والمنصوص عليها بدفتر الشروط الخاصة، إضافة إلى غياب محضر تسلم الأشغال المرتبطة بأعمال الحفر TERRASSEMENT PRIX N :2.
مثلما أشار تقرير المجلس الجهوي للحسابات إلى ملاحظة عدم استكمال السور المحيط بمقبرة المصلى، حيث إنه وبالرغم من تسلم أشغال الصفقة 06/2011 المتعلقة ببناء الجدران الفاصلة للمقابر بمدينة سيدي قاسم، فإن الجدار الذي تم بناؤه بمقبرة المصلى لم يكن كافيا لتسييجها بالكامل، مما يصعب معه الحفاظ على المقبرة وصيانتها وحمايتها، وسط تساؤلات من طرف مهتمين بتدبير الشأن المحلي، عن مصير الخروقات التي شابت هاته الصفقة، والتي وقف عليها قضاة المجلس الأعلى للحسابات، في ظل مطالب حقوقيين وجمعويين بضرورة إحالة التقرير المذكور على القضاء، وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.