شوف تشوف

الرئيسيةخاص

احتجاجات المحامين.. بوادر عودة الاحتقان لمحاكم المملكة

المحامون الشباب نظموا وقفات بعشرات المحاكم وهددوا بالتصعيد

تعديل قانون مزاولة المهنة وإلغاء التعاضدية ينذران بالمواجهة بين المحامين ووزارة العدل

النعمان اليعلاوي

خرج عشرات المحامين الشباب، المنضوين تحت لواء الفيدرالية الوطنية لاتحادات المحامين الشباب بالمغرب، الأربعاء الماضي، في وقفات احتجاجية بعدد من مدن المملكة؛ للمطالبة بتحسين ظروف عملهم، وإشراكهم في تعديل قانون المحاماة. وهمت الوقفات 14 محكمة من بينها المحكمة الابتدائية بالرباط وبمدينتي طنجة والدار البيضاء، ومحكمة الاستئناف بمراكش وابتدائية أكادير ووجدة وفاس ومكناس. ورفع المحامون في الوقفات، التي دعت إليها «فيدرالية جمعيات المحامين الشباب»، لافتات تطالب بالإسراع في إخراج قانون حديث ومتطور لمهنة المحاماة، ورفض أي قانون بدون إشراكهم.

وطالب المحامون بإقرار حماية اجتماعية لهم (كالتأمين الصحي وغيره)، كما طالبوا بإشراكهم في تعديل القانون المنظم لمهنتهم، واستفادتهم من تأمين صحي، خلال الوقفات التي جاءت بعد أيام قليلة من تصريحات لوزير العدل عبد اللطيف وهبي، تعهد فيها بإحداث تغييرات وإجراءات تهم مهنة المحاماة، وتعهد «بسن نصوص عقابية ضد المحامين الذين يخرقون القانون، وإعادة النظر في القانون المنظم للمهنة».

يأتي هذا في الوقت الذي أخذت جمعية هيئات المحامين بالمغرب، وهي الإطار الرسمي الذي يمثل هيئات المحامين، مسافة من الاحتجاجات الأخيرة للمحامين الشباب، إلا أن أعضاء من مكاتب الهيئات عبروا عن دعمهم لتلك الوقفات، مشيرين إلى تقاطع مطالب المحامين الشباب بالمطالب التقليدية للهيئات، في ظل «الصمت الحذر» لوزير العدل، عبد اللطيف وهبي، تجاه تلك الاحتجاجات، وهو ما ينذر بتصعيد وشد حبل قد يشهدهما القطاع في الأشهر القليلة المقبلة.

 

المحامون والعدالة الضريبية

أعادت تصريحات أخيرة لوزير العدل، عبد اللطيف وهبي، بخصوص أداء المحامين للضرائب، تحريك المياه الراكدة بين الوزارة والمحامين حول العدالة الضريبية، حين قال وهبي إن 95 في المائة من المحامين يصرحون بـ10 آلاف درهم سنويا. وذكر الوزير، أثناء تقديمه لمشروع الميزانية الفرعية لوزارة العدل، بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، أن هذا الرقم «مخيف»، وأضاف أنه طلب من إدارة الضرائب إجراء دراسة حول ذلك، مبديا اعتراضه على تفتيش مكاتب المحامين، واقترح أن يؤدي المحامون الضرائب مع المصاريف القضائية لكل ملف معروض عليه، في 15 سنة أو 20 سنة الأولى من عمله، ليقوم بعد ذلك بالتصريح الضريبي.

وأثارت تصريحات الوزير استياء واسعا في صفوف المحامين الذين اعتبروها مجانبة للواقع ولا تستند إلى أرقام ومعطيات دقيقة، معتبرين أنهم حسموا مع الوزارة السابقة وإدارة الضرائب الخلاف بخصوص الأداء الضريبي، وذلك بعد الحملة الواسعة لمراجعة تصريحات المحامين بشأن الضريبة على الدخل التي قامت بها المديرية العامة للضرائب في 2018، حيث راجعت مصالح المديرية عددا كبيرا من تصريحات المحامين التي تم تقديمها، وهي الخطوة التي أخرجت المحامين للاحتجاج، واعتبرت حينها هيئات المحامين أن المعالجة التي تم اعتمادها قاصرة عن تحقيق العدالة الجبائية واتسمت بالتسرع وعدم الإلمام الجدي بالمشاكل الحقيقية لمهنة المحاماة، وخلفت استياء واسعاً لدى الغالبية العظمى للمحاميات والمحامين، قبل أن يتم طي الخلاف بعد المناظرة الوطنية للجبايات، والتي تلتها لقاءات جمعت المحامين بالإدارة العامة للضرائب.

وتم، خلال عدد من اللقاءات المشتركة والأيام الدراسية التي جمعت مهنيي إدارة الضرائب بالمحامين، الخروج بتوصيات من قبيل إعفاء المحامين من الضريبة على القيمة المضافة والضريبة المهنية، الدعوة إلى تعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة (08.28 و08.29) بما يسمح بإضافة باب يتعلق بالنظام الجبائي للمحامي أسوة بمجموعة من التشريعات المقارنة، إعفاء المحامين غير المتوفرين على التعريف الضريبي عن السنوات السابقة، وصولا إلى تسوية شاملة لوضعيتهم الضريبية، ورفع مدة الإعفاء من الضريبة المهنية من 5 إلى 15 سنة انسجاما مع القانون المنظم لمهنة المحاماة «المادة 33» ورفع المنع غير المبرر لإمكانية استفادة المحامي من النظام الجبائي للمقاول الذاتي (المادة 42 مكرر من المدونة العامة للضرائب ).

 

 

التغطية الاجتماعية.. بين التعاضدية والتأمين الإجباري

وفي الشق المتعلق بالتغطية الاجتماعية، يرى المحامون أن إخضاعهم لنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، فيه «مس خطير باستقلال المهنة» ويشكل «تدخلا في عمل الهيئات المهنية للمحامين؛ لأنه يجعل المحدد للممارسة المهنية للمحاميات والمحامين ليس قانون المهنة، وإنما الشهادة الصادرة عن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، التي تفيد بانتظام المؤمن لأداء اشتراكاته للصندوق».

ويرى المحامون أن مجال الاستفادة من خدمات التعاضدية هو مجال أوسع بكثير من مجال الاستفادة من الخدمات التي يؤطرها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ومن شأن تنزيل مقتضيات هذا القانون الجديد حرمان المحامين من خدمات التغطية الصحية الأساسية التي يتمتعون بها مع التعاضدية، كما أن مجال التغطية يتسع كذلك مع التعاضدية، ليشمل إضافة إلى التأمين الأساسي الإجباري عن المرض، تأمينا تكميليا إجباريا يمدد نسبة التغطية والاسترجاع بنسبة 100 في المائة‏ حسب التسعيرة المرجعية الوطنية؛ الشيء الذي لا يقدمه هذا القانون محط الجدل.

ويقول المحامون إنه في الوقت الذي يجدون أنفسهم ممثلين داخل تعاضديتهم بجميع الهيئات بنقبائهم الممارسين، إضافة إلى أعضاء آخرين منتخبين، فإنه، وبمقتضى الفقرة ما قبل الأخيرة من مقتضيات المرسوم رقم 2.18.624 ، فإن إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تتألف من أربعة ممثلين عن الهيئات المهنية والجمعيات المهنية في حدود ممثل واحد عن كل قطاع، وهي قطاعات الصحة والعدل والنقل والسياحة، وهكذا سيتولى شخص واحد تمثيل كل المحامين والعدول والموثقين والمفوضين القضائيين والنسخ، وهو ما قد يجعل المحامين، حسب قولهم، يجدون أنفسهم دون تمثيلية داخل مجلس إدارة الصندوق، وقد يصل الأمر حسبهم إلى أنهم سيكونون تحت رحمة قرارات يتخذها ممثلون بعيدون عن جسمهم المهني، وما سيترتب عن ذلك من انعكاس سلبي على مصالح المنتسبين للمهنة.

ويدافع المحامون عن مقترح استمرار استفادتهم من خدمات نظام تعاضديتهم، بحجة أن مجال الاستفادة منها أوسع بكثير من مجال الاستفادة من الخدمات التي يؤطرها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بحيث يعتبر مستفيدا كذلك ليس المحامون المسجلون بإحدى هيئات المحامين بالمغرب وأزواجهم وأبناؤهم فقط، بل كذلك الأرامل وأبناء العضو المتوفى، إضافة إلى الأولاد المتكفل بهم المثبتة كفالتهم بصفة قانونية، معبرين عن مخاوفهم من أن يكون تنزيل هذا القانون الجديد سببا في حرمان عدد من الفئات من خدمات التغطية الصحية الأساسية التي يتمتعون بها مع تعاضدية المحامين.


قانون مزاولة المهنة.. جدل التعديل

يرى المحامون أن القانون المنظم لمهنة المحاماة كرس الجانب السلبي من خلال الاحتفاظ بالمقتضيات التي تمس باستقلالية المهنة، وتطعيمها بأحكام ومقتضيات أخرى تكرس تبعية المحاماة ، وتخلق عدة عراقيل أمام المحامين الشباب بشكل خاص من أجل القيام بجميع المهام والاختصاصات التي تفرضها الممارسة المهنية، معتبرين أن القانون الحالي شكل تراجعا في الكثير من مقتضياتها عن القوانين السابقة مما أثر سلبا على المهنة.

ويطالب المحامون بضرورة تعديل القانون المنظم لمهنتهم، معتبرين أن من بين أسباب مطالبهم هذه الأزمة القانونية والحقوقية والاجتماعية والاقتصادية التي تعرفها مهنة المحاماة، بشكل جعل العديد منهم يعيشون أوضاعا حقوقية واجتماعية يرثى لها، ناهيك عن ذلك التباعد المؤسساتي الحاصل ما بين الأجهزة التقريرية سواء كانت مؤسسة النقيب أو مؤسسة مجلس الهيئة من جهة ومؤسسة الجمعية العمومية التي تشكل قاعدة المحامين من جهة أخرى، كما يرون أن من بين دواعي التعديل، تطبيق توصيات لجنة إصلاح ميثاق منظومة العدالة التي جاءت بعدة مستجدات مرتبطة بمهنة المحاماة، مثلما جاءت بإصلاحات تلامس بعض المهن والوظائف المرتبطة بمجال العدالة، ولا سيما منح القضاء استقلالية تامة وإبعاده عن تحكم السلطة التنفيذية.

وفي هذا السياق، يرى خالد الإدريسي، المحامي والباحث في مجال الإعلام والاتصال، أن جمعية هيئات المحامين بالمغرب، باعتبارها الإطار الوطني الذي يمثل جميع المحامين المنضوين تحت لواء الهيئات السبع عشرة الموجودة وطنيا، غابت عن النقاش المتعلق بعمل اللجنة المكلفة بإعداد ميثاق منظومة العدالة يصلح لإصلاح هذا القطاع الذي يعاني منذ زمن بعيد، مشيرا إلى أن عدم مشاركة الجمعية كان بناء على خلافات ضيقة بين رئيسها السابق الأستاذ النقيب حسن وهبي ، والسيد وزير العدل آنذاك زميلنا الأستاذ المصطفى الرميد ، وهو ما جعل الجمعية تترك الكرسي فارغا ولم تقدم مقترحاتها ، مما جعل الجميع يتفاجأ بوجود مجموعة من التوصيات التي تمس حصانة واستقلالية مهنة المحاماة».

وأشار المتحدث إلى أن «الجمعية تقترح مسودة مشروع لقانون مهنة المحاماة على الوزارة الوصية التي تشتغل على مشروع القانون داخل دواليب وزارتها، من دون إشراك فعلي للفعاليات المرتبطة بالمهنة من خلال مقاربة تشاركية عن طريق تنظيم ندوة وطنية أو ندوات جهوية للتعرف على مطالب واحتياجات جميع الإطارات المهنية من أجل الإصلاح العميق والجدي لهذا القانون»، مبينا أنه «ورغم ذلك، فإن الجمعية، رغم الانتقادات الموجهة إليها، حاولت أن تقدم رؤيتها الخاصة للإصلاح من أجل أن تأخذ به الوزارة الوصية، كرؤية تعبر عن مواقف جميع الهيئات وجميع المحامين، ولو أن الجمعية في حد ذاتها كان يمكن أن تعد مسودة أكثر تكاملا».

ويرى الإدريسي أن مسودة مشروع قانون المهنة المقدمة من طرف جمعية هيئات المحامين بالمغرب «جاءت بمقترحات وتعديلات إيجابية، وسيكون من شأنها، في حالة أخذها بعين الاعتبار في مشروع القانون المعد من طرف وزارة العدل، أن تعطي نفسا جديدا لمهنة المحاماة»، مضيفا أن المشروع وما حمله من تعديلات «سيساهم في إخراج المهنة من الأزمة التي تعيشها»، منبها إلى أنه «مع ذلك، ينبغي التحفظ عن عدم وصول هذه المسودة إلى الحدود المطلوبة بخصوص بعض المقتضيات الأخرى التي تعتبر أساسية من أجل تحقيق الإصلاح المنشود».

وزارة العدل والمحامون.. سياسة العصا والجزرة

أعلن عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، إعادة النظر في قانون مهنة المحاماة، ودعا الوزير، أثناء تقديمه لمشروع الميزانية الفرعية لوزارة العدل، بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، إلى توسيع مجال المحاماة والرفع من مستوى المهنة وخلق نوع من التوازن مع النيابة العامة في إطار شروط المحاكمة العادلة.

وذكر وهبي أنه سيتم خلق نصوص عقابية صارمة بالنسبة للمحاماة، معتبرا أنه لا يمكن القبول بمحام يخرق القانون، موضحا أن الوزارة ستعيد النظر في امتحانات الولوج إلى مهنة المحاماة في غضون الأشهر المقبلة، وذكر أنه سيتم قبول ما بين 150 و200 محام في الامتحانات بدل 4000، سيلجون للتكوين في المعهد العالي للقضاء لمدة ثلاث سنوات ما بين الدراسة والتدريب، وذلك من أجل «الرفع من مستوى التكوين لدى المحامين، مع العمل على محور التكوين المستمر».

واعتبر وهبي أن «التحدي الكبير لدى الوزير هو ترؤس وزارة العدل مع الحفاظ على الفصل بين  السلطة القضائية والسلطة التنفيذية»، والوزارة ستعمل «على تسهيل عمل المحامي من خلال اعتماد الرقمنة بالتعاون مع جميع المؤسسات التي نتقاطع معها»، مشددا على أن «الوزارة ستعيد النظر في قانون مهنة المحاماة»، منبها إلى أنه «من غير المقبول أن 95 في المائة من المحامين يؤدون 10 آلاف درهم من الضرائب سنويا»، مبرزا أن المنهجية التي تشتغل عليها الوزارة هي أن يتم أداء الضرائب حسب  الملفات، لكن بعد عدد من سنوات  الاشتغال لدى المحامين «وجب أن يتم التصريح لدى إدارة الضرائب».

عبد الواحد الأنصاري*: «الجانب الاجتماعي أولى أولوياتنا في جمعية هيئات المحامين بالمغرب»

 

قال عبد الواحد الأنصاري، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، إن «الجمعية ستعقد لقاءات مع المتدخلين في مجال العدالة، وخصوصا السلطة القضائية والوزير الوصي على القطاع، وهي اللقاءات التي سيتم فيها التباحث بشأن عدد من الملفات التي تهم مرفق العدالة بشكل عام وأوضاع ممارسة مهنة المحاماة بشكل خاص»، حسب المتحدث، الذي أشار إلى أن «مواقف الجمعية، بمكتبها الجديد، في عدد من المواضيع، سنبنيها انطلاقا من مخرجات اللقاءات القادمة»، موضحا أنه سيتم عقد اجتماع بين جمعية هيئات المحامين والوزارة الوصية، الأسبوع القادم، من أجل «التباحث في عدد من الملفات التي تهم القطاع، ولتوضيح الرؤية بخصوص عدد من المواضيع ومطالب المحامين».

وبخصوص واقع قطاع العدالة ومهنة المحاماة، قال الأنصاري إن «المشكل اليوم ليس في رصد الواقع، فواقع القطاع يعبر عن نفسه، لكن الرهان هو معالجة عدد من الاختلالات التي نلاحظها كمحامين في الميدان»، مشددا على أن «الجانب الاجتماعي، بالنسبة لجمعية هيئات المحامين، مرتبط بمدى استمرارية التعاضدية في أداء مهامها»، مؤكدا على أن جانب الحماية الاجتماعية للمحامين «جانب مهم في الملفات التي تشتغل عليها الجمعية، إذ نعتبر أن الحماية الاجتماعية هي العنصر الأساس في الشق السوسيو اقتصادي للمحامين، ولا يقل أهمية عن الجانب المهني المتعلق بالممارسة، وكرامة المحامين مرتبطة ارتباطا وثيقا بهذا الجانب»، حسب الأنصاري، الذي أوضح أن هذا الملف «سيكون على رأس الملفات التي سيتم عرضها خلال اللقاء مع وزارة العدل، ونحن نخاطب الحكومة عبر وزارة العدل في هذا الموضوع الاجتماعي».

وأبرز الأنصاري أن «الجانب الاجتماعي للمحامين يمثل أولى الأولويات بالنسبة للجمعية»، مضيفا «نحن نتمسك بقوة بتعاضدية المحامين، واستمرار الاستفادة من خدماتها، وتأديتها لأدوارها، بل والانتقال من التغطية الصحية إلى معالجة جانب اجتماعي مهم، وهو التقاعد»، مضيفا أن «الجمعية تمد يد العون لباقي الأجهزة المعنية بالقطاع من أجل تنظيم هذا الجانب المتعلق بتقاعد المحامين، لأن الوضعية حاليا غامضة، ولأن المحامين لا يستفيدون من تقاعد يضمن كرامتهم بعد سنوات من الاشتغال»، مشيرا إلى أن «وزير العدل، الذي تحدث عن الجانب الضريبي للمحامين، تحدث حينها كمحام، وهو يعرف معاناة المحامين في هذا الجانب، وسنكون سعداء إذا حققنا ما كان قد تحدث عنه بخصوص تنظيم هذا الجانب».

 

*رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب

ثلاثة أسئلة  يونس قربي*

 *الكاتب العام لمكتب اتحاد المحامين الشباب بهيئة الرباط

 «احتجاجنا على وضع العدالة بشكل عام وليس فقط وضعية مهنة المحاماة»

 

 

  • ما دواعي تنظيمكم لوقفات احتجاجية بالمحاكم؟

إن الوقفات الاحتجاجية التي دعت إليها فيدرالية جمعيات المحامين الشباب بالمغرب، وهي الفيدرالية التي تمثل تنظيما يضم 14 جمعية على صعيد هيئات المحامين بالمغرب، وهي بمثابة تنسيقية بين هذه الهيئات، جاءت بعد اجتماع للفيدرالية، وبعد تشخيص لواقع قطاع العدالة بالمغرب بشكل عام، لذلك فهذه الخطوات الاحتجاجية السابقة والتي ستأتي، ليست فقط من أجل وضعية المحامين والمحاماة في المغرب، بل هي أيضا احتجاج على وضع العدالة بشكل عام، خاصة القضاء، وكان هدف الفيدرالية في الأول هو فتح نقاش، ومن خلاله قمنا بتشخيص الواقع، وقد طرقنا عددا من الأبواب، ووجهنا عددا من الرسائل، لمؤسساتنا بالدرجة الأولى، وكل من يهمهم الأمر عن طريق البلاغات الرسمية العمومية، وقد تطرقنا في تشخيصنا لواقع العدالة إلى الوضع الحقوقي، وطالبنا بضمان حرية التعبير، وعدم التضييق على حرية الرأي، كما وقفنا على واقع الفساد والسمسرة الذي ينخر قطاع العدالة. وهنا نتوجه بالدرجة الأولى إلى بيتنا الداخلي، قطاع المحاماة، بالإضافة إلى باقي القطاعات المتدخلة في مرفق العدالة، ونحن في هذا الباب طالبنا بعدة أمور ترتبط بالأساس بقانون مهنة حداثي ويواكب العصر، وأيضا قانون المسطرة المدنية وقانون جنائي يجيب عن عدد من النواقص، بالإضافة إلى مطالبنا بإلغاء المحاكمات عن بعد، والتي نرى أنها لا تحقق مبدأ المحاكمة العادلة، بالإضافة إلى مجموعة من الشعارات المرتبطة بالشق الاجتماعي والمهني والحقوقي.

ولتسليط الضوء على مطالبنا خضنا عددا من الخطوات الاحتجاجية قبل الخروج في الوقفات الأخيرة، حيث سبق وقررنا الاشتغال داخل المحاكم بدون الياقة البيضاء، وذلك كأسلوب احتجاجي راق، كما ارتدينا كمامات موحدة تحمل شعار ميزان مائل، للتعبير عن احتجاجنا على واقع العدالة (الميزان) المختل، غير أنه على الرغم من تلك الخطوات لم نجد أي استجابة سواء من مؤسساتنا، ولا من الهيئات المعنية، وهو الأمر الذي دفعنا إلى إقرار خطوات تصعيدية تمثلت في 14 وقفة احتجاجية على مستوى جميع محاكم المملكة.

 

2- ما المؤشرات الإيجابية التي ترون أنها كفيلة بإعادة الهدوء للقطاع؟

لعل أول الأمور التي قد نعتبرها مؤشرا نحو التجاوب مع الحركة الاحتجاجية التي أعلناها، فتح الجهات المعنية لباب الحوار معنا، والجلوس من أجل البحث عن حلول لمعالجة هذه النقاط التي أشرنا لها والاختلالات التي تواجه مرفق العدالة بشكل عام، وقد سلكنا عددا من الخطوات من قبيل طلب كنا قد وجهناه لوزير العدل السابق من أجل الجلوس إلى طاولة الحوار، غير أننا نصدم بمواقف المسؤولين، وإغلاق باب الحوار مقابل التسويف، تحت ذرائع، في حين أن هناك عددا من النقاط التي قد لا تتطلب سوى إرادة حقيقية لمعالجتها، كملف العدالة الضريبية، وقد سطرنا مطالبنا وفق تراتبية زمنية، إذ إن هناك بعض المطالب التي تمكن معالجتها على المدى القريب والمتوسط والبعيد. وبخصوص الأولى التي قد نرى في الاستجابة لها مؤشرا إيجابيا، هناك مطلب إلغاء المحاكمات عن بعد، ووقف المتابعات بسبب التعبير عن الرأي، محاربة السمسرة والفساد داخل المحاكم، وهو المطلب الذي لا يحتاج لا إلى نصوص قانونية ولا إلى تشريعات، وهي موجودة بالفعل، بل تنزيل هذه القوانين لمعاقبة أولئك «المفسدين» الذين يفسدون مهنة العدالة ومهنة المحاماة.

 

3- ما أفق احتجاجات المحامين الشباب، خصوصا في العلاقة بهيئات المحامين؟

تجب أولا الإشارة إلى أن الفيدرالية تشتغل في إطار الاحترام التام للمؤسسات التي هي الهيئات السبع عشرة، والجمعية باعتبار أنها المخاطب التقليدي باسم المحامين بالمغرب، ونحن في الفيدرالية لن نسمح لأنفسنا أن نتخذ خطوات تصطدم مع مؤسساتنا، ونعتبر أن هذه الحركات الاحتجاجية تعني أيضا مؤسساتنا، وقد وجهنا لها رسائل من أجل أن تقود هي هذه الخطوات الاحتجاجية، ونحن نتمنى أن تتبنى الجمعية والهيئات مطالبنا، وهي، بالمناسبة، مطلب الجمعية أيضا، وهي من مخرجات مؤتمرات الجمعية، ولم نأت بها من فراغ، ونحن في الفيدرالية لا نصبوا إلى تصعيد الاحتجاج إلى حد شل مرفق العدالة، لكن إذا استمر تجاهل مطالبنا، سنقرر خطوات أكثر قوة من هذه الوقفات الرمزية.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى