القنيطرة: المهدي الجواهري
يعيش القطاع الصحي بمدينة القنيطرة على صفيح ساخن، بعد تزايد الاحتقان في صفوف الأطقم الطبية التي وجهت انتقادات للمندوب الإقليمي للصحة حول طريقة توزيعه أظرفة مالية على بعض الأطر الصحية المقربة له وإقصاء البعض، خاصة منها التي توجد في الصفوف الأمامية لمواجهة وباء كورونا.
وقالت مصادر نقابية لـ«الأخبار»، إن المندوب الإقليمي تصرف بطريقة مزاجية في منحة مالية ضخمة تسلمها من عمالة القنيطرة لمكافأة الأطر الصحية لما تبذله من مجهودات وما تقدمه من تضحيات في مواجهة أخطار فيروس كورونا.
وفجر موظف بمندوبية الصحة بالقنيطرة خبايا توزيع هذه المنح التحفيزية، مستغربا من إقصائه من لائحة المستفيدين رغم أنه كان من بين الصفوف الأمامية لمحاربة وباء كورونا، مضيفا أنه قام عبر سيارة إسعاف بنقل ما يزيد عن 40 مصابا إلى مستشفيات الرباط، كما نقل ما يزيد عن 20 ألف تحليلة مخبرية إلى مختبرات الرباط، ناهيك عن نقل المعدات الطبية واللوجيستيكية إلى مندوبية الصحة بالقنيطرة بالإضافة إلى أعمال أخرى، إلا أنه تم استثناؤه من المنحة التحفيزية، مطالبا السلطات الإقليمية بإنصافه ولو بدرهم رمزي.
وأفادت مصادر نقابية بأن المندوب الإقليمي للصحة بالقنيطرة ورط نفسه في توزيع مبالغ مالية على بعض الأطباء وصلت إلى 5 آلاف درهم لكل واحد منهم، دون احترام الضوابط الإدارية والمحاسباتية، والتي تستوجب وضع المنحة التي توصل بها من عمالة القنيطرة بصندوق المندوبية وتسجيلها ضمن المنح وقيمتها وفق المساطر المعمول بها. وزادت مصادر «الأخبار» أن طريقة توزيع المنح كانت خارج الضوابط الإدارية والمالية وتفوح منها رائحة المحسوبية والزبونية.
ودخلت الهيئات النقابية على خط هذه القضية، حيث أصدرت كل من الكنفدرالية والفدرالية الديمقراطية للشغل بيانا مشتركا حصلت عليه «الأخبار»، استنكرتا فيه ما سمتاه ممارسات المندوب المستفزة التي ضربت عرض الحائط كل المجهودات والتضحيات الجسام التي يبذلها رجال ونساء الصحة بالإقليم منذ الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية، وبخست الدور الفعال لكل المهنيين كل من موقعه في التصدي ومواجهة هذه الجائحة، مع الحفاظ على النسق العادي لسير المؤسسات الصحية والاستشفائية، وهو ما يستدعي، حسب بيان الهيئتين النقابيتين، من الوزارة الوصية إيقاف العبث بالمال العام، مستنكرتين الصمت المريب لوزارة الصحة وتسترها على ما سمتاه الفضائح المتتالية لمندوب القنيطرة.
واعتبرت الهيئتان النقابيتان أن توزيع مندوب الصحة بالقنيطرة منحا مالية في أظرفة بمكتبه على مجموعة من الأطر الصحية وإقصاءه لفئة عريضة من المهنيين، هو مثار شبهات حول طريقة تدبير المال العام، موضحتين أن هذا السلوك تطبعه المزاجية في التعامل مع الوضعية الصحية الاستثنائية التي يعيشها العالم والمغرب خصوصا، والتي تقتضي من مدبري الشأن الصحي الإقليمي القطع مع الممارسات السابقة والسهر على تنزيل مقتضيات الحكامة بكل تجرد وحيادية، بعيدا عن المزايدات والمضاربات بصحة المواطنين في ظرفية حساسة لم تزد الوضعية الصحية إلا احتقانا بعد تعبير الشغيلة عن سخطها من سلوكات المندوب الذي أصبحت تنعدم فيه، حسب بيان المنظمتين النقابيتين، شروط المسؤولية المبنية على الإجماع وثقة الموظفين.
وأكدت مصادر لـ«الأخبار»، أنه أمام هذه الانتقادات المتوالية من قبل الهيئات النقابية، والتي وضعته في ورطة مالية، بادر مندوب الصحة إلى استدعاء المستفيدين من المنح قصد استرجاع المبالغ المالية، فيما أفادت مصادر الجريدة بأن البعض تلكأ في الاستجابة لطلب مندوب الصحة.
هذا، واتصلت «الأخبار» بمندوب الصحة مرارا لاستفساره حول ما جاء على لسان الهيئات النقابية بخصوص توزيعه لهذه المنح على بعض الأطر الطبية واستثناء أخرى، إلا أن هاتفه ظل خارج التغطية.