كشف مصدر موثوق أن إدارة مؤسسة التعاون الوطني شهدت، خلال الأسبوع الماضي، تبادلا للاتهامات بين المسؤولين، مباشرة بعد إثارة «الأخبار» لملف الدعوى القضائية التي خسرتها المؤسسة لفائدة شركة «ليديك» بالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، الأمر الذي دفع حينها مدير المؤسسة المهدي وسمي إلى التعبير عن امتعاضه من الأخطاء الجسيمة للمنسق الجهوي للتعاون الوطني بجهة الدار البيضاء- سطات، بعدما توصلت إدارة المؤسسة عبر الوكالة القضائية للمملكة بنسخة من الحكم الابتدائي عدد 8169 الصادر بتاريخ 22/04/2019 عن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، في الملف عدد 2526/1203/2019 القاضي في منطوقه بأداء مؤسسة التعاون الوطني لفائدة «شركة ليديك» أكثر من ثمانية ملايين سنتيم مع احتساب الفوائد القانونية منذ تاريخ صدور الحكم.
وفي الوقت الذي عمد بعض المتورطين في فضيحة الحكم القضائي إلى تحميل المسؤولية في هذ الخطأ الجسيم لـ«جواد الكايدي» المندوب الحالي للمؤسسة بمولاي رشيد والمندوب الإقليمي السابق بعين الشق، فقد فضح هذا الأخير، عبر تقرير مفصل تم إرساله إلى مدير مؤسسة التعاون الوطني بالرباط (حصلت «الأخبار» على نسخة منه)، (فضح) مجموعة من الخروقات الخطيرة، ووجه اتهامات صريحة بالتلاعب و سوء التصرف في أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من طرف «ح.ك»، رئيس مصلحة الدراسات بالإدارة المركزية، والذي سبق له تسيير مندوبية عين الشق وأشرف على توقيع اتفاقية شراكة ودعم بين اللجنتين الإقليمية والمحلية للتنمية البشرية من جهة، ومندوبية عين الشق من جهة ثانية بتاريخ 09 ماي 2008، حيث كشف «جواد الكايدي»، مندوب التعاون الوطني بمولاي رشيد، أنه تم تحويل الدعم بقيمة 3.710.000,00 درهم (371 مليون سنتيم) بحساب بنكي مفتوح بالتجاري وفابنك تحت رقم 007780000000687830007275، مثلما كشف حقيقة إبرام اتفاقية شراكة ثانية بتاريخ 18 يونيو 2010 بين نفس الشركاء، بهدف استكمال بناء وتجهيز المركب الاجتماعي للتنمية البشرية سيدي مسعود، بدعم من مالية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بلغت قيمته حوالي 804.964,00 درهما.
وكشف التقرير ذاته أن مقررا سابقا لإدارة التعاون الوطني يحمل رقم 419 صادر بتاريخ 3 يوليوز 2008، تم بموجبه تفويض صلاحيات تدبير الحساب البنكي المفتوح بالتجاري وفابنك للسيدين «حس كاوز» مندوب عين الشق آنذاك، و«خالد قطار» شسيع المداخيل بالمندوبية، خلال الفترة المعنية باتفاقية الشراكة، التي كانت تهم إحداث خمسة مركبات اجتماعية للتنمية البشرية بعمالة عين الشق، من ضمنها إحداث المركب الاجتماعي سيدي مسعود، في الوقت الذي فضح التقرير ذاته أهم الاختلالات التي شابت إعلان طلب عروض الأثمان من أجل البناء، من خلال الصفقة التي نالتها شركة SOBADIT بمبلغ 3.181.896,00 درهما، وحصلت على أمر الشروع في العمل في 24 يناير 2011 لمدة سنة، استفادت معه الشركة من سداد خمسة أقساط مؤقتة بالتوازي مع تقدم الأشغال بلغت في مجموعها ما قيمته 1.779.496,61 درهما، وتم سداد آخر قسط منها بتاريخ 11 أكتوبر 2011، قبل أن تتوقف هاته المشاريع بعد أسبوعين من آخر دفعة، مباشرة بعد انتقال «حسن كاوز» للعمل بالقنيطرة بتاريخ 25 أكتوبر 2011، في وقت أشارت المراسلة التي توصلت بها مندوبية التعاون الوطني المعنية بالموضوع، من طرف مدير التعاون الوطني (بالنيابة) آنذاك عبد الجليل الشرقاوي (رسالة 7193 بتاريخ 21 شتنبر 2012)، إلى التأكيد على أن تدبير أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تم خارج المساطر القانونية الجاري بها العمل، والمؤطرة بمقتضى القانون 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المؤسسات العمومية والمنشآت العامة، وسط تساؤلات عن السر وراء صمت مدير مؤسسة التعاون الوطني والوزارة الوصية عن القطاع والجهات المتدخلة، عن سلك إجراء توجيه شكاية مباشرة للسلطات القضائية المختصة من أجل ترتيب المسؤوليات القانونية، بعدما أكدت التقارير الإدارية لمفتشية التعاون الوطني وجود اختلالات وخروقات في صفقات بناء المركبات الاجتماعية بالنفوذ الترابي لمقاطعة عين الشق.