شوف تشوف

الرأي

اتحاد السواعد وتآزر القلوب ضد الوباء

سعيد بوطويل

اجتاح وباء كورونا العالم من دون اعتراف بالحدود ولا بالجنسيات؛ انتشر بسرعة الريح وما استطاع الإنسان صده؛ فقد تأملنا في هذا المصاب إلى أن أدركنا ضعفنا وقلة حيلتنا.. ورجاؤنا في قدرته سبحانه ورحمته؛ وعظمة شعبنا تبقى الملاذ…
وإن كان رب العزة والملكوت يأمرنا بألا نلقي بأنفسنا إلى التهلكة، فعلينا الطاعة والامتثال بالتفكير في كل التدابير التي من شأنها أن تقينا التهلكة..
فقوا أنفسكم وأهليكم هذا الوباء الفتاك.. وارحموا تعب وعناء وشقاء ملائكة الرحمة وفرسان الأمن وجنوده لأجلكم، فقد تركوا أسرهم ليضحوا بسلامتهم وحياتهم لأجل مساعدتكم.. فساعدوهم فقط بالامتناع عن الخروج والتجمع.. الزموا بيوتكم ولا تتهاونوا أو تستسهلوا خطورة الداء…
حافظوا على إخوتكم وانشروا الوعي بسلوككم وتعاملكم… تآزروا وتعاونوا في هذه المحنة وساعدوا بعضكم.. فمن مغاربتنا من لن يستطيع تدبر قوت عيشه بركود تجارته البسيطة، أو إغلاق منافذ رزقه.. إنها الفرصة للتقرب إلى الله لعله يغفر ذنوبنا. فإن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.. فإسلامنا فخرنا وعزتنا.. فجميعا ومعا لأجل التكافل الاجتماعي، الذي برهن عليه المغاربة في هذه الظرفية وأكدوا فعلا على أنهم شعب عظيم بكل شيء؛ بإيثاره وتناغمه وتماسكه كالبنيان المرصوص.
واعترافا بالجميل لا بد أن نرفع قبعة الاحترام والتقدير للدولة المغربية، التي نفتخر بوطنيتنا وانتمائنا لها والتي أبانت عن شجاعة في حماية مواطنيها ووضعت نصب عينيها أبناءها ولا شيء غيرهم.. فأن يقرر المغرب ومنذ ظهور الحالات الأولى للإصابة بالفيروس، تعليق الرحلات وإغلاق الحدود مع أعظم الدول، وإغلاق المساجد والمحلات والمقاهي والمدارس.. أمر عظيم وقرار حكيم لم تجرؤ عليه سابقا الدول المتقدمة.. وأن يأمر جلالة الملك بالإحداث الفوري لصندوق خاص لتدبير ومواجهة وباء فيروس كورونا، للتكفل بالنفقات المتعلقة بتأهيل الآليات والوسائل الصحية ولدعم الاقتصاد الوطني، للحفاظ على مناصب الشغل والتخفيف من التداعيات الاجتماعية… قرار إنساني وعلينا أن نقف كشعب رجلا واحدا، لأجل أن نبرهن عن نبل أخلاقنا وسمو إنسانيتنا في التكافل للتخفيف من تلك التداعيات الاجتماعية المحتملة.
فالمغرب بالقيادة الرشيدة لصاحب الجلالة، لم يبال إلا بصحة وسلامة شعبه أولا وأخيرا.
والله إن الأمر ليذكرني بملحمة وطنية خالدة، ألا وهي ثورة الملك والشعب التي جمعت ملكا مجاهدا وشعبا مناضلا ملتحما؛ فالتحامنا متجذر في وطنيتنا التي تحدث عنها العالم؛ فكم لنا الفخر بأن يصنف المغرب الأول عالميا من قبل منظمة «غالوب» الأمريكية، لتقديم الاستشارات والبحوث الإحصائية التي صرحت بأن «الشعب المغربي هو الأكثر استعدادا للتضحية بكل ما أوتي، من أجل الدفاع عن ثوابت الوطن ووحدته»؛ فلندافع عن الوطن ضد العدو الوبائي الذي فتك بصحة وسلامة الشعوب.
وإن كان جلالته وحكومة المغرب قد أبانا عن هذا الارتباط الوثيق بالشعب، وحرصا على المواطنين حرص الأم على رضيعها والأب المسؤول عن أسرته… فالآن يبقى دور الشعب العظيم الفيصل في تحقيق الحماية، وتأكيد اللحمة بين الشعب والملك بالامتثال الطوعي لكل التدابير الوقائية التي لم يكن الهدف منها سوى حمايته.
هيا أيها الشعب العظيم لنبهر العالم بسمو أخلاقنا وحضارة ونبل سلوكنا، فليس ذلك بجديد ولا عزيز عليك. فلنظهر للعالم بأجمعه أن تقدم الدول وتحضرها ليس أساسا في مكننتها العالية واقتصادها الرقمي، وإنما في الوعي والتحضر السلوكي والمعاملاتي والتلاحم الإنساني والوطني، في الوقت الذي تنعدم فيه فائدة الآلة والمال…
إننا فخورون دائما وأبدا بمغربيتنا وإحساسنا بالأمان، كيف لا ولنا أب حنون في عطفه، حكيم في قراراته، مسؤول عن رعيته هو ملكنا الهمام الذي لم يدخر جهدا في حماية شعبه والرقي به.
فلنظهر يا شعب المغرب رقينا وحضارتنا وتكافلنا وانسجامنا روحا وجسدا، فنحن أمام امتحان يسجله التاريخ ويكتبه لنا أو علينا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى