شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

إيران تتربص بالمنتخب

 

مقالات ذات صلة

 

 

حسن البصري

 

«بروزيين» ليس ماركة دواء مقاوم لصداع الرأس، بل هو اسم المعد الذهني للمنتخب الوطني للناشئين، الذي يخوض في إندونيسيا منافسات كأس العالم، وينتظره بعد ساعات خصم ملغوم اسمه إيران.

لكن لا فرق بين صداع الجسد وصداع الدماغ، فالدكتور مجيد بروزيين، المعد الذهني للفريق الوطني، يخصص للاعبي المنتخب جلسات فردية وجماعية لتفريغ شحنات الضغط قبل مواجهة الفارسيين.

في مقر إقامة الفريق الوطني وفي ملعب التداريب، يشرع المعد الذهني في شحن البطارية الذهنية لكل لاعب، من خلال المرافقة السيكولوجية التي تقتضي معرفة دقيقة بخبايا كل لاعب، رغم أن كثيرا من رؤساء الفرق هم الأجدر بمعدين ذهنيين ينزعون منهم فتيل «الأنا» الأعلى.

لا يعرف لاعبو المنتخب المغربي للناشئين قصة التوتر الجيوسياسي بين طهران والرباط، ومنهم من لا يعرف إيران وتركستان وكابرنستان، بالرغم من الأهمية السياسية للمباراة، خاصة وأن المواجهات المغربية الإيرانية في كرة القدم أو في الشطرنج تستنفر طهران.

قبل مواجهة المنتخب المغربي، كشف زميلنا سفيان موفد الرياضية في سوربايا، عن امتناع المنتخب الإيراني عن إجراء أول حصة تدريبية في هذه المدينة، بسبب تأخر وصول أمتعته الرياضية. ليست مؤامرة إمبريالية طبعا أن يحصل تأخير في شحن الأمتعة الرياضية من مطار لمطار، لكن إذا كان الخضم هو المغرب فالحرس الثوري سينجز تقريره السري لا محالة حتى ولو تعلق الأمر بمنافسة رياضية.

في زمننا، يفكر حكام إيران في دعم الميليشيات الرياضية، بعدما أضاعوا وقتهم وجهدهم في دعم بشار ونصر الله والحوتي والقسام وتبون وكل من ظهرت عليه أعراض العداء للمغرب.

ولأن الكرة أصل بلاء السياسة، فإن الإيرانيين نظموا، نكاية في بلدنا، مباريات مع المنتخبات الجزائرية، ظاهرها ود وباطنها «قلي السم» في زيت المحركات، وبموازاة مع هذه المباريات جرت لقاءات أخرى في سفارة إيران بالعاصمة الجزائرية، وزيارات لمخيمات الانفصاليين، حيث وعدت طهران بدعم برنامج «رياضة ودعاية» وتحويل الكرة إلى قنابل عنقودية محشوة بالبارود، تحيي الروح الرياضية.

كان المغرب وإيران حليفين في السياسة والرياضة، قبل أن يسيطر الخميني وأتباعه على السلطة الدينية والسياسية، فقد سافر المنتخب المغربي مرارا إلى طهران لإجراء مباريات ودية ضد نظيره الإيراني، وقضى منتخبنا بعد عودته من مونديال المكسيك شهرا كاملا في ضيافة الإمبراطورية الإيرانية، بل إن شاه إيران محمد رضا بهلوي تابع سنة 1966 بالملعب الشرفي بالدار البيضاء نهاية كأس العرش بين المغرب الفاسي والنادي المكناسي، والتي شهدت تألق المهاجم حمادي حميدوش عميد «الكوديم» الذي تسلم الكأس الفضية من يد شاه إيران.

وقبل أن يغادر المنصة، التفت الشاه إلى سفيره في الرباط، وطلب منه توجيه دعوة للفريق المكناسي من أجل زيارة إيران. لم يكن الشاه يعرف أن الحزن يلف اللاعبين بسبب نزولهم إلى القسم الثاني، ولم يلب الدعوة سوى لاعب واحد هو العميد حمادي حميدوش، الذي اعتبرها فرصة لا تعوض لزيارة أرض فارس.

«ذا كان زمان»، حين كانت علاقتنا بإيران سمنا على عسل، قبل أن يضع فيها الروحانيون سما زعافا، ويتصدون بالفتاوى لكل صوت رافض، مطالبين بمصادرة اللسان واعتقاله في الثغر، قبل أن يصادروا الأقدام.

خير طريقة لتفادي تشنجات المواجهة الإيرانية المغربية هو تفادي «تهويل» المواجهة، ورسم صورة أخرى للاعبي إيران، وتحويل الضغط النفسي إلى معتركهم، لأنهم يعلمون أن خسارة أمام المغاربة غير قابلة للهضم وقد تنتهي بمحاكمة في الشارع العام.

لو كنت معدا ذهنيا لنظمت للاعبين زيارة إلى جزيرة كومودو الأسطورية، التي أضيفت إلى عجائب الدنيا السبع وأصبحت ثامنتها، هناك يمكن لأبنائنا الاستمتاع بالتنين قبل مواجهة التنين الفارسي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى