الأخبار
بعد ثلاثة أيام من البحث التمهيدي والمواجهات الحارقة، تمت إحالة رئيسة جمعية أمان للتنمية المستدامة وخمسة من مساعديها بالجمعية، مساء الجمعة الماضي، على أنظار النيابة العامة المختصة بمحكمة جرائم الأموال بفاس. وبعد الاستماع إلى المتهمين من طرف نائب الوكيل العام، تمت إحالتهم على قاضي التحقيق، الذي قرر إيداع المقاولة (ف.أ)، رئيسة جمعية أمان للتنمية المستدامة، سجن بوركايز، من أجل متابعتها في حالة اعتقال، رفقة ثلاثة أشخاص، بينهم أمينة مال الجمعية وهي مسيرة مكتبة (ح. ف)، وطالب (أ.م)، و(ع. ط)، منشط بمنصة الشباب.
وبخصوص باقي المتهمين في الملف، قرر القاضي المكلف بالتحقيق في جرائم الفساد المالي بمحكمة الاستئناف بفاس متابعتهم في حالة سراح، ويتعلق الأمر بشقيقة رئيسة الجمعية والمسماة (س.أ)، وهي موظفة بعمالة مكناس تمت متابعتها في حالة سراح، بعد أداء كفالة مالية، بلغت 10 آلاف درهم، كما تابع مقاولا (ع. إ) في حالة سراح، مع دفع كفالة مالية ناهزت 40 مليون سنتيم، أما (ع. ب) وهو متصرف بعمالة صفرو فتقرر عدم متابعته مع حفظ المسطرة. كما حرر قاضي التحقيق مفتشا للتعليم، وهو عضو في الجمعية، من المتابعة القضائية، بعد الاستماع إليه.
وحسب مصادر موثوق بها، وجهت النيابة العامة وقاضي التحقيق تهما ثقيلة إلى المتهمين كل حسب المنسوب إليه، وهي اختلاس أموال عمومية والتزوير في محررات عرفية واستعمالها وأخذ الفائدة من مشروع يتولون إدارته، وكذلك تهم اختلاس وتبديد أموال عامة والمشاركة واختلاس أموال عمومية.
وكان النسيج الجمعوي الوطني والمحلي بجهة فاس تحديدا اهتز، مساء الثلاثاء الماضي، على وقع فضيحة من العيار الثقيل، بعد إيقاف رئيسة جمعية مشهورة على الصعيد الوطني رفقة ثلاثة من أعضاء المؤسسة، بينهم أمينة المال المقربة من رئيسة الجمعية، قبل أن تسقط الأبحاث ثلاثة متهمين آخرين، بينهم شقيقة وزوج رئيسة الجمعية.
وحسب معطيات حصرية نشرتها “الأخبار”، فإن اعتقال رئيسة جمعية أمان للتنمية المستدامة ومعاونيها جاء بناء على تحريات أمنية دقيقة لعناصر “الديستي”، قادت مصالح الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بكل من الرباط وفاس إلى اكتشاف اختلالات جد خطيرة تتعلق باختلاس أموال عامة مقدمة من طرف مؤسسات عمومية وقطاعات حكومية إلى الجمعية، من أجل تنزيل برامج الدعم المدرسي الرامية إلى محاربة الهدر المدرسي بالعالم القروي، وأسفر هذا التنسيق عن إيقاف رئيسة الجمعية بالعاصمة الرباط، حيث تم وضعها رهن الحراسة النظرية، رفقة أمينة مال المؤسسة وعضوين جرى اعتقالهم بكل من فاس وصفرو، قبل عرضهم على النيابة العامة المختصة بقسم جرائم الأموال بفاس.
وتفيد معطيات الملف بأن الجمعية المعنية كانت تنشط في مجال الدعم المدرسي ومحاربة الهدر المدرسي على الصعيد الوطني، عبر فروع كثيرة نجحت في تأسيسها في زمن قياسي، ما مكنها من الحصول على أموال ضخمة من الدعم المقدم من طرف المؤسسات العمومية، خاصة المتعلقة بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وكانت الجمعية تحظى بدعم كبير من طرف السلطات بالعديد من الأقاليم والعمالات، بالنظر إلى الاهتمام الرسمي الوطني بقضايا التعليم ومحاربة الهدر المدرسي، حيث كان يحضر مسؤولون كبار في السلطة والمديرون الإقليميون لوزارة التربية الوطنية ومسؤولو الأقسام الاجتماعية بالعمالات والأقاليم حفلات الافتتاح وإعطاء الانطلاقة لبرامج الدعم التي أشرفت عليها الجمعية، خاصة خلال فترة ما بعد جائحة كورونا، قبل أن تتفجر فضيحة التجاوزات المشبوهة في تنزيل برامج الدعم المدرسي، وشبهة الاختلاسات المالية بإقليم صفرو، حيث وضعت المصالح الأمنية المختصة الجمعية المذكورة تحت المجهر، لتفرز التحريات لاحقا فضائح بالجملة تتعلق بشبهة اختلاس المال العام .
وحسب مصادر “الأخبار”، نجحت رئيسة الجمعية في اختراق مؤسسات عمومية، وحصلت على هبات ودعم مالي كبير، مقابل تعهدها بتنفيذ برامج للدعم المدرسي ومحاربة الهدر المدرسي التي بقيت حبرا على ورق، ولم تشمل آلاف التلاميذ والأطفال الذين كانت تدرجهم ضمن إحصاءات رسمية كمستفيدين من البرنامج، في الوقت الذي كانت تحرص على تنظيم مهرجانات وندوات تتخللها مظاهر البذخ والإنفاق المثير، كما حدث منتصف الشهر الجاري مع تنظيم الجمعية لمنتدى إفريقي بفندق مصنف بفاس، حضره حوالي 1200 ضيف على مدى ثلاثة أيام، بينهم ممثلو هيئات دبلوماسية إفريقية وأوروبية.
وارتباطا بالملف نفسه، كانت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمدينة فاس فتحت، الثلاثاء الماضي، بحثا قضائيا تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وذلك لتحديد الأفعال الإجرامية المنسوبة إلى رئيسة جمعية وثلاثة من أعضائها، يشتبه في تورطهم في اختلاس أموال عامة مقدمة في إطار عمليات الدعم العمومي.
وأضاف المصدر الأمني أنه تم إيقاف المشتبه فيهم بشكل متزامن بكل من فاس والرباط وصفرو، في عمليات أمنية أشرفت عليها عناصر الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بكل من فاس والرباط، وبتنسيق ميداني مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.
وحسب المصدر ذاته، فإن الأشخاص الموقوفين يشتبه في تورطهم في اختلاس دعم مالي قدمته مجموعة من المؤسسات العمومية إلى الجمعية التي يسيرها المشتبه فيهم، من أجل استغلالها في تقديم الدعم المدرسي للتلاميذ الموجودين بالمناطق القروية في إطار محاربة الهدر المدرسي.