مصطفى عفيف
مع اقترب كل موسم أمطار، تسود حالة من القلق داخل أوساط الرأي العام المحلي بسطات، للحديث عن مشاكل الفيضانات ومدى قدرة البنية التحتية والسدود التلية والحواجز على حماية المدينة وضواحيها من الفيضانات، بعد الوقوف على استمرار فضائح منح السلطات المختصة لتراخيص بالبناء لإقامة ملاعب رياضية وفضاءات ترفيه ومساكن ورخص لتسييج هذه المرافق، إلى جانب الرخص الممنوحة، في وقت سابق، ببناء مشاريع كبرى تتضمن وحدة فندقية ومحلات تجارية ومقاهي وملاهي أطفال وغيرها من المنشآت، غير بعيد عن مجرى واد بوموسى الذي يخترق سطات.
هذا الوضع عاد بأذهان قاطني المدينة إلى فيضانات الواد سنة 2002، حيث شهدت سطات فيضانات مدمرة وسيولا جارفة خطيرة ما زالت آثارها محفورة في ذاكرة سكان المدينة، مخلفة 40 غريقا، وقبلها فيضانات سنة 1995 وسيول فيضانات ستينات القرن الماضي.
وكشفت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» عن معطيات خطيرة حول ملابسات تجاهل إدارة الوكالة الحضرية بسطات الدراسات المنجزة التي اعتبرت مسار مجرى واد بوموسى بالمدخل الجنوبي، من أسفل المنطقة الصناعية على طول طريق مراكش، منطقة فيضانات، ومع ذلك رخصت السلطات بإنشاء مصانع عملاقة مثل «روكا» ومبان إدارية مختلفة على غرار مركز الوقاية المدنية ومعهد التكوين المهني ومقر المديرية الجهوية للتكوين ومصالح أخرى فوق مجرى الواد، إذ تعاقبت عليها عدة فيضانات خلفت خسائر كارثية متنوعة، ومع ذلك ما زالت سلطات سطات مستمرة في إعطاء تراخيص مختلفة بهذه المنطقة، كما هو الحال بحي البطوار الذي يمر منه واد بوموسى، حيث أقدم أحد المستثمرين، قبل سنوات، على بناء مركب سياحي على ضفة بحيرة البطوار دون احترام المسافة بين الواد وجدار المشروع. كما سلمت تراخيص بالبناء في الجهة المؤدية إلى طريق البروج بإقامة تجمعات سكنية وتجزئات عمرانية على طول سرير واد بوموسى في اتجاه وسط المدينة، التي اجتاحتها سنة 2002 سيول قوية خلفت خسائر كارثية في الممتلكات والأرواح.
وكشف المصدر عن خطورة الأمر من خلال منح رخصتين لإقامة ملاعب رياضية وفضاءات ترفيه وبناء مساكن وملاهي ألعاب أطفال وفضاءات استجمام، بحيث تعرف أشغال تهيئتها رمي ملايين الأطنان من مواد الردم بغية «تغيير تضاريس» سرير ومجرى واد بوموسى، وإعدام الغابة الحضرية بالمدخل الشمالي.
وأضاف المصدر نفسه أنه، إذا شهدت المنطقة عواصف قوية وسيولا جارفة، فإنها ستكون مهددة بخطر الفيضانات، علما أن المنطقة مصنفة «ملكا مائيا عاما» بمنظور وكالة الحوض المائي لأبي رقراق، ومصنفة منطقة فيضانات وفق مرسوم التهيئة المجالية رقم 2-12-202 الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6052 بتاريخ 31 ماي 2012، ومع ذلك أشرت اللجان المكلفة بدراسة المشاريع بالموافقة على إنجازها «كاملة» فوق مجرى سرير واد بوموسى، ما يطرح أسئلة كثيرة عن رأي الوكالة الحضرية تحديدا بصفتها تتمتع بصلاحيات إلزام الإدارات والمستثمرين بالتقيد الصارم بقانون حماية الملك العام المائي، وحماية السكان والممتلكات من الكوارث الطبيعية بعدم التأشير لها بالموافقة على إقامة مشاريع وتحت أي ظرف، طالما أنها تشكل خطورة على الأمن العام وتعرض المواطنين ومصالحهم للمخاطر.