محمد اليوبي
تشهد جل المدن المغربية، إضرابات واحتجاجات يخوضها التجار، بسبب شروع المديرية العامة للضرائب بوزارة الاقتصاد والمالية في تنفيذ المقتضيات الجديدة المنصوص عليها في مدونة الضرائب، التي تلزم الخاضعين للضريبة بالتعامل بالفواتير، حيث وصل صدى هذه الاحتجاجات إلى الجلسة الشهرية التي عقدها مجلس النواب، أول أمس الإثنين، لمساءلة رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني.
وينص قانون المالية على إلزام الخاضعين للضريبة بأن تكون الفواتير والبونات التي يصدرونها للإدلاء بها لمصالح الضريبة مهيأة بنظام معلوماتي معتمد، وبدأ العمل بهذه المقتضيات الجديدة منذ فاتح يناير الجاري، ولهذا، يطالب التجار بتعديل الفقرة الثالثة في المادة 145 من المدونة العامة للضرائب في قانون المالية، التي تنص على أنه “يجب على الخاضعين للضريبة أن يسلموا للمشترين منهم أو لزبنائهم فاتورات أو بيانات حسابية مرقمة مسبقا ومسحوبة من سلسلة متصلة أو مطبوعة بنظام معلوماتي وفق سلسلة متصلة يثبتون فيها عدد من البيانات المعتادة ذات الطابع التجاري”، كما تنص المقتضيات الجديدة وفقا للمدونة ذاتها على إلزامية الاحتفاظ بنسخ من الفواتير أو البيانات الحسابية طوال العشر سنوات الموالية، علاوة على توقيع عقوبات على التجار المخالفين وفقا للمواد 185 و191 المكررة و211، التي جاءت بجزاءات وغرامات في حق التجار المخالفين يصل بعض منها إلى نحو 50 ألف درهم عن كل سنة.
وخلال الجلسة البرلمانية، طمأن سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، التجار الصغار باعتبار أن قضية الفوترة التي أثارت الكثير من النقاش وكانت سببا لوقفات احتجاجية للمهنيين “لا تعنيهم في شيء لأن لديهم المحاسبة الجزافية”، مردفا أن “قانون مالية 2019 ليس فيه تغيير في قضية التعامل مع التجار، وأن المعني بالفوترة هم التجار الذين يشتغلون بالنظام المحاسباتي وليس أصحاب المحلات الصغيرة”، وأضاف العثماني أنه في اتصال مستمر مع وزير التجارة ووزير المالية على أساس أن يتم “فتح حوار مع فئة المهنيين للوصول إلى نتائج ترضي الجميع، وأنا مستعد لاستقبالهم”، مشيرا إلى أنه “حريص أتم الحرص على أن يجد لأي إشكال حلولا، فنحن لا نريد أن تتضرر أي فئة، في الوقت الذي يجب أن نحرص فيه في نفس الوقت على احترام القوانين”.
وفي سياق آخر، أكد العثماني أن تحسين القدرة الشرائية للمواطنين يوجد دوما في صلب اهتمام الحكومة، لارتباطه بالمعيش اليومي للأسر المغربية، وأبرز في معرض جوابه على سؤال حول موضوع “أية سياسة حكومية لتحسين القدرة الشرائية للمواطنين” خلال جلسة الأسئلة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس النواب، أن السياسة الاجتماعية للحكومة تروم تحسين مستوى عيش المواطنين والرفع من قدرتهم الشرائية، واستعرض، بهذه المناسبة، التدابير المتخذة في هذا المجال ومن بينها على الخصوص مواصلة دعم المواد الأساسية، بالموازاة مع إصلاح نظام المقاصة، بوصفه إصلاحا هيكليا، إذ خصصت الحكومة اعتمادات مهمة لدعم أسعار المواد الاستهلاكية من غاز البوطان والسكر والدقيق الوطني للقمح اللين، حفاظا على القدرة الشرائية للمواطنين، حيث بلغت الاعتمادات المرصودة لصندوق المقاصة 17,6 مليار درهم برسم ميزانية 2019.
ووجه الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب انتقادات كثيرة إلى الحكومة بسبب ما اعتبره تدني القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة وتجميد كثلة الأجور لسنوات وارتفاع الأسعار بشكل صاروخي خلال الفترة الأخيرة، “ما أدى إلى إفراز ظواهر اجتماعية تمس بكرامة الإنسان، من قبيل التسول والسرقة”، ودعا عضو الفريق، عبد العزيز لشهب، رئيس الحكومة إلى القيام بجولة في الأسواق المغربية للوقوف على حقيقة الأوضاع، وقال إن “الحكومة لا تتوفر على رؤية واضحة من أجل تحسين ظروف عيش المغاربة”، مشيرا إلى “فشل الحوار الاجتماعي وتجميد الأجور لأكثر من 10 سنوات وارتفاع الضغط الضريبي على المواطن والشركات”.