إقبال غير مسبوق على مباراة المدرسين بسبب إلغاء الانتقاء الأولي ورفع السن إلى 55 سنة
أمزازي قرر تجميد الامتياز الذي يحظى به خريجو مشروع الصمدي طيلة السنوات الماضية
قررت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، قطاع التربية الوطنية، الخميس الماضي، إلغاء الانتقاء الأولي أمام الراغبين في اجتياز مباراة توظيف الأساتذة من لدن الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. وأضافت الوزارة، في بلاغ لها، أنها «قررت فتح باب الترشيح في وجه جميع المترشحات والمترشحين المتوفرين على شروط الترشيح المحددة في الإعلانات التي أصدرتها الأكاديميات بهذا الخصوص». و«يأتي هذا الإجراء من أجل ضخ أفضل الكفاءات الموجودة بين الحاصلين على الإجازة في المنظومة التربوية وتعزيز تكافؤ الفرص باعتماد نتائج الاختبارات الكتابية»، يورد قطاع التربية الوطنية في الوزارة نفسها.
هذا القرار هو الثاني من نوعه في تاريخ الوزارة بعد قرار مشابه اتخذه قبل ست سنوات الوزير السابق محمد الوفا، عندما فتح مباراة ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين أمام كل حاملي الإجازة الأساسية أو ما يعادلها، دون اعتماد خطوة الانتقاء الأولي، والجاري به العمل في كل المباريات الخاضعة لمناصب محددة سلفا.
شد الحبل بين أمزازي والصمدي
أكدت مصادر «الأخبار» أن قرار إلغاء الانتقاء الأولي هو فصل من فصول «شد الحبل» بين سعيد أمزازي و«زميله» خالد الصمدي، الذي يقف شخصيا وراء مجموعة من المشاريع الفاشلة الخاصة بالتكوين، أبرزها مشروع تكوين 10 آلاف إطار ومشروع تكوين 25 ألف إطار، والتي انتهت كلها إلى الفشل بسبب عجز الحكومة عن إيجاد فرص شغل تناسب نوعية التكوينات التي تلقاها هؤلاء. وأضافت المصادر ذاتها، أن الصمدي، ومنذ ظهور فضيحة تكوين عشرة آلاف إطار، والذين لم يتم توظيفهم في القطاع الخاص كما كان مسطرا، حيث لم يتجاوز عدد الذين تم توظيفهم مائة خريج فقط، فإنه حرص على إعطاء الأسبقية لخريجي هذا المشروع فضلا عن باقي المشاريع الأخرى التي يقف كاتب الدولة شخصيا خلفها، وذلك لانتزاع فتيل الاحتجاجات، وبالتالي الحيلولة دون تصدر اسمه عناوين الأخبار، بصفته مهندسا متخصصا في المشاريع الفاشلة، بتعبير المصادر ذاتها، التي أكدت أنه منذ ثلاث سنوات حرص الصمدي على إدماج خريجي مشاريعه الفاشلة في قطاع التعليم، بشكل يضعف الحركات الاحتجاجية التي ينظمها خريجو هذه المشاريع، والذين يطالبون بالإدماج في سلك الوظيفة العمومية، وذلك بإعطاء هؤلاء ميزة الإعفاء من الانتقاء الأولي، والدليل هو أن عدد الخريجين الذين تبقوا من مشروع عشرة آلاف إطار، أضحوا لا يتعدون ألفي خريج، لكون العدد المتبقي استفادوا من ميزة تكوينات هزيلة تلقوها في المدارس العليا للأساتذة، والتي ينتمي إليها كاتب الدولة في التعليم العالي، الذي حرص، تفيد المصادر ذاتها، على أن يستفيد خريجو 25 ألف إطار من الميزة ذاتها على أمل احتواء الزخم الموجود في حركتهم الاحتجاجية حاليا. لكن سعيد أمزازي، وبسبب الملاحظات التي تلقاها من أكثر من جهة في حزبه «الحركة الشعبية»، كان له رأي آخر، خصوصا بعد الحركة الإعلامية التي قام بها الصمدي رفقة العثماني لحظة الإعلان عن تدشين ما يسمى «المسالك الجامعية للتربية»، والتي تعد المشروع الثالث للصمدي منذ ظهوره على سطح تدبير شأن التعليم في السنوات الأخيرة. لذلك قرر أمزازي، حسب المصادر نفسها، توريط الصمدي وإحراجه أمام خريجي مشاريعه الفاشلة، وذلك بعدم منحهم أي امتياز، حيث وضعت الوزارة شرطا واحدا لاجتيازها، يتمثل في الحصول على الإجازة الأساسية العادية وليس الإجازة المهنية، والتي كانت تمنح لأصحابها، في الأفواج الثلاثة التي تم توظيفها في إطار «أطر الأكاديميات الجهوية»، تمنحهم امتياز اجتياز المباراة بدون انتقاء أولي. يضاف إلى هذا، تؤكد المصادر نفسها، أن أمزازي تلقى تقريعا واضحا من حزبه بسبب ضعفه، والذي بدا واضحا أمام الصمدي في محطات كثيرة، وبدا هذا الضعف واضحا مثلا في المشروع الذي يتقدم به كاتب الدولة بخصوص إصلاح الجامعة. لذلك فالمسكوت عنه بخصوص إلغاء الانتقاء، هو تأزيم وضعية الصمدي، وإحراجه أكثر، لاسيما وأن خريجي مشاريعه الفاشلة ما يزالون يصرون على الإدماج في الوظيفة العمومية، عبر برنامج احتجاجي سيتواصل بعد المباراة بكل تأكيد، مع ما يعنيه ذلك من إحراج للحزب الذي يقود الحكومة ككل، حيث هناك أصوات مسموعة تتحدث عن التشابه الموجود بين ملف ضحايا «النجاة»، وهو الملف الذي ارتبط باسم عباس الفاسي، وملف ضحايا مشروع 25 ألف إطار، والذي كلف الدولة ما يناهز 200 مليون درهم دون أن يحقق الأهداف المسطرة له.
رفع السن وسؤال الجودة
الإجراء الثاني الذي أقدمت عليه الوزارة، هو رفع سن المباراة من 45 إلى 55 سنة، وذلك تنفيذا لقرار اتخذه رئيس الحكومة. هذا الإجراء يهم آلاف المجازين والمجازات، والذين سيسعون إلى استغلال فرصة رفع الحد الأدنى للسن قصد الحصول على وظيفة. هذا الإجراء، بقدر ما قوبل بترحيب في صفوف المجازين أثار امتعاض بعض المسؤولين والمدبرين والأساتذة المكونين، حيث تساءل بعضهم عن الجودة التي تتحدث عنها الوزارة، وهي تضخ في القطاع أشخاصا سيبدؤون حياتهم المهنية في سن 55 سنة. وهو ما يعني، حسب هؤلاء، أن قطاع التعليم سيشهد توظيف موظفين سابقين في قطاعات عمومية وخاصة أخرى، أي توظيف أشخاص في آخر حياتهم المهنية، مع ما يعنيه هذا الأمر من عدم القدرة على مواكبة المستجدات الخاصة بالتربية والتكوين، وخصوصا في هذا النوع من التوظيف. بعض الأساتذة المكونين كتبوا، في حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، عدة أسئلة تتعلق بجدوى هذا الإجراء، إذ في الوقت الذي ينبغي الحرص على توظيف الطاقات الشابة التي من شأنها تعويض المتقاعدين، ومن ثمة تكوينهم التكوين الجيد ومواكبتهم ميدانيا لتطوير ممارساتهم المهنية، خصوصا أن أغلبهم سيتم تعيينهم في العالم القروي، حيث الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية، فإن الوزارة والحكومة قررتا توظيف أشخاص في الخمسينات في العالم القروي، حيث يصل الفارق في السن بينهم والتلاميذ إلى نصف قرن.
وفي سياق متصل، أعلنت التنسيقية الوطنية لـ«الأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد»، أنها قررت خوض إضراب وطني يوم الثلاثاء المقبل، تتخلّله وقفات احتجاجية أمام الأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية، فضلا عن تنظيم إضراب وطني آخر يوم الأربعاء 19 دجنبر الحالي، بالموازاة مع فتح لقاءات تواصلية داخل مقرات العمل. وتعتزم التنسيقية سالفة الذكر تنظيم إضراب وطني جديد يوم الخميس 20 دجنبر الحالي، كما يتضمن البرنامج النضالي إضرابا آخر يوم الخميس 3 يناير المقبل، بالتزامن مع إضراب أساتذة حاملي الشهادات، من أجل المطالبة بصرف أجور أساتذة فوج 2018 في القريب العاجل. وعبّرت الهيئة ذاتها، في بيان لها، عن رفضها «للنظام الأساسي الخاص بأطر الأكاديمية، باعتباره نسخة مشوّهة لعقد الإذعان»، داعية إلى صرف التعويضات العائلية والتعويضات عن المناطق.
وطالبت تنسيقية «الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد» بـ«إسقاط مخطط التعاقد، والشروع في الإدماج الفوري لجميع الأساتذة في النظام الأساسي لوزارة التربية الوطنية، ثم إرجاع الأساتذة المرسّبين والمطرودين إلى عملهم دون قيد أو شرط، وكذلك حل الملفات العالقة بمختلف الجهات في أقرب وقت».