إفتتاحية
لم يعد مقبولا السكوت والانحياز للغة الصمت تجاه سيل الأخبار المضللة والمغرضة، التي تشكك في فعالية التلقيحات التي تلقاها ملايين المغاربة بدون حجج علمية دامغة. صحيح أن منظمة الصحة العالمية والوكالة الأوروبية واللجنة العلمية، المعنية بمتابعة استراتيجية التلقيح، نصحت بمواصلة استعمال «أسترازينيكا» في المغرب إلا أن فيروس الأخبار الكاذبة ينتشر مفعوله أسرع من مفعول اللقاح.
وأمام هذا الوضع لا يمكن أن يترك الأمن القومي للبلد فريسة بين مخالب الأخبار الزائفة والحروب الإعلامية والمالية التي تدور رحاها خارج المغرب بين الشركات المنتجة للقاحات المطروحة لأسباب تجارية وتسويقية وربحية، والأكيد أن هناك حرب مصالح قذرة تستعمل فيها الإشاعة، ظاهرها صحي وباطنها اقتصادي ومالي حول من يستطيع الهيمنة على السوق العالمية للقاحات، وفي ظل هاته المعركة تنتعش الأخبار الكاذبة التي تتحول إلى بضاعة يستهلكها المواطن دون أن يتعب نفسه في فحص مصداقيتها ومصادرها، لذلك تكون سرعة انتشار الأخبار الزائفة والإشاعات المتعلقة باللقاحات على وسائل التواصل الاجتماعي أكبر بكثير من الأخبار الحقيقية وبيانات التكذيب التي تصدرها مؤسسات الصحة وطنيا ودوليا، مما يزيد من مشاعر الخوف والريبة لدى الناس فيزيد إقبالهم على قراءتها.
إن الإمعان في ترويج أخبار تشكك في جدوى اللقاح دون بينة صادرة عن مؤسسات متخصصة لا تقلّل فقط من أهمية الجهود الجبارة التي تبذلها مختلف السلطات العمومية والتي جعلت بلدنا في صدارة الأمم التي طعمت شعوبها، بل تسيء إلى مؤسساتنا وتظهرها بمظهر العدو الذي يتآمر على صحة مواطنيه، فيما الحقيقة أن السلطات العمومية وعلى رأسها جلالة الملك، أعطت الدرس للجميع، بتدشينه شخصيا حملة التلقيح ضد الفيروس تفاديا للقيل والقال وسدا لمنافذ الأخبار الزائفة.
ومع استمرار غياب مؤشرات حاسمة على قرب انتهاء هذه الجائحة، سنجد أنفسنا أمام مهمة صعبة وطويلة للتصدي لحرب الإشاعات التي تزداد ضراوة بعد انتقالها إلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، لكن لا بد من مواجهتها بالصرامة والحزم المطلوبين.