إفتتاحية
أمس الاثنين ينبغي أن يدون بمداد من الفخر بعد اكتمال مصادقة البرلمان على المشروع الملكي الخاص بالحماية الاجتماعية الذي يهم دعم ومعاش أكثر من 22 مليون مغربي والموجه بالأساس لحماية الفئات الفقيرة والهشة، والأسر ذات الدخل المحدود، ضد مخاطر الطفولة، والمرض، والشيخوخة، وفقدان الشغل. من حسن الحظ أن الطبقة السياسية والفرق البرلمانية لم تضع هذا الورش الملكي موضع المزايدات السياسية والحسابات الانتخابية وإلا كان مصيره التمييع والتبخيس كما وقع مع العديد من المشاريع ذات الرهانات الاجتماعية الكبرى التي انتهى بها المطاف في حلبة الصراع السياسوي.
اليوم وفي انتظار نشر قانون الإطار بالجريدة الرسمية لكي يدخل حيز التنفيذ، فإن عملا جبارا ينتظر الحكومة المقبلة التي ينبغي أن تكون في مستوى هذا الرهان، فلا يمكن إنجاح رهانات الحماية الاجتماعية خلال الخمس سنوات القادمة بحكومة هجينة وغير منسجمة وتعيش يوميا على إيقاعات الحروب المعلنة والصامتة بين مكوناتها مما يتسبب في هدر زمن السياسات العمومية. صحيح أن هناك ضمانات ملكية تطمئن على عدم وقوع انزياحات أثناء تنزيل المشروع، لكن ذلك لا يمكن أن يتم بحكومة مثل التي تدبر شؤون المغاربة منذ عقد من الزمن.
الحكومة المقبلة مكلفة بحكم مضامين قانون الحماية الاجتماعية بإطلاق مختلف الإصلاحات الضرورية، وعلى رأسها إصلاح المنظومة الصحية المهترئة، وإصلاح نظام المقاصة الذي أجهز عليه بنكيران بقرارات شعبوية ومتسرعة، وتفعيل ورش السجل الاجتماعي الموحد الذي سيحدد بمعايير دقيقة الفئات المستهدفة.
نحن إذن أمام أهم وأقوى مشروع ملكي في ظل دستور 2011، موجه لـ 22 مليون مغربي منهم 11 مليون منخرط في نظام المساعدة الطبية “راميد” الحالي، و11 مليون من المهنيين والتجار والفلاحين والصناع التقليديين وأصحاب المهن الحرة، مشروع ستتحمل فيه ميزانية الدولة تكاليف الاشتراكات بالنسبة لـ 11 مليون منخرط في نظام المساعد الطبية “راميد” الحالي، بغلاف مالي سنوي يناهز 900 مليار سنتيم. كما ستستفيد من النفع العام لهذا الورش كل الأسر، وخاصة الفقيرة أو التي توجد في وضعية هشاشة، سواء كانت تتوفر على أطفال أو لا، من تعويضات للحماية من مخاطر الطفولة أو من تعويضات جزافية، وذلك بناء على استهداف أكثر فعالية باعتماد السجل الاجتماعي الموحد. وسيُكلف هذا الدعم بالنسبة لهذه الأسر حوالي 2000 مليار سنتيم، منها 14,5 مليار درهم برسم التعويضات العائلية لفائدة الأسر الفقيرة.
في المحصلة نحن إذن أمام ثورة ملكية بطعم اجتماعي، والكرة اليوم بيد السياسي الذي ينبغي أن يكون في مستوى المسؤولية أو يتنحى إلى الوراء فلم يعد هناك هامش للخطأ والفشل.