محمد اليوبي
علمت «الأخبار»، من مصادر مطلعة، أن وزير الصحة، خالد آيت الطالب، شرع في تطهير وزارة الصحة من المسؤولين الذين عينهم الوزير السابق، أنس الدكالي، بحكم العلاقة الحزبية أو القرابة التي تربطه بهم بعيدا عن معايير الكفاءة والخبرة والاستحقاق، حيث تم إغراق الوزارة بأعضاء ينتمون إلى حزب التقدم والاشتراكية في عهد الوزير السابق، والوزير الأسبق، الحسين الوردي.
وأكدت المصادر أن رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، وافق على مقترح إعفاء كل من جمال توفيق، مدير الصيدلة والأدوية، ورشيد الصديق، مدير الموارد البشرية، وهو عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، والذي طرده الأمين العام للحزب، نبيل بنعبد الله، من صفوف الحزب، إثر الفوضى التي تسبب فيها خلال الاجتماع الأخير للجنة المركزية، أثناء اصطفافه إلى جانب الدكالي للاعتراض على قرار الانسحاب من الحكومة. وأفادت المصادر ذاتها بأن الوزير الجديد وضع كذلك لائحة سوداء تضم أسماء مسؤولين على مستوى الإدارة المركزية، وعلى مستوى المديريات الجهوية والإقليمية، مرشحين للإعفاء من مناصبهم.
وبخصوص أسباب إعفاء جمال توفيق، مدير الأدوية والصيدلة، فقد توصل الوزير بتقرير أسود حول تورطه في خروقات واختلالات خطيرة داخل المديرية، أغلبها فضحتها «الأخبار»، وكانت آخرها فضيحة تفويت صفقة ضخمة على مقاس شركة أمريكية، مقابل إقصاء شركات وطنية تنتج الأدوية نفسها، وهي الصفقة التي أصدر الوزير قرارا بإلغائها، والخطير في الأمر، أن شركة مغربية شاركت في الصفقة، حصلت على الإذن بتسويق الدواء من طرف مديرية الأدوية والصيدلة، في ظرف قياسي غير مسبوق، لا يتعدى خمسة أيام، حيث وضعت ملفها يوم 11 شتنبر الماضي وحصلت على الترخيص يوم 15 شتنبر، وشاركت في الصفقة يوم 16 شتنبر، في حين هناك عشرات الشركات والمختبرات تنتظر الحصول على الترخيص منذ ثلاث سنوات.
وكان العثماني وافق، في اجتماع للمجلس الحكومي، على مقترح وزير الصحة السابق، أنس الدكالي، بتعيين جمال توفيق في منصب مدير مديرية الأدوية والصيدلة بالوزارة، وهو المنصب الذي تم إعفاؤه منه في عهد الوزير السابق الراحل التهامي الخياري سنة 2001 نظرا لوجود عدة اختلالات، منها ابتزاز الشركات وكذا تضارب المصالح باعتبار زوجته تملك أسهما في عدة شركات لإنتاج وتوزيع الأدوية، واستفادت في عهده من عدة امتيازات.
وتوصل العثماني، قبل إحالة التعيين على المجلس الحكومي، بملف متكامل يضم وثائق تؤكد هذه الاختلالات وتضارب المصالح، سلمته له النائبة البرلمانية عن حزب الاتحاد الاشتراكي، ابتسام مراس، كما وجهت له رسالة تتضمن اتهامات خطيرة تستدعي فتح تحقيق بشأنها، وأشارت إلى العديد من الخروقات والاختلالات الإدارية، التي كانت سببا في إعفائه من منصبه، بناء على تقارير مفتشية وزارة الصحة، من بينها مساهمة زوجته في عدد من شركات الأدوية التي استفادت من أثمنة تفضيلية، بالإضافة إلى تفجر فضيحة تزوير في المكون الحيوي لدواء مستورد من طرف أحد المختبرات التي تساهم فيها زوجته.
وسبق لـ«الأخبار» أن نشرت وثائق وسجلات تجارية تخص شركات ومختبرات لصناعة الأدوية، والتي عقدت مجالسها الإدارية جموعا عامة استثنائية في فترات متقاربة، ما بين سنتي 1998 و1999، وهي الفترة التي كان فيها جمال توفيق يتحمل مسؤولية مدير مديرية الأدوية في عهد الوزير الراحل، التهامي الخياري. وكان جدول أعمال هذه الجموع العامة هو إدخال زوجته كمساهمة في هذه الشركات، ومن بين الملفات التي توصل بها العثماني، وكانت موضوع تقرير المفتشية العامة لوزارة الصحة، ملف يتعلق بالتلاعب في تحديد أسعار الدواء الذي كان يباع للمغاربة.
وتربط مدير الأدوية والصيدلة علاقة قوية بالوزير السابق، لأنه كان ضمن طاقم شعبة الكيمياء التي كان يشرف عليها بكلية الطب والصيدلة، وهو الذي ساعده في الانتقال للتدريس بكلية الطب والصيدلة بالرباط، عندما كان يشغل منصب نائب عميد كلية الطب والصحة، المكلف بالبحث العلمي، ومدير «مركز دراسات الدكتوراه في علوم الحياة والصحة»، وكان الدكالي يشتغل أستاذا مساعدا بالكلية متعددة التخصصات بتازة، وتم تعيينه أستاذا لمادة الكيمياء التحليلية من سنة 2007 إلى سنة 2011، تاريخ حصوله على مقعد برلماني عن طريق لائحة الشباب لحزب التقدم والاشتراكية.