عصام أزمي
تتكون المنظومة الصحية بالمغرب من مجموع المؤسسات والموارد والأعمال المنظمة لتحقيق الأهداف الأساسية للصحة، لكن رغم التوصيات الملكية بِجعل قطاع الصحة أولوية وطنية استراتيجية، واعتراف المملكة المغربية بالحق في الولوج إلى العلاج لأول مرة في الفصل 31 من دستور 2011، ومصادقتها على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالصحة، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ما زالت المنظومة الصحية تعاني عدة تحديات تؤثر سلبا على الإنجازات المحققة في هذا المجال الاجتماعي.
هدف البرنامج الحكومي بالمغرب للفترة 2021-2026 تنزيل القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، مما يتطلب تعزيز ميزانية المنظومة الصحية، وخصصت الحكومة 17,3 مليار درهم و5500 منصب مالي لقطاع الصحة في قانون المالية لسنة 2022، إضافة إلى 4,2 مليارات درهم من أجل تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة الفئات الهشة والفقيرة، التي تستفيد حاليا من نظام المساعدة الطبية. لكن رغم التحديات التي واجهت القطاع الصحي خلال جائحة فيروس كورونا، لم تعمل الحكومة على تنزيل القانون الإطار رقم 09. 34 المتعلق بالمنظومة الصحية وعرض العلاجات وإعداد سياسة صحية وطنية، مما أدى إلى غياب الأهداف الصحية في السياسات العمومية، وضعف آليات التمويل والتقييم في البرنامج الحكومي.
لم تنجح الحكومات السابقة خلال الفترة 2011- 2021 في إصلاح القطاع الصحي وتفعيل القانون الإطار رقم 09. 34، مما جعل المغرب يحتل الرتبة 76 دوليا في مؤشر نجاعة المنظومة الصحية، لأن نسبة التغطية الصحية لم تتعد 60 في المائة، كما أن ميزانية القطاع الصحي لم تتجاوز 5,8 في المائة من الناتج الداخلي الخام، والتي تتكون أساسا من الأداء المباشر للأسَر بنسبة 50,7 في المائة. وساهم غياب الخريطة الصحية وهيئات التشاور في المجال الصحي في وجود تفاوتات مجالية وترابية، لأن ثلاث جهات استحوذت على 42,26 في المائة من الموارد البشرية و48,78 في المائة من المؤسسات الصحية و38,19 في المائة من الأَسِرة الاستشفائية.
وتداول المجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 13 يوليوز 2022 في مشروع القانون الإطار رقم 22- 06، المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، طبقا لأحكام الفصل 71 من الدستور المغربي، وتم إعداده تنفيذا للتعليمات الملكية من أجل مواكبة ورش الحماية الاجتماعية، والتي تعتبر طبقا للقانون الإطار رقم 21. 09 آلية لتحقيق التغطية الصحية الشاملة وبلوغ أهداف التنمية المستدامة، وتهدف إلى تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض خلال الفترة 2021- 2022، من خلال توسيع الاستفادة من هذا التأمين ليشمل الفئات المعوزة المستفيدة من نظام المساعدة الطبية وفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، حيث سيتمكن 22 مليون مستفيد إضافي من تغطية تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء.
ويرتكز إصلاح القطاع الصحي على أربع دعامات أساسية: أولا اعتماد الحكامة الصحية من خلال إحداث الهيئة العليا للصحة والمجموعات الصحية الترابية ووكالة للأدوية والمنتجات الصحية ووكالة للدم ومشتقاته، إضافة إلى مراجعة مهام وهيكلة وزارة الصحة وتحسين الحكامة الاستشفائية والتخطيط الترابي لعرض العلاجات.
وتهدف الدعامة الثانية إلى تثمين الموارد البشرية عبر إحداث قانون الوظيفة الصحية لتحفيز الرأسمال البشري بالقطاع العام، وتقليص الخصاص وإصلاح نظام التكوين والانفتاح على الكفاءات الأجنبية، وتحفيز الأطر المقيمة بالخارج وحثها على العودة إلى أرض الوطن. ويعتبر تأهيل العرض الصحي دعامة ثالثة لهذا الإصلاح المهيكل، أما الدعامة الرابعة، فتتعلق برقمنة المنظومة الصحية عبر إحداث منظومة معلوماتية مندمجة لتجميع ومعالجة واستغلال كافة المعلومات الأساسية الخاصة بالمنظومة الصحية.