رشيدة أحفوض مستشارة سابقة بمحكمة الاستئناف بالبيضاء أستاذة بالمعهد العالي للقضاء أستاذة زائرة بكلية الحقوق بطنجة الرئيسة المؤسسة للجمعية المغربية للقضاة
يتبين حسب المادة 41 من مدونة الشغل، أن المحكمة ملزمة بتطبيقها وذلك بمنح أجرة شهر ونصف شهر عن كل سنة أو جزء من السنة كتعويض عن الضرر، بغض النظر عن قرب إحالة الأجير على التقاعد، أم تمنح له مثلا أجرة 5 أشهر، أي المدة المتبقية من الإحالة على التقاعد؟
بالنسبة إلى عقود الشغل محددة المدة، حسب المادة 33 من مدونة الشغل، إذا أنهي عقد الشغل محدد المدة قبل حلول أجله، فإن التعويض يوازي المدة المتبقية من عقد الشغل، إذا كان المشغل هو الذي أنهى عقد الشغل بصفة تعسفية، يعوض الأجير بتعويض يوازي أجور المدة المتبقية من العقد.
إذا تعلق الأمر بأجير أنهى عقد شغل محدد المدة قبل حلول أجله، هل ينبغي الحكم على الأجير بأداء التعويض عن المدة المتبقية لفائدة المستثمر مشغله؟
هل يطبق النص، أي المادة 33، على الطرفين أي على الأجير والمؤاجر؟
لحد الساعة لا وجود لأي قرار لمحكمة النقض في الموضوع، وإن كان الاجتهاد القضائي يسير في اتجاه أن التعويض الممنوح للمشغل هو جزافي، وهو عادة أقل ما هو منصوص عليه في المادة 33 من مدونة الشغل، يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة وهو عادة أقل مما هو منصوص عليه في المادة 33 من مدونة الشغل.
– الإشكالية الثامنة: الخطأ الجسيم والخطأ غير الجسيم:
يشكل الاستثمار أحد العناصر الرئيسية في عملية التنمية، إذ تستعرض الدول العديد من الفرص والضمانات والمزايا لجذب الاستثمارات. ويبحث المستثمر دائما عن وسيلة يطمئن بها لحماية استثماراته، وقد عملت مدونة الشغل على الحماية القانونية للاستثمار، خصوصا في حالة إنهاء عقد الشغل في حالة الخطأ غير الجسيم، أو في حالة صدور العقوبات التأديبية في حالة الخطأ غير الجسيم. إذا ما هي الإشكاليات التي تثار في حالة الخطأ الجسيم، أو في حالة الخطأ غير الجسيم المنصوص عليهما بمدونة الشغل ومدى تأثير ذلك على الحماية القانونية للاستثمار ؟
«… مدونة الشغل ميزت بين الخطأ غير الجسيم والخطأ الجسيم، كما أنها نصت في المادة 35، أنه يمنع فصل الأجير دون مبرر مقبول.
تنص المادة 37 من مدونة الشغل:
يمكن للمشغل اتخاذ إحدى العقوبات التأديبية التالية في حق الأجير لارتكابه خطأ غير جسيم :
1. الإنذار؛
2. التوبيخ؛
3. التوبيخ الثاني، أو التوقيف عن الشغل مدة لا تتعدى ثمانية أيام؛
4. التوبيخ الثالث، أو النقل إلى مصلحة، أو مؤسسة أخرى عند الاقتضاء، مع مراعاة مكان سكنى الأجير.
تطبق على العقوبتين الواردتين في الفقرتين 3 و4 من هذه المادة مقتضيات المادة 62 أدناه…».
وتوجب المادة 62 من مدونة الشغل الاستماع إلى الأجير من طرف المشغل أو من ينوب عنه، بحضور مندوب الأجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة الذي اختاره الأجير نفسه، وذلك داخل أجل لا يتعدى 8 أيام، ابتداء من التاريخ الذي تبين فيه ارتكاب الأجير للفعل المنسوب إليه. ويحرر محضر في الموضوع من قبل إدارة المقاولة، ويوقعه الطرفان، وتسلم نسخة منه إلى الأجير، وفي حالة الرفض يتم اللجوء إلى مفتش الشغل.
الخطأ الجسيم المرتكب من طرف الأجير بمدونة الشغل، تم التنصيص عليه في المادة 39، حيث جاء فيها:
«… تعتبر بمثابة أخطاء جسيمة يمكن أن تؤدي إلى الفصل، الأخطاء التالية المرتكبة من قبل الأجير:
– ارتكاب جنحة ماسة بالشرف، أو الأمانة، أو الآداب العامة، صدر بشأنها حكم نهائي وسالب للحرية؛
– إفشاء سر مهني نتج عنه ضرر للمقاولة؛
– ارتكاب الأفعال التالية داخل المؤسسة أو أثناء الشغل؛
– السرقة – خيانة الأمانة – السكر العلني…».
كما نصت المادة 40 من مدونة الشغل على الأخطاء الجسيمة المرتكبة ضد الأجير من قبل المشغل والمتمثلة مثلا في السب الفادح، استعمال أي نوع من أنواع العنف والاعتداء الموجه ضد الأجير إلى آخر المادة.
فالإشكالية المطروحة، كيف سيتم تقييم المحكمة، هل الأمر يتعلق بخطأ غير جسيم مرتكب من طرف الأجير طبقا للمادة 37 من مدونة الشغل، أم أن الأمر يتعلق بخطأ جسيم مرتكب من طرف الأجير، طبقا للمادة 39 من مدونة الشغل؟
بالطبع سيدخل هذا في إطار السلطة التقديرية للمحكمة، وهذه السلطة ستختلف من محكمة لأخرى، مما سيخلق إشكالية ستظل مطروحة، إذ جاء في قرار استئنافي صادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء (قرار محكمة الاستئناف، ملف اجتماعي عدد 2005/5051 بتاريخ 25 ماي 2006، مدلى به كاستشهاد بالملف الاستئنافي عدد 2006/15/3808):
حيث إنه وعلى فرض ما قام به الأجير من ارتداء جوارب المشغلة، التي يصرح بواسطة ممثلها أثناء جلسة البحث أن لا علم له ما إذا كانت صالحة أو غير صالحة، وأن الشاهد شاهد الأجير وهو خارج من المسجد يرتدي الجوارب، فإنها لا ترقى إلى درجة الخطأ الجسيم، بل كان على المشغل أن يحترم التدرج في العقوبة المنصوص عليها في الفصل 37 من مدونة الشغل، ويحترم الفقرة الأخيرة من المادة 37 على أن العقوبة الصادرة في حقه هي من الدرجة الثالثة (التوقيف لمدة 8 أيام)، ويتعين تطبيق المادة 62 من مدونة الشغل، وتمتيعه بالدفاع عن نفسه…».
وقضت محكمة النقض بنقض القرار الاستئنافي، الذي جاء فيه: أن ارتكاب الأجير لخطأ جسيم لا يلزم المشغل بتطبيق مبدأ التدرج في العقوبة، ولا يبرره قضاء الأجير مدة طويلة في خدمة المشغل. المحكمة عندما ثبت لديها ارتكاب الأجير لخطأ جسيم، ومع ذلك اعتبرت قرار فصله عن عمله كان تعسفيا، بعلة أنه على المشغلة تطبيق مبدأ التدرج في العقوبة، نظرا لكون الأجير قضى مدة طويلة في خدمتها، يكون قرارها ناقص التعليل الموازي لانعدامه (قرار محكمة النقض عدد 291 الصادر بتاريخ 21 فبراير 2013، ملف اجتماعي عدد 2012/2/5/1098). وقضت محكمة النقض بنقض القرار الاستئنافي، الذي جاء فيه: أن اتهام المشغل لأحد أجرائه بالسرقة أثناء العمل دون إثبات ذلك يشكل خطأ جسيما في حق الأجير، طبقا لما تنص عليه المادة 40 من مدونة الشغل، وتخلي الأجير عن العمل بسبب ذلك لا يعتبر مغادرة تلقائية للعمل، وإنما طردا مقنعا في حقه من طرف المشغل، يستحق معه الأجير التعويض عن إنهاء عقد العمل، والأساس القانوني في ذلك المادة 40 من مدونة الشغل.
نافذة:
بالنسبة إلى عقود الشغل محددة المدة، حسب المادة 33 من مدونة الشغل، إذا أنهي عقد الشغل محدد المدة قبل حلول أجله، فإن التعويض يوازي المدة المتبقية من عقد الشغل، إذا كان المشغل هو الذي أنهى عقد الشغل بصفة تعسفية