شوف تشوف

الرئيسيةسري للغاية

إذا حاول الاستقلاليون الانقلاب سيزحف الگلاوي عسكريا

يونس جنوحي

سُلطة الباشا الگلاوي لا جدال فيها على امتداد منطقة كبرى من جنوب المغرب، ولم يفتقر يوما إلى الشجاعة أو العزيمة.
كان قد عارض السلطان، أكثر من مرة، بسبب ميله الواضح لحزب الاستقلال وتعاطفه مع قضيته.
لا أستغرب كون القادة الوطنيين عصبيين تُجاه الكلاوي، لأن ازدراءهم المزعوم لشخصه يبقى أكثر من غطاء كاذب لمداراة ناقوس الإنذار.
لم يكن هناك أبدا، في عقيدتي السياسية، مكان للإقطاعية الاستبدادية، لكن على حزب الاستقلال أن يأخذ بعين الاعتبار الظروف في المغرب كما هي.
لا حاجة لإعمال المُخيلة لافتراض أنه إذا حاول حزب الاستقلال تنظيم انقلاب بأي شكل، فإن الگلاوي لن يلجأ إلى الأمم المتحدة، بل سيزحف عسكريا ولن يكون لطيفا، لكنه، خصوصا إذا ظهر بمظهر يوحي بأنه ناجح، سييجد الكثير من الأتباع لأنه أكبر من إقطاعي عفا عليه الزمن لا يزال على قيد الحياة، إنه رمز الانقسام بين القرية والمدينة، وهذا الانقسام هو أحد أسس المشكلة المغربية، وأي رجل سياسي سيكون حكيما إذا لاحظ هذا الأمر.

الفصل العاشر:
في عُمق سوس

أوقف محمد السيارة وأطفأ المحرك. لم أعرف السبب. صحيح أن الطريق من مراكش اقتحمت ممرات ضيقة، لكنها لم تكن وعرة مثل الأخرى التي رأيناها سابقا.
أخبرني الآتي:
-«هناك ينابيع ساحرة بالقرب من هنا. لقد أخبرني أحد ما».
الخريطة تُشير إلى أن زاوية مولاي إبراهيم تقع فوق هضبة على قارعة الطريق، وأن هناك جدول ماء يصب على المنحدر المعشوشب. بدأنا نتبع مجراه، وبعد أقل من مسافة خمسين ياردة، أطلق محمد صرخة انتصار، إذ إن تيار الماء السريع يجعل مجاذيف طاحونة صغيرة تدور بقوة تحت منطقة صخرية وعرة تُشكل كهفا.
في هذا الكهف كان رجل عار يجلس القرفصاء. جلسة التأمل التي كانت توحي بأنه يمارس طقسا دينيا، لكن يبدو أنها تعبر أكثر عن المجهود الذي يبذله لإقناع عقله بدخول المياه التي بدت باردة.
ظهورنا في المكان أعطى التحفيز الضروري، وزحف بجانب النهر، إلى مكان حيث كانت توجد مجاذيف المطحنة التي رشت الماء على جسمه كاملا.
سألتُ:
-«ماذا يُعالج هذا الماء؟».
قال محمد:
-«إنه لا يعلم، لكنه بالتأكيد سيتطهر بهذا الماء. يرتفع النهر من الزاوية التي تعتبر مكانا مقدسا. إذن، كما ترى، هناك طهارة في هذا الماء».
فكرة إمكانية الطهارة من مياه الطاحونة عرفت تشويشا واضطرابا في رأسي بسبب الرجل المتطفل الذي ظهر قربها. وهذا الرجل اقترح وديا أن نُساهم مساهمة قدرها عشرون فرنكا تعويضا ماليا له عن وجودنا قرب كهفه.
وهكذا قاومت اقتراح محمد، القاضي بأنه يجدر بي أن أجرب المياه السحرية، على افتراض أن تكون رسوم الغمر بالمياه أعلى. وكنت مؤمنا بأن الطهارة لا تُشترى.
سألتُ مستفسرا الرجل الواقف بقرب الطاحونة:
-«وإذا افترضنا أن امرأة تحتاج هذا العلاج؟».
أجاب مُشيرا بأصبعه في اتجاه كوخ صخري يوجد أسفل سفح الجبل:
-«هناك مكان آخر مخصص لهن. إنه يبعد قليلا نحو الأسفل». وأضاف: «غالبا ما تحتاج النساء هذا العلاج».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى