إحصاء استراتيجي
أكد الملك محمد السادس في رسالته الموجهة إلى رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، على الأهمية الاستراتيجية للإحصاء العام للسكان والسكنى، المتوقع أن يجرى في شهر شتنبر المقبل، وذلك بالنظر إلى ما توفره هذه العملية من معطيات ومؤشرات مهمة ومتعددة، ستمكن من تحيين المعطيات السوسيو – اقتصادية للأسر، وتوفير رؤية واضحة لصناع القرار ومختلف الفاعلين، من أجل بلورة سياسات عمومية ناجعة في جميع القطاعات.
وستغطي معطيات عملية الإحصاء الفترة الفاصلة بين سنتي 2024 و2034، وهي الفترة المحددة لتنزيل مخرجات النموذج التنموي الجديد في أفق سنة 2035، بأبعاد جديدة تروم تحقيق التنمية، هذا النموذج الذي حدد مجموعة من الأولويات في السياسات العمومية للبلاد، وعلى رأسها تجويد الرأسمال البشري من أجل مغرب الكفاءات، الذي يشكل أمرا ضروريا لتحريك آليات الارتقاء الاجتماعي، وتحسين ظروف عيش السكان، ولتمكين المغرب من التحسين الكبير لترتيبه ضمن التصنيفات العالمية ذات الصلة.
وتتجلى أهمية الإحصاء كذلك، في توفير معطيات دقيقة حول البنية الديموغرافية للبلاد، من أجل تحديد الحاجيات وتوفير الإمكانيات للنهوض بالقطاعات الاجتماعية الأساسية، خاصة الصحة والتعليم والسكن، وهي قطاعات حيوية وضرورية في الحياة اليومية للمواطن، ما يتطلب تعزيز عروض الخدمات العمومية بمجموع المجالات الترابية، وضمان الولوج المنصف إليها.
وتتزامن عملية الإحصاء مع ثورة اجتماعية يقودها الملك محمد السادس، تتجلى في توفير الحماية الاجتماعية لجميع المواطنين المغاربة، بهدف تكريس الدولة الاجتماعية، وشرعت الحكومة في تنزيل مجموعة الورش الاجتماعي، من خلال توفير التغطية الصحية لجميع المواطنين، مهما كانت وضعيتهم الاجتماعية، وتخصيص دعم مالي مباشر للأسر المعوزة، وكذلك تخصيص دعم مالي لاقتناء السكن الرئيسي.
لكن، ضمان فعالية ونجاعة واستدامة مختلف البرامج الاجتماعية يتطلب تحيين المعطيات والأرقام الإحصائية، من أجل تحديد الفئات المستهدفة، بناء على قاعدة بيانات دقيقة، خاصة أن الدولة وضعت سجلا وطنيا للسكان، وسجلا اجتماعيا، يحددان مؤشرات جودة الحياة بالنسبة إلى جميع الفئات، لكن هذين السجلين يعتمدان على معطيات إحصاء سنة 2014، ما يتطلب تحيين هذه المعطيات، وإعادة النظر في المعطيات الأساسية الاقتصادية والاجتماعية.
إذن، ستكون المندوبية السامية للتخطيط أمام تحد حقيقي لإنجاح هذه العملية الاستراتيجية الكبرى، ذات الأهمية في تحديد توجهات الدولة الاجتماعية، وهناك مؤشرات إيجابية بدأت تظهر منذ الشروع في الإعداد لعملية الإحصاء، من خلال توفير عتاد لوجستيكي، اعتمادا على الرقمنة والتكنولوجيات الجديدة، حيث ستتم عملية رقمنة الإحصاء من أول خطوة إلى استخلاص النتائج، حتى تتم العملية بشكل أدق وأسرع، ويتم فرز وتنزيل المعطيات بفعالية أكبر.