محمد اليوبي
بعدما اشتكت زينب العدوي، رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، من عدم تعاون بعض الوزراء مع قضاة المجلس الأعلى للحسابات، وتهاونهم في تفعيل توصيات المجلس بشأن تدبير المؤسسات والقطاعات الحكومية الموجودة تحت وصايتهم، تم، على مستوى رئاسة الحكومة، إحداث وحدة متخصصة من أجل تتبع الإجراءات المتخذة لتنفيذ التوصيات المتضمنة في التقارير التي ينجزها المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات.
وذكرت رئاسة الحكومة، في بلاغ لها، أن هاته الوحدة، التي تم تكليف محمد الصوابي، رئيس غرفة سابق بالمجلس الأعلى للحسابات، بالإشراف عليها، تروم «التتبع المنتظم والمتواصل للإجراءات المتخذة لتنفيذ هذه التوصيات من طرف القطاعات الوزارية المعنية والأجهزة العمومية الخاضعة لوصايتها».
وتتوخى هذه الوحدة أيضا العمل على تذليل الصعوبات التي قد تعيق تطبيق هذه التوصيات، «وذلك بتنسيق مع المخاطبين الرسميين الذين تم تعيينهم على مستوى كل قطاع وزاري على إثر إصدار المنشور رقم 11/2021 لرئيس الحكومة بتاريخ 03 يونيو 2021، والذي يروم تعزيز التواصل مع المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات».
وتهدف البنية الجديدة إلى الرفع من أثر التقارير التي ينجزها المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات في مختلف المجالات، لاسيما تلك المتعلقة بتقييم مدى إنجاز المشاريع الكبرى للتنمية ومدى تنزيلها على المستوى الترابي، وكذا تأثيرها على المستوى المعيشي للمواطن، إلى جانب التفاعل الإيجابي مع التوصيات المضمنة في هذه التقارير، بما يسمح بتحسين التدبير العمومي وتدعيم مبادئ وقيم الحكامة الجيدة.
وستعنى هذه الوحدة، كذلك، يضيف المصدر، بتتبع الإجراءات والتدابير المتخذة من طرف القطاعات الوزارية المعنية من أجل تنزيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ومن أجل ملاءمة المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مع المعايير الدولية.
وتشتكي العدوي من عدم تعاون بعض الوزراء مع قضاة المجلس، لتمكينهم من المعطيات والوثائق، وكذلك تفعيل التوصيات الصادرة عن المجلس في تقارير سابقة، وفي هذا الصدد، وجهت العدوي مراسلة إلى رئيس الحكومة السابق، سعد الدين العثماني، بتاريخ 7 ماي 2021، بشأن تعزيز آليات التواصل بين المجلس ومختلف القطاعات الوزارية وتعيين مخاطبين رسميين لها من أجل هذا الغرض، وهو ما استجاب له العثماني بإصداره لمنشور بتاريخ 3 يونيو 2021.
ويعتبر المجلس أن هذه الآلية ستساهم بفعالية في توفير المعطيات المرتبطة بمهام المجلس وتتبع التوصيات، علما أن هؤلاء المخاطبين سيشكلون صلة وصل بين المجلس والقطاعات الوزارية ومختلف الأجهزة الخاضعة لوصايتها قصد الإشراف على الإدلاء للمجلس بالمعطيات والمعلومات والوثائق وعلى عملية تتبع التوصيات الصادرة عنه من خلال المنصة الرقمية التي بادر المجلس إلى إحداثها ووضعها رهن إشارة مختلف القطاعات الوزارية قصد تيسير عمليات التواصل معها في ما يتعلق بتتبع التوصيات التي يصدرها المجلس، وذلك حرصا منه على تعزيز آليات التواصل مع الأجهزة التي يتعامل معها في إطار ممارسته لاختصاصاته وبغية التنزيل الأمثل للتوصيات التي يصدرها.
وأوضح التقرير السنوي الأخير الذي رفعته العدوي إلى الملك محمد السادس، أن أعمال المحاكم المالية لن يكون لها أثر على التدبير العمومي وعلى حياة المواطنين إلا من خلال التتبع الوثيق للإجراءات المتخذة من طرف الأجهزة المعنية من أجل التنزيل الفعلي لمخرجاتها وتوصياتها. ولهذا الغرض، تحرص هذه المحاكم على تتبع التوصيات الصادرة عنها وإعداد خلاصات بشأنها، تضمن أهم نتائجها في التقرير السنوي. ولهذه الغاية، فإن المجلس بصدد إحداث منصة رقمية قصد تيسير عمليات التواصل مع مختلف الأجهزة الخاضعة لرقابته، والتي ستركز على تتبع التوصيات الصادرة عنه، مع اعتماد وتيرة تتبع تأخذ في الاعتبار أولوية كل توصية على حدة وطابعها الاستعجالي.
وفي السياق نفسه، وفي إطار تنزيل أحكام دستور المملكة في الشق المتعلق ببذل المساعدة للهيئات القضائية، ومن أجل المساهمة في تخليق الحياة العامة ومحاربة كل أشكال الفساد وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، تم، خلال شهر يونيو 2021، توقيع مذكرة تعاون بين الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، والرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، زينب العدوي، والوكيل العام للملك لدى المجلس، تهدف إلى تعزيز التعاون بين الأطراف الموقعة، لاسيما في مجال التكوين ودعم قدرات قضاة المحاكم المالية وقضاة المحاكم الزجرية، وكذا إلى تكثيف التنسيق بين هذه الأطراف بشأن معالجة الشكايات والوشايات والتقارير ذات الصلة بالجرائم المالية وتبادل الوثائق المتعلقة بها والاجتهادات القضائية المتميزة في هذا المجال.