أكدت إيلفا يوهانسون، المفوضة الأوروبية للشؤون الخارجية، أول أمس الاثنين، أمام البرلمان الأوروبي بستراسبورغ، أن المغرب يعد شريكا «استراتيجيا محوريا» بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، ويضطلع بدور «رئيسي» في تدبير الهجرة والتصدي للمهربين.
وأعربت المسؤولة الأوروبية، في معرض حديثها خلال جلسة عامة حول محاولة الاقتحام الجماعية الأخيرة للسياج الحديدي على مستوى إقليم الناظور، عن «عزمها مواصلة المحادثات مع المغرب (…) من أجل تعزيز شراكتنا الشاملة بشأن الهجرة».
وبعد تأكيدها أن «99 في المائة من المهاجرين غير الشرعيين يستعينون بالمهربين»، أوضحت يوهانسون أن الأشخاص المتورطين في أحداث الناظور «قدموا من السودان ومروا عبر ليبيا والجزائر».
وشددت على أن «هؤلاء المهربين يقفون وراء المصير المأساوي لهؤلاء الأشخاص»، مؤكدة على ضرورة «العمل مع شركائنا الأفارقة، بلدان المصدر والعبور والمقصد، سيما مع المغرب، قصد التصدي للمهربين ومعالجة الأسباب الجذرية، والحد من تدفقات الهجرة غير الشرعية وتحسين التدفقات القانونية».
وبعد تذكيرها بأنها حرصت منذ تقلد مهامها «على إقامة شراكة قوية مع بلدان المصدر، العبور أو المقصد»، دعت المسؤولة إلى «الانكباب على معالجة جذور» الهجرة غير الشرعية، حتى لا يكون الناس مضطرين للمخاطرة بحياتهم (…)، وفتح قنوات للهجرة القانونية قصد محاربة المهربين».
وعرفت هذه المحاولة الأخيرة للاقتحام الجماعي على مستوى إقليم الناظور، استخدام عنف غير مسبوق من قبل مرشحي الهجرة غير الشرعية في وجه عناصر قوات الأمن، التي تدخلت بمهنية وفي ظل احترام القوانين الجاري بها العمل، وأبدى هؤلاء المرشحون للهجرة غير الشرعية، الذين كانوا مسلحين بالحجارة والهراوات والأدوات الحادة، مقاومة عنيفة لقوات الأمن، التي تعبئأت لمنعهم من عبور السياج.
وفي سياق تعميق التشاور والتباحث مع الجانب الأوروبي، عقد أعضاء اللجنة البرلمانية المشتركة المغرب – الاتحاد الأوروبي، برئاسة لحسن حداد، سلسلة من الاجتماعات بالبرلمان الأوروبي ببروكسيل من 27 إلى 30 يونيو الماضي، وتتواصل بستراسبورغ من 04 إلى 07 يوليوز الجاري.
وذكر بلاغ للجنة ذاتها أن الوفد البرلماني المغربي اجتمع بـ27 نائبا برلمانيا أوروبيا ببروكسيل عن مختلف الفرق السياسية، لمناقشة تقريرين أعدتهما لجنتا حقوق الإنسان والخارجية.
وأفاد البلاغ نفسه بأنه تم التحضير الأولي للتقرير الأساسي للجنة حقوق الإنسان من طرف المقررة البرلمانية الأوروبية إيزابيل ويزلر ليما، عن مجموعة الحزب الشعبي الأوروبي، بخصوص حماية الصحافيين في جميع أنحاء العالم وسياسة الاتحاد الأوروبي، والذي تم وضعه بعد تبادل الآراء مع صحافيين وخبراء في الميدان، وتم اقتراح مشروع توصية «لمحاولة إدانة المغرب».
وبخصوص لجنة الخارجية، يشير البلاغ، تم التداول في الأسبوع نفسه بشأن تقرير البرلماني الأوروبي عن فريق الحزب الشعبي الأوروبي، أنطونيو لوبيز استرويز وايت، حول السياسة الخارجية والأمن في إطار تجديد الشراكة مع دول الجوار الجنوبي، وخريطة العمل الجديدة للبحر الأبيض المتوسط، «حيث تم اقتراح تعديل رقم 179، ومشروع توصية رقم 192 وهما معاديان للمغرب من طرف مجموعة من البرلمانيين الأوروبيين عن فريق الخضر واليسار الأوروبي الموحد، بريادة البرلمانية الأوروبية ايدوإيا فيلانويفا رويز، والبرلمانية الأوروبية ماريسا ماتياس».
وأضاف أنه خلال الفترة ذاتها وبموازاة مع الأحداث التي شهدها السياج الحديدي بين مدينتي الناظور ومليلية المحتلة، ومحاولة الاقتحام الجماعي والمنظم من طرف المهاجرين الأفارقة غير النظاميين، أقدمت نفس مجموعتي اليسار الأوروبي الموحد والخضر بالبرلمان الأوروبي على تقديم مشروع توصية استعجالية ضد المغرب.
وأبرز المصدر ذاته أنه «على خلفية هذه الاستراتيجية الممنهجة ضد المغرب من طرف برلمانيين أوروبيين مساندين لأطروحة انفصاليي البوليساريو، ومحاولتهم اليائسة لتضليل الرأي العام الأوروبي، كثف أعضاء اللجنة البرلمانية المشتركة بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي لقاءاتهم مع البرلمانيين الأوروبيين الوازنين»، مشيرا إلى أن «كل الأطراف عبرت عن الإرادة المشتركة لمواصلة الحوار الأورو- مغربي، وأهمية إيجاد حلول تشاورية للتحديات والتهديدات التي يواجهونها في سبيل إعطاء دفعة جديدة للعلاقات التي تجمع المغرب بالاتحاد الأوروبي، والقيام بعمل تضامني من أجل النهوض بسياسة الجوار الأوروبي ومكافحة الهجرة غير الشرعية، وذلك باستغلال كل فرص التعاون المتاحة لتحقيق الأمن المستدام والازدهار المشترك».
وخلال هذه الاجتماعات، دعا أعضاء اللجنة البرلمانية المشتركة بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي إلى تعزيز ودعم مسلسل البناء الأورو- مغربي، من خلال مقاربة ترمي إلى إرساء روابط أكثر متانة قادرة على تحفيز التنمية المشتركة، وخاصة في مجالات الطاقة والطاقات المتجددة والسلم والأمن والفلاحة، والصيد البحري والهجرة والجريمة المنظمة، والإرهاب العابر للحدود، «كضرورة تأخذ بعين الاعتبار الشراكة المغربية الأوروبية بجميع أبعادها».
وأشار البلاغ في هذا الصدد إلى أن البرلمانيين المغاربة أكدوا على ضرورة الوعي بخطورة الوضع وتزايد التهديدات الأمنية، وأصروا على تضافر الجهود في إطار مقاربة تشاركية ووقائية لمواجهة كل المخاطر التي تهدد المنطقة الأورو- متوسطية، مسجلا أنه نتيجة للمبادرات التي قامت بها اللجنة البرلمانية المشتركة المغربية الأوروبية، استطاعت هذه الأخيرة أن تحبط ثلاثة مشاريع توصيات استعجالية ومشروعي تعديل، بكل من لجنة حقوق الإنسان ولجنة الخارجية.
كما نجحت في التأثير على البرلمانيين الأوروبيين بالجلسة العامة المنعقدة، أول أمس الاثنين، بالبرلمان الأوروبي بستراسبورغ، حيث اكتفت الجلسة العامة بعد اعتمادها لجدول الأعمال بفتح نقاش دام 20 دقيقة، غير مرفق بأي قرار، تدخل من خلاله عدة برلمانيون أوروبيون أوضحوا خطورة ما قامت به مافيات الهجرة من تجييش وتسليح المهاجرين، والذين دخلوا الأراضي المغربية بشكل غير قانوني، مما أدى إلى مهاجمتهم لسياج مدينة مليلية، ومقتل 23 مهاجرا، وإصابة آخرين، وأفرز مواقف متعددة همت جوانب حقوقية وقضائية وسياسية لافتة، «على خلفية هذه الأحداث من طرف مافيات الهجرة، والذين أدخلوا مهاجرين من جنوب الصحراء إلى التراب المغربي بطريقة غير شرعية وهاجموا موظفين عموميين، واعتمدوا التجمهر المسلح والعصيان بطرق عصابات ومافيات الاتجار بالبشر، الهدف منها تحريض تلك الأفواج البشرية على اقتحام سياج مليلية المحتلة».
وأكد البرلمانيون الأوروبيون أيضا، وفق البلاغ، على الدور الذي يقوم به المغرب من أجل التصدي للهجرة غير الشرعية، مستعملا وسائله الخاصة، وحثوا الجانب الأوروبي على التعاون معه من أجل وضع مقاربة مندمجة لقضايا الهجرة.
وفي هذا الإطار، نوه المسؤولون الأوروبيون بدور اللجنة البرلمانية المشتركة المغرب الاتحاد الأوروبي، والمجهودات التي تبذلها في سبيل تقريب وجهات النظر وتبادل الخبرات بينهما، والتي من شأنها تعزيز الشراكة والرفع من مستوى أداء الدبلوماسية البرلمانية.
من جهة أخرى، استغل أعضاء اللجنة البرلمانية هذه الفرصة للتصدي للمناورات التي تهدد الوحدة الترابية للمملكة، والمس بالشراكة المتميزة بين المغرب والاتحاد الأوروبي المبنية على الاحترام المتبادل، وخصوصا المواثيق الدولية وكل الاتفاقيات المبرمة في إطار الوضع المتقدم الذي يميز الشراكة المغربية الأوروبية، حيث تم تحسيس البرلمانيين الأوروبيين بالخطوة التي أقدمت عليها مجموعتا الخضر واليسار الأوروبي الموحد، والتي من شأنها خلق التضليل الذي يعكس تحيزا يتعارض مع موقف الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية.
وخلص بلاغ اللجنة البرلمانية بين المغرب والاتحاد الأوربي إلى أنه ردا على هذه التحركات المعادية للمغرب وبطلب من اللجنة، قام برلمانيون أوروبيون بطرح أسئلة على المفوضية الأوروبية، من بينها أسئلة البرلماني الأوروبي تييري مارياني، بخصوص ملف الهجرة والإشكاليات المطروحة حولها، والدور الريادي الذي يضطلع به المغرب في حماية أوروبا من تدفق المهاجرين عبر حدوده البحرية.