أيام الأسئلة الكبرى 2.1
إبراهيم الأمين
استقالة حكومة أو هزيمة سلطة أو سقوط للنظام. ما جرى ويجري، منذ انفجار الرابع من غشت، يقود إلى الأسئلة الكبرى أمام الناس جميعا، مواطنين ومسؤولين… ومتآمرين أيضا. وهي أسئلة تخص الخارج المهتم بخلاص لبنان، أو ذاك الباحث عن فرصة لتدميره نهائيا.
وقع حسان دياب تحت الضغط الكلي. مشكلته لم تكن محصورة بالقوى المعارضة لوجوده في السراي، بل في حلفائه أيضا. وهو وجد، من تلقاء نفسه، أن اقتراح الانتخابات المبكرة قد يمثل مدخلا لهدوء يقود إلى حل. نسي الرجل أن قواعد اللعبة ليست للشارع كما يظن المتوهمون، بل لمن لا يزال بيده الأمر. فكان القرار بإطاحته مشتركا: الرئيس ميشال عون الذي تعني له الانتخابات النيابية نزعا للشرعية عنه. جبران باسيل الذين تعني الانتخابات المبكرة تشليحه نصف كتلته النيابية. سعد الحريري الذي لا يطيق الجلوس في البيت والخائف من أن تصبح كتلته بضعة نواب على شاكلة ديما الجمالي. وليد جنبلاط الذي يخشى على مصير زعامته.. وفوق كل هؤلاء، الرئيس نبيه بري الذي لم يكن أصلا من المرحبين بحكومة دياب. وكان ولا يزال يفضل الحريري على جميع الآخرين، والهارب أيضا من ضائقة شعبية لا يمكن لحزب الله أن يعالجها كل الوقت… كل هؤلاء، معطوفين على الجهد المتواصل من الأمريكيين وحلفائهم السعوديين والإسرائيليين، ومنظماتهم غير الحكومية في لبنان، أنتج الجدار المرتفع الذي يعطل كل شيء. فكانت النتيجة القرار المبدئي باستقالة الحكومة. سيكون بوسع حسان دياب أن يستقيل بدل أن تتم إقالته في المجلس النيابي، وهو الذي رفض فكرة استدعائه لتحميله مسؤولية جريمة ارتكبها كل خصومه من داخل الحكومة وخارجها، خلال السنوات الماضية. ومعه وزراء هم اليوم في حالتهم الطبيعية، عراة من كل شيء، لا قوة لهم ولا ثمن. من أتى بهم يبيعهم على مفترق طرق. يجري كل ذلك، وسط حال من الجنون تسود الشارع ومعه الإعلام الفاجر المنتشر على كل الشاشات والمنابر.
لكن إلى أين من بعد هذه الهزة؟
الطبقة السياسية تريد تنفيذ توصية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتشكيل حكومة وحدة وطنية. يعتقدون أنه في حال استقالة حكومة دياب، سيُدعون إلى استشارات نيابية تسمي الحريري بطلا منقذا، على أن يجري منحه فرصة تشكيل حكومة تضم ممثلين عن كل القوى السياسية من دون أقطابها، وأن يصار بعدها إلى وضع برنامج عمل هدفه تهدئة الوضع في انتظار القرار الدولي.
لكن من يفكرون بهذه الطريقة، هل يملكون الإجابة عن الأسئلة المحرمة، ومنها:
– ماذا يعني الفشل في تشكيل حكومة سريعا؟ هل يصبح الجيش المكلف بقرار إدارة العاصمة الكبرى في ظل حالة طوارئ الحاكم الفعلي للبلاد؟ وهل الجيش قادر على هذه المهمة وهو الذي فشل في إدارة شوارع مثلومة، الأسبوع الماضي؟ وهل لدى قيادته وهم بأن سلطة الأمر الواقع تتيح له تشكيل حكومة وإجراء انتخابات والإتيان بقائد الجيش رئيسا للجمهورية؟
– من سيكون المسؤول عن البلاد بعد ثمانية أيام، عند صدور قرار المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال رفيق الحريري؟ من سيستوعب الصدمة ومن يمكنه ضبط الشارع الذي سيتصرف على أنه أسقط الحكومة، وعليه إسقاط المجلس النيابي ورئيس الجمهورية أيضا؟ وكيف سيكون الوضع لو أن الشارع ضم إلى مهامه أيضا مهمة تنفيذ حكم المحكمة الدولية؟
– فرنسا التي قادت مؤتمرا لتحصيل مساعدات تقرر حصرها بنتائج الانفجار، تقول إنها جمعت نحو ربع مليار أورو. لكنها – كما الولايات المتحدة – تريد أن تشرف الأمم المتحدة على إنفاقها. وهي تريد ذلك في ظل وجود الحكومة، فكيف إذا صارت البلاد من دون حكومة.