حسن البصري
ما اسمك الحقيقي لأن اسمك الفني هو الرائج في وسائل الإعلام؟
اسمي المدون في سجل الولادات هو فاطمة الزهراء حكيم، يعني أن ليلى مجرد اسم فني أطلق علي، لأنه مختصر مقارنة باسم مركب «فاطمة الزهراء». ولدت في مدينة الشلف الجزائرية سنة 1930، في وسط عائلي ميسور نسبيا ومحافظ في الوقت نفسه. كانت الجزائر، طبعا، تابعة للحكم الفرنسي وكان المسرح مزدهرا، خاصة وأن الفرنسيين كانوا يعشقون الفنون. في طفولتي كان لي ميول نحو مشاهدة الأفلام السينمائية لوجود دار للسينما في الحي الذي كنت أقطنه، وهو حي سكني تقيم فيه جالية فرنسية كثيرة العدد.
هل كان يسمح للجزائريين بدخول دور السينما؟
بالطبع كانت مفتوحة في وجه الجميع، كنت، وأنا طفلة، أدخل السينما وأنا معجبة بها. في زمن السينما الصامتة، كانت تبدو لي معجزة من المعجزات، ترددت على المسرح، أيضا، بإيعاز من والدي، بمعنى أنني عشت في أسرة محافظة لكنها متفتحة على الفنون. لكن، وأنا في سن الـ14 من العمر، طلب مني أن أتزوج من ابن عمي، وفي تلك الفترة كانت الأولوية في الزواج للوسط العائلي، غير أني رفضت توقيف حياتي وعدم الاستمتاع بشبابي ودخول قفص الزوجية مبكرا. توسط أحد أقاربي في الموضوع وأقنع أفراد عائلتي بتبني موهبتي الفنية ووعدهم بالمحافظة علي، وأكد لهم أن الزواج سيدمر موهبتي الفنية في الغناء.
البداية كانت من المسرح..
ككل فتاة عشقت الرقص الشرقي وكنت في خلوتي أرقص، لكني وجدت نفسي أمثل دور الطفلة في مسارح العاصمة الجزائر. شرعت في خوض غمار التمثيل بعيدا عن الشلف، وكنت أقلد الفنانات المصريات والفرنسيات المتألقات في نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات من القرن الماضي. وهكذا التحقت بفرقة محيي الدين بشتارزي المسرحية، وشاركت لأول مرة في مسرحية «المجرم» وأنا في الخامسة عشرة من عمري، حيث أشادت الصحافة الفرنسية بأدائي، ما جعلني أستمر ممثلة مسرحية لثلاث سنوات أخرى، إذ ستتاح لي فرصة السفر إلى فرنسا خلال عطلة صيفية، وهناك تعلمت فن الرقص الكلاسيكي على يد إحدى الراقصات القبايليات المحترفات تدعى بديعة، والتي كانت تشتغل في ملهى «الكتبية» وهو في ملكية شخص يدعى الشرادي. قررت البقاء في باريس واشتغلت راقصة في هذا الملهى دون الحاجة إلى موافقة الوالدين. كان ذلك سنة 1950 في «الكتبية»، قبل أن أنتقل إلى مرقص آخر يسمى «الجزائر».
في هذا الملهى بدأت علاقتك بالمشاهير، أليس كذلك؟
هناك التقيت صدفة بالموسيقار المصري محمد عبد الوهاب وزوجته إقبال نصار، وتلك كانت بداية العلاقة مع نجوم الفن المصريين، إذ توطدت علاقتي بمحمد عبد الوهاب، الذي قضى رفقتي أسبوعا حيث كنت أعرفه على أشهر معالم باريس السياحية. عادت زوجته إلى مصر وظل يتردد على الملهى، وحين تعرض لنوبة مرضية طلب مني أن أدله على طبيب يأتي إلى شقته ليعالجه، فعرضت الفكرة على طبيب مغربي كان في باريس هو عبد الكريم الخطيب، له أصول جزائرية وسيصبح رئيسا لحزب سياسي محافظ في المغرب. وافق عبد الكريم على مرافقتي إلى شقة كان يقطنها الموسيقار محمد عبد الوهاب في باريس وأشرف على علاجه. وجه لي محمد عبد الوهاب دعوة للحضور إلى القاهرة، لكني لم أوافق بسبب التزامي بالعمل في الملهى.
لكنك سترافقين فريد الأطرش إلى مصر..
السيناريو نفسه تكرر مع فريد الأطرش، الذي التقيته أيضا في الملهي بالعاصمة الفرنسية باريس، وعرض علي المشاركة في فيلمين: «عايزة أتجوز» و«لحن حبي» سنة 1953، حيث عوضت غياب الراقصة سامية جمال. أعجبت كثيرا بالسينما، خاصة الأفلام الغنائية، وفي مصر أصبحت راقصة بنفحة أوربية، فاستدعاني الملك فاروق لحفلاته، قبل أن أقرر العودة إلى باريس لأنني تعودت على الأجواء الأوربية، خاصة بعد أن عرض علي أحد المخرجين المشاركة فى أفلام فرنسية وإنجليزية.
كيف تعرفت على اللاعب المغربي عبد الرحمان بلمحجوب؟
لابد من الإشارة إلى أن والدي ووالدتي هاجرا من الجزائر إلى المغرب، هروبا من الأحداث الدامية التي عرفتها في بداية الخمسينات، وكانا يقطنان شقة وسط الدار البيضاء. قررت زيارة والدتي في المغرب، وفور وصولي عرض عليها أحد متعهدي الأفلام تقديم فيلم «لحن حبي» في سينما «شهرزاد» بالدار البيضاء، وأن أكون ضيفة شرفية. استغل التلفزيون الفرنسي وجودي في الدار البيضاء واستضافني في لقاء حواري بمؤسسة «تيليما» في عين الشق، لكن الصدف شاءت أن ألتقي بلاعب مغربي محترف في فرنسا اسمه عبد الرحمان بلمحجوب.
هل كان بدوره ضيفا على التلفزيون؟
كان مقدم البرنامج، يدعى كسوس، يحاور عبد الرحمان حول احترافه في فرنسا، وبعد اللقاء التلفزيوني انتقلنا جميعا إلى درب السلطان لمشاهدة فيلم «لحن حبي». بعد نهاية العرض اقترح علينا المطرب اليهودي سليم لهلالي تناول وجبة العشاء في مطعمه «الديك الذهبي» بالدار البيضاء، وافقنا غير أن عبد الرحمان قال لنا إنه سيذهب إلى بيت عائلته في المدينة القديمة ليخبر والدته بتأخره ثم يلتحق بنا، هنا شعرت بأن الشاب في قمة الأخلاق. وبعد انتهاء سهرتنا في المطعم أخذنا في جولة بشوارع الدار البيضاء، كانت أول لقاء بيننا.