شوف تشوف

الرئيسية

أوروبا والنزاع الروسي الأوكراني

أثرت الحرب الروسية- الأوكرانية بشكل مباشر على الأمن الأوروبي المشترك، وبدت أوروبا حائرة بين دعم عسكري حذر لأوكرانيا، ورغبة في إنهاء الحرب دون أن تمتلك القدرة على إيقافها.

والمؤكد أن التقدم الروسي الأخير وإصرار روسيا على السيطرة الكاملة على إقليم «دونباس»، الذي تعيش فيه أقلية عرقية من أصل روسي (ويحارب أفراد منها مع الجيش الروسي)، ما زال محل رفض أوروبي، وهو ما سيفتح الباب لاستمرار الصراع، رغم كل المخاطر التي يسببها على المستويين الاقتصادي والأمني.

والحقيقة أن أهم ما أسفرت عنه هذه الحرب، هو زيادة أوروبا إنفاقها العسكري، ومراجعة استراتيجيتها الأمنية والعسكرية. فمن ناحية قبلت دول الاتحاد الأوروبي إنشاء مقر دائم للناتو في بولندا، سينشر أكثر من 300 ألف جندي هذا العام، بدلا من العدد الحالي البالغ 40 ألفا.

وأدت الحرب أيضا إلى دعم القدرات العسكرية لدول الاتحاد الأوروبي، وتبني سياسة عُرفت باسم «الحكم الذاتي الاستراتيجي»، أي أن أوروبا ستبقى داخل «الحكم» الأمريكي أو بالأحرى المظلة العسكرية الأمريكية، متمثلة في حلف شمال الأطلنطي، ولكنها ستعمل على دعم قوتها العسكرية الموحدة.

وقد وافقت الدول الأوروبية، ولأول مرة منذ تأسيس الاتحاد، على الالتزام برفع إنفاقها العسكري ليتجاوز 2 في المائة من الناتج المحلي، مع اختلاف في تاريخ بلوغ كل دولة في الناتو هذا الهدف. حيث أعلنت إيطاليا أنها ستصل إلى هذا الهدف خلال هذه السنة، أما ألمانيا فيفترض أن تزيد إنفاقها إلى أكثر من 70 مليار أورو في عام 2024، لتصل إلى نسبة 2 في المائة، أما فرنسا فتنوى زيادة نفقاتها العسكرية إلى 300 مليار أورو بحلول عام 2025، أما الدانمارك فقالت إنها لن تبلغ هذه النسبة إلا بحلول عام 2033، وإسبانيا بحلول سنة 2029، وبلجيكا عام 2035.

وحسب تقرير لوكالة الدفاع الأوروبية، فإن الاتحاد الأوروبي كان أقل التكتلات العالمية الكبرى في رفع الإنفاق العسكري، فخلال الفترة بين 1999 و2021 ارتفعت هذه النفقات بنسبة 20 في المائة مقارنة بزيادة بنسبة 66 في المائة للإنفاق العسكري الأمريكي، وزيادة نسبتها 292 في المائة بالنسبة إلى روسيا، و592 في المائة هي نسبة الزيادة في النفقات العسكرية الصينية.

وقد تخلصت كل من السويد وفنلندا من عقيدة «الحياد» التي اعتمدتاها لسنوات تجاه حلف الناتو، لتجنب الاحتكاك بروسيا، قبل أن تغيرا موقفهما وقدمتا طلبا للانضمام إلى الحلف، والذي لا يزال يواجه بعض الصعوبات بسبب اعتراضات تركية.

ورغم الحديث الأوروبي عن استقلالية قوتها العسكرية، إلا أن هذه الاستقلالية بدت على خلاف الخطاب السابق أقرب إلى دعم قدراتها العسكرية بالتنسيق مع الأمريكان.

وبدت مقولة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، بوريس جونسون: «ابقَ لصيقا بالأمريكيين» حاضرة ولو بشكل ضمني في تحركات كثير من القادة الأوروبيين، وفي حرصهم على بناء قوة عسكرية أوروبية تتحرك تحت المظلة الأمريكية، وبتنسيق دقيق معها.

عمرو الشوبكي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى