أوراش للبيع
اهتزت عمالة إقليم القنيطرة على وقع فضيحة من العيار الثقيل، بعد تسريب تسجيلات صوتية تفضح وجود تلاعبات بـ«البيع والشراء» في عقود برنامج «أوراش»، الذي خصصته الحكومة لتوفير مناصب شغل مؤقتة للعاطلين عن العمل، والأشخاص الذين فقدوا مصدر رزقهم، بسبب تداعيات جائحة «كورونا». هذه الفضيحة، في انتظار أن يقول فيها القضاء كلمته النهائية، ليس لها من تفسير سوى أن كل شيء قابل للبيع لدى طينة من المنتخبين ابتلينا بهم في هذا الزمن الأغبر من السياسة، الضمائرُ تُباع، الذمم الانتخابية تشترى، عقود للعمل المؤقت تُباع، وكأنها سلعة من السلع، إنها لدوامة كبيرة تلك التي يعيشها المواطن المغلوب على أمره مع «شناقة» السياسة، الذين يستغلون أي مشروع من أجل التكسب السياسي على حساب مآسي الفقراء.
لقد أصبحت واجبات المواطن المفروضة على الدولة، مثل الدجاجة ومثل عبوة المياه الغازية، تُباع وتُشترى بالهواتف النقالة، ولم يعد هناك إلا منطق السوق والاقتصاد تجاه أي برنامج عمومي يتوخى التخفيف من المعاناة الاجتماعية، إلى درجة أن بعض المنتخبين، سيما البعيدين عن المركز، تحولوا إلى سماسرة ووسطاء بحكم موقعهم القريب من صنع القرار المحلي، بل وابتدعوا أساليب ابتزاز جديدة للاتجار بمشاريع لم تعرف في عهود سابقة. لذلك وجدنا منتخبا يطلب من عاطل أن يدفع 5000 درهم، ليسمح له بالاستفادة من عقد برنامج «أوراش» أو «فرصة».
لم نكن لنصل إلى هذا المستوى من الاستهتار والجرأة على إفساد مشاريع اجتماعية وبيعها في المزاد العلني، لو تحركت مؤسسات المحاسبة والمساءلة في فضائح سابقة، وما دام أن المنتخب لا تصله يد الحساب ولا يوضع سيف المساءلة القضائية فوق رقبته وذمته المالية، فإن دار لقمان ستبقى على حالها، وسنعيش حالة من التطبيع الجماعي مع مظاهر الفساد السياسي، وستتحول كل خدمات الدولة الى دجاجة تبيض ذهبا.