شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

أنظمة التقاعد مهددة بالإفلاس هذه خيارات وسيناريوهات الإصلاح المطروحة أمام الحكومة

أصبح إصلاح أنظمة التقاعد يفرض نفسه بقوة على الحكومة، في ظل توالي التقارير الصادرة عن مؤسسات وطنية تحذر من خطر الإفلاس الذي يتهدد هذه الأنظمة في السنوات المقبلة. ولهذا، سارع رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، إلى الإعلان، تحت قبة البرلمان، عن شروع حكومته في إعداد تصور للإصلاح، من خلال إيجاد حلول واقعية ومستدامة، مؤكدا أن الحكومة لن تقبل على نفسها، مهما بلغت الكلفة السياسية، أن تعمل على توريث هذا الملف مع تعميق أزمته، فما هي، إذن، السيناريوهات والخيارات المطروحة أمام الحكومة؟

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

 

 

بعد التحذيرات التي أطلقتها الهيئة الوطنية لمراقبة التأمينات حول الإفلاس الذي يتهدد صناديق التقاعد، تعتزم الحكومة الشروع في المرحلة الثانية من إصلاح أنظمة التقاعد. وتشير الوثائق المرفقة لقانون المالية لسنة 2022 إلى أنه من أجل ضمان التوازن المالي لمنظومة التقاعد وديمومتها، انخرط المغرب في مسلسل إصلاح هيكلي لأنظمة التقاعد وذلك من خلال اعتماد مقاربة شمولية تقوم على مرحلتين، همت الأولى التنزيل التدريجي، ابتداء من سنة 2016، للإصلاح المقياسي المستعجل لنظام المعاشات المدنية بالنظر لهشاشة توازناته المالية وكذا العجز التقني المسجل. ومكن هذا الإصلاح من تأخير تاريخ نفاد الاحتياطيات في انتظار إرساء القطب العمومي، كما أنه مکن من اعتماد تعرفة متوازنة للنظام ومن تقليص دينه الضمني، أما المرحلة الثانية فتهدف، على المدى المتوسط، إلى إنشاء منظومة القطبين (العمومي والخاص) في أفق التقارب على المدى البعيد نحو نظام أساسي موحد على المستوى الوطني. وفي هذا الإطار، أطلقت الوزارة المكلفة بالاقتصاد والمالية دراسة لتصميم نظام التقاعد بقطبين «العمومي» و«الخاص» وتحديد كيفيات تفعيله.

 

الإصلاح يفرض نفسه

 

في كلمة ألقاها بمناسبة انعقاد أشغال المنتدى البرلماني الدولي السادس للعدالة الاجتماعية، الذي نظمه مجلس المستشارين بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تحت شعار «الحوار الاجتماعي ورهانات الدولة الاجتماعية»، أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أن الإصلاحات المطلوبة بشأن منظومة التقاعد تظل من أهم الملفات التي تقتضي رؤية وطنية موحدة، وأكد أن الحكومة ستتحلى بالشجاعة السياسية اللازمة، ولن تدخر جهدا لبلوغ رؤية توافقية، مع مختلف الشركاء الاجتماعيين، كفيلة بإيجاد حلول واقعية، جدية ومستدامة للإشكاليات التي تعاني منها مختلف أنظمة التقاعد، والتي من الممكن أن تتطور في أفق الولاية المقبلة إلى وضعية عجز هيكلي دائم. وأضاف أخنوش قائلا «إن هذه الحكومة لن تقبل على نفسها، مهما بلغت الكلفة السياسية، أن تعمل على توريث هذا الملف مع تعميق أزمته ورفض الحوار البناء بشأنه، كما جرت بذلك العادة خلال كل السنوات الماضية».

وعقدت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب لقاء دراسيا حول موضوع «استدامة أنظمة التقاعد في ظل تعميم الحماية الاجتماعية»، بمشاركة كل من نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، وفوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية ومسؤولين عن كل من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والصندوق المهني المغربي للتقاعد، الصندوق المغربي للتقاعد، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، وصندوق الإيداع والتدبير للاحتياط.

وأكد المشاركون في اللقاء على أهمية إصلاح نظام التقاعد وفق مقاربة تشاركية مع الانفتاح على الفرقاء الاجتماعيين، ومراعاة الإكراهات المالية للإصلاح، بما يضمن توازن واستمرارية المنظومة ذات الصلة وديمومتها. وتوجت أشغال اللقاء بتوصيات ومقترحات دعت إلى الانكباب على معالجة الوضعية الحالية لنظام المعاشات المدنية بعد الإصلاح المقياسي الذي عرفه سنة 2016، والعمل على تجاوز الصندوق الجماعي لمنح رواتب التقاعد لعجزه التقني.

وحثت التوصيات، كذلك، على تسريع جهود تعزيز توازنات أنشطة التقاعد وضمان الالتقائية على مستوى الخدمات والتمويل والإطار التنظيمي، وتجميع المنظومة في قطبين: قطب عمومي (RCAR-CMR) وقطب خاص (CNSS-CIMR) وذلك في أفق إحداث نظام وطني موحد يقوم على ثلاث دعامات.

ويتعلق الأمر بدعامة «إجبارية» يتم تدبيرها وفق قاعدة التوزيع تشمل الأشخاص في القطاعين العام والخاص وغير الأجراء، ودعامة «تكميلية» قائمة على مبدأ المساهمة بالنسبة للدخول التي تفوق السقف المحدد، ثم دعامة «اختيارية» تقوم على أساس الرسملة في نطاق التأمين الخاص الفردي أو الجماعي.

وتضمنت المقترحات، كذلك، وضع آليات الحكامة وقيادة فعالة لأنظمة التقاعد للحرص على استدامتها، وإرساء مبادئ الحكامة التشاركية والشفافية القائمة على فصل واضح بين صلاحيات التوجيه الاستراتيجي والقيادة، وبين تلك المتعلقة بالتدبير، مع الحرص على التمثيلية الشرعية والفعلية للشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين داخل هيئات التوجيه وقيادة الأنظمة وكذا في ما يتعلق بوضع وتقييم سياسات الاستثمار وتوظيف الاحتياطات المالية.

وشدد المشاركون في هذا اللقاء على ضرورة مراعاة القدرات التمويلية للمشغلين والقدرة المساهماتية للمنخرطين، ومراجعة سياسة توظيف الأموال المتأتية من الاحتياطات واعتماد مقاربة موحدة للجوانب المتصلة بالغايات والتأثيرات المنشودة والتدبير والمراقبة وتشجيع الاستثمار طويل المدى، وإحداث حد أدنى للدخل في سن الشيخوخة لا يقل عن عتبة الفقر بالنسبة للأشخاص الذين لا يستفيدون من أي معاش في إطار الإصلاح الشمولي للمنظومة.

وطالب المشاركون، أيضا، بتوسيع مجال التمويلات المبتكرة على جميع الصناديق، وبإصلاح مقياسي للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، واعتماد إصلاح عن طريق تعديل النصوص التنظيمية لما له من تأثير إيجابي على ديمومة النظام، مع الرفع من سن التقاعد أو من واجب الانخراط.

ومن ضمن المقترحات التي خلص إليها هذا اللقاء، إمكانية إدراج إصلاحات مقياسية على مستوى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالنظر لما يتوفر عليه هذا الأخير من هوامش..، حيث إن نسبة المساهمة بالنظام تنحصر في 11.89 بالمئة، وسن الإحالة على التقاعد محدد في 60 سنة، وكذا تعزيز الديمومة من خلال القيام بعمليات إدماج جديدة على أسس تقنية سليمة تضمن تحقيق تعرفة متوازنة، إلى جانب استثمار الموارد الجديدة المحصلة وفقا لأفضل معايير تدبير المخاطر.

 

وضعية مقلقة

 

شكل اللقاء مناسبة سعى من خلالها مختلف المتدخلين إلى تشخيص وتحليل واقع منظومة التقاعد بالبلاد، مبرزين عدم تجانسها وما يطبعها من اختلاف، سواء من حيث الخصائص التقنية، أو الديمغرافية، أو من حيث طبيعة الإشكالات التي تعرفها، حيث تتأرجح بين الصناديق التي ستستنفد احتياطاتها بحلول 2028 وتلك التي تعرف عجزا تقنيا منذ 2020 مع توفرها على احتياطات مهمة، وكذا الصناديق التي تتميز بأفق استدامة بعيد نسبيا.

وأكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، أن أنظمة التقاعد استخلصت، برسم سنة 2020، مبلغ 62,74 مليار درهم من مجموع المساهمات والاشتراكات. وأبرزت الوزيرة، في كلمة لها خلال اليوم الدراسي، أن الخدمات، في المقابل، كلفت 67,9 مليار درهم، بما في ذلك 32,6 مليار درهم للصندوق المغربي للتقاعد، و22,9 مليار درهم للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

وذكرت الوزيرة، في هذا السياق، بأن المساهمين النشطين الذين شملتهم تغطية أنظمة التقاعد بلغوا، برسم السنة ذاتها، أكثر من 4.5 ملايين شخص، مضيفة أن مجموع المستفيدين وصل إلى 1.4 مليون شخص، كما استعرضت الوزيرة الإشكاليات والتحديات المرتبطة بأنظمة التقاعد في القطاعين العام والخاص، مبرزة أن نظام التقاعد الحالي يطبعه عدم التجانس على عدة مستويات.

وفي معرض حديثها عن الوضعية الحالية لنظام المعاشات المدنية بعد الإصلاح المقياسي الذي عرفه سنة 2016، حذرت الوزيرة من أن النظام سيستنفد احتياطياته (70 مليار درهم) بحلول سنة 2028، موضحة أنه للوفاء بالتزاماته بعد ذلك، سيحتاج الصندوق المغربي للتقاعد ما يناهز 14 مليار درهم سنويا لتمويل عجز النظام، وسجلت أيضا أن «المستوى الحالي لنسبة المساهمة (28 في المئة) وسن التقاعد القانوني (63 سنة) لا يتركان سوى هامش ضيق لتبني إصلاح مقياسي جديد».

وتابعت المسؤولة الحكومية أن أفق استدامة النظام القريب يجعل أثر الإصلاح المقياسي يقتصر على خفض الدين الضمني دون معالجة إشكالية نفاد احتياطيات النظام، وأضافت «يعد النظام حاليا متوازنا بالنسبة للحقوق المكتسبة بعد إصلاح 2016 بحيث إن الدين الضمني الحالي يهم بالخصوص الحقوق المكتسبة في السابق».

 

توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي

 

أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي باستعجالية تفعيل الإصلاح الهيكلي والشمولي لقطاع التقاعد بالمغرب. وأكد المجلس، في «نقطة يقظة» أصدرها أخيرا، أن إرساء منظومة وطنية للتقاعد، تضامنية وناجعة ومستدامة وقادرة على الاستجابة لانتظارات الأجيال الحالية والقادمة من النشيطين والمتقاعدين وضمان حقوقهم، يقتضي العمل على تسريع تفعيل مسلسل تعزيز توازنات أنظمة التقاعد الموجودة وإرساء الانتقائية بين مصادر تمويلها، وخدماتها، والإطار القانوني والتنظيمي المتعلق بها ونمط حكامتها.

وأوضح المصدر ذاته أن الهدف الاستراتيجي من هذا التوجه يكمن في العمل، وفقا للتوجيهات الملكية المتعلقة بإحداث منظومة حماية اجتماعية شاملة، على الانتقال نحو منظومة تقاعد قائمة على قطبين؛ قطب خاص وقطب عمومي، وذلك في أفق إحداث نظام وطني موحد للتقاعد يساهم في الوقت ذاته في تأمين دخل للأشخاص المسنين، وكذا في النهوض بمنظومة ادخار وطنية ذات تأثير إيجابي ومستدام على النمو الاقتصادي والتنمية البشرية.

وسجل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أنه بحلول سنة 2022، يدخل ورش إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية عامه الثاني بإعطاء الأسبقية في التفعيل للعمليات المتعلقة بتعميم الاستفادة من التأمين الإجباري عن المرض لتشمل كافة الشرائح الاجتماعية التي لا تتوفر عليه لحد الآن (22 مليون مواطن). وعلاوة على ذلك، يضيف المجلس، يوجد توسيع قاعدة الانخراط في أنظمة التقاعد في صلب العرض المتكامل الذي يتضمنه القانون-الإطار رقم 21-09 المتعلق بالحماية الاجتماعية الذي أدرج كذلك الحماية من المخاطر المرتبطة بالشيخوخة من خلال العمل على إدماج حوالي 5 ملايين شخص من الساكنة النشيطة الذين يمارسون عملا ولا يتوفرون على أي معاش، وذلك في أفق سنة 2025.

ولتحقيق هذا الهدف الطموح، يقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي اتخاذ عدد من التدابير التمهيدية والتحضيرية التي تظل ضرورية لإنجاح الإصلاح الشمولي المرتقب لأنظمة التقاعد بالمغرب، التي يمكن الشروع في تنفيذها منذ الآن، والتي سبق أن اقترحها المجلس، سواء بمناسبة تقديم رأيه حول الإصلاح المقياسي للمعاشات المدنية، أو في معرض تقريره الذي تناول الحماية الاجتماعية بالمملكة عموما، بما فيها الشق المتعلق بإصلاح قطاع التقاعد من أجل إرساء منظومة عادلة تتسم بالتوازن والديمومة والقدرة على الصمود أمام التقلبات الاقتصادية والاجتماعية، وترصد المكتسبات، وتحافظ على حقوق ومصالح الأجيال القادمة.

وأوصى المجلس بالتعجيل بتحديد جدول زمني دقيق وملزم لجميع الأطراف لتنفيذ المراحل الكبرى للإصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد، بالتشاور مع الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين وباقي الفاعلين المعنيين، كما يتعلق الأمر بالإسراع في تحيين واستكمال الدراسات الإكتوارية والإصلاحات المقياسية ذات الصلة باستدامة أنظمة التقاعد، من أجل تيسير عملية تجميع المنظومة في قطبين: قطب عمومي (الصندوق المغربي للتقاعد والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد..)، وقطب خاص (الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق المهني المغربي للتقاعد..)، إلى جانب استصدار النصوص القانونية والتنظيمية الضرورية لالتقائية أنظمة الاحتياط الاجتماعي للتقاعد.

وأوصى المجلس أيضا بإحداث، في مرحلة لاحقة، وفق الجدولة الزمنية المحددة للإصلاح الشمولي، نظام وطني موحد للتقاعد يقوم على ثلاث دعامات تتمثل في دعامة إجبارية أساسية، ودعامة إجبارية تكميلية قائمة على مبدأ المساهمة، ودعامة ثالثة اختيارية تقوم على الرسملة في نطاق التأمين الخاص الفردي أو الجماعي.

كما دعا المجلس إلى إحداث حد أدنى للدخل في سن الشيخوخة لا يقل عن عتبة الفقر لفائدة الأشخاص الذين لن يستفيدوا من أي معاش في إطار الإصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد والحماية الاجتماعية عموما. ويقترح المجلس وضــع آليــات لحكامــة وقيــادة فعالــة لأنظمــة التقاعــد، بقــوة القانــون، بهــدف الحــرص علــى اســتدامتها وملاءمتهــا للتطــورات الماليــة والاقتصاديــة والاجتماعيــة والديموغرافية، على أن تستجيب هذه الآليات للمتطلبات، وضمـان مسـتوى من القيـادة الشـمولية لمجمـوع الأنظمة علــى أســاس إطــار مرجعـي احتـرازي مشـترك، وذلـك بغية تسهيل عمليـة القيـادة، وضمـان يقظـة مسـتمرة، كما دعا إلى اعتمـــاد مقاربـــة اســـتباقية لتدبيـــر المخاطـــر (الشـمولية والماليــــة والمؤسســــاتية) مــــن أجــــل أخــذ مختلــــف التطـــورات الديموغرافيـــة والماليـــة والاجتماعيــة بعيــن الاعتبار، وبالتالي توقع مخاطر الاختلالات المالية وتفاقم الديون الضمنية للأنظمة.

وعلى مستوى التمويل، دعا المجلس إلى الأخذ بعين الاعتبار، في تطبيق الإصلاح الشمولي، القدرات التمويلية للمشغلين (الرهانات التنافسية) والقدرة المساهماتية للمنخرطيـن (رهانات المحافظة على القدرة الشرائية)، وأوصى بمراجعـة سياسة توظيف الأموال المتأتية من الاحتياطيات، واعتماد مقاربة موحدة للجوانب المتصلة بالغايات والتأثيرات المنشودة والتدبيـر والمراقبة، مع العمل بشكل خاص على تشجيع الاستثمار طويل المدى في احترام تام للقواعد الاحترازية، وذلك في قطاعات وأنشطة تساهم في إحداث مناصب الشغل وتحقيق الرفاه الاجتماعي وحماية البيئة. ويقترح المجلس تخصيـص ما بين 2 إلى 4 في المئة من الضريبة على القيمة المضافة في تمويل الحماية الاجتماعية، بما فيها منظومـة التقاعد.

خطر الإفلاس يهدد أنظمة التقاعد بالمغرب

المعاشات المدنية في 2028 وCNSS سنة 2040 ونظام رواتب التقاعد في 2044

 

أكدت معطيات وأرقام وردت في التقرير السنوي لهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي برسم سنة 2020، الذي سلمه رئيس الهيئة بالنيابة، عثمان خليل العلمي، لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، وجود خطر الإفلاس يهدد أنظمة التقاعد بالمغرب، بسبب الأزمة المالية الخانقة التي تعرفها هذه الأنظمة، رغم الإصلاحات التي باشرتها الحكومتان السابقتان، من خلال الرفع من نسبة الاقتطاعات من أجور الموظفين والزيادة في سن الحصول على التقاعد.

وحسب التقرير، فقد بلغ عدد المساهمين النشيطين في الأنظمة الأساسية للتقاعد، خلال سنة 2020، حوالي 4,5 ملايين شخص، مسجلا بذلك انخفاضا بنسبة 4,1 في المائة مقارنة مع سنة 2019، ويعزى هذا الانخفاض أساسا إلى تقلص عدد المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بنسبة 6,7 في المائة من جراء تداعيات الأزمة الصحية على سوق الشغل، وسجل التقرير، ارتفاع عدد المستفيدين من هذه الأنظمة برسم سنة 2020 بنسبة 5,4 في المائة ليبلغ 1,5 مليون مستفيد، يشكل المتقاعدون 69,4 في المائة، فيما يمثل المستفيدون من معاشات ذوي الحقوق (الأرامل والأيتام) نسبة 30,6 في المائة من المجموع.

وأفاد التقرير، بأنه بالرغم من انخفاض المعامل الديموغرافي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في 2020 الناتج خصوصا عن تداعيات الأزمة الصحية على سوق الشغل، فمازال هذا الصندوق يستفيد من قاعدة ديمغرافية جيدة مكنته من تسجيل معامل ديمغرافي بلغ 7,5 مساهمين نشيطين لكل متقاعد، ومن جهة أخرى، أدى انخراط أساتذة الأكاديميات الجهوية للتعليم والتكوين في النظام العام للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد عوض نظام المعاشات المدنية منذ سنة 2017 إلى انخفاض في المعامل الديموغرافي لهذا النظام الأخر مقابل زيادة معامل النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد (النظام العام)، فبالنسبة لهذين النظامين المتعلقين بالقطاع العام (نظام المعاشات المدنية والنظام العام للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد)، يظل المعامل الديموغرافي في مستوى منخفض لا يتعدى على التوالي 2,0 و2,2 مساهم نشيط لكل متقاعد.

وبخصوص الوضعية المالية لأنظمة التقاعد، فقد بلغت نسبة مساهماتها حوالي 51,2ملياردرهم (%82,8 منها برسم أنظمة التقاعد الأساسية)، مسجلة بذلك ارتفاعا بنسبة %3,9 مقارنة مع سنة 2019، وبلغت التعويضات المؤداة من طرف هذه الأنظمة 59,0 مليار درهم (منها 53,2 مليار درهم برسم الأنظمة الأساسية)، بزيادة %10,5 مقارنة مع سنة 2019. وحسب التقرير، فقد عرفت الوضعية المالية للأنظمة الأساسية تراجعا سنة 2020، حيث سجلت عجزا تقنيا قدره 10,8 مليارات درهم مقابل 7,1 مليارات خلال سنة 2019، وبالرغم من تسجيل الرصيد المالي لفائض قدره 10,9 مليارات درهم (بزيادة %1,7)، فقد سجل الرصيد الإجمالي عجزا قدره 500 مليون درهم مقابل فائض بلغ 3,3 مليارات درهم سنة من قبل، كما استمر النظامان التكميليان للتقاعد (الصندوق المهني المغربي للتقاعد والنظام التكميلي للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد) في تسجيل أرصدة تقنية إيجابية بلغت على التوالي 2,9 مليار و61,0 مليون درهم.

وأنجزت الهيئة دراسات إكتوارية على مدى 60 سنة، حيث أكدت هذه الدراسة أن المعامل الديموغرافي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي سيشهد تدهورا هاما على المدى الطويل ليبلغ 1,2 مساهم نشيط لكل متقاعد سنة 2080 مقابل 7,5 سنة 2020، كما أن النظامين المتعلقين بالقطاع العام (نظام المعاشات المدنية والنظام العام للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد) سيشهدان أيضا تدهورا بسبب ارتفاع عدد الإحالات على التقاعد مستقبلا مقارنة مع عدد التوظيفات الجديدة في الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية، وسيبلغ هذا المعامل بالنسبة لهذين النظامين 1,7 و1,1 مساهم نشيط لكل متقاعد، على التوالي، في أفق الإسقاطات (2080)، أما فيما يتعلق بالصندوق المهني المغربي للتقاعد، فسيستقر معامله الديموغرافي في 1,5 سنة 2080 مقابل 2,8 سنة 2020.

وأكد التقرير أن ثقل التزامات نظام المعاشات المدنية الناجمة عن الحقوق المكتسبة قبل الإصلاح المقياسي لسنة 2016، سيستمر في التأثر على ديمومة النظام بحيث لن تمكن احتياطياته من تمويل مبالغ عجزه إلا إلى غاية سنة 2028 بتمديد سنة إضافية حسب التقييمات السابقة، وذلك نتيجة لتغير نظام انخراط الأساتذة التابع للأكاديميات الجهوية للتعليم والتكوين من النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد إلى نظام المعاشات المدنية، وعلى العكس من ذلك، سيؤدي هذا الإجراء إلى تدهور مؤشرات السيولة بالنسبة للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد مقارنة بالتقييم الإكتواري الذي تم إنجازه في 2019 حيث سيتقلص أفق تسجيل أول عجز إجمالي بخمس سنوات، حيث سيكون أول عجز في سنة 2023، وتاريخ نفاذ الاحتياطيات بأربع سنوات، وسيكون في سنة 2044.

وأبرزت الإسقاطات الإكتوارية المتعلقة بفرع التعويضات طويلة الأمد للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أن تاريخ تسجيله لأول عجز إجمالي وتاريخ نفاذ احتياطياته سيعرفان على التوالي تراجعا بسنتين وست سنوات، حيث سيعرف أول إجمالي في سنة 2027، ونفاذ الاحتياطات في سنة 2040، ويرجع ذلك إلى انخفاض عدد المساهمين في 2020 تحت تأثر الأزمة الصحية وقرار السلطات العمومية المتعلق بحساب حقوق معاشات التقاعد لصالح المؤمن لهم الذين استفادوا من التعويض الجزافي برسم أزمة جائحة فروس كورونا دون أداء اشتراكات في المقابل، فيما يتعلق بالصندوق المهني المغربي للتقاعد، فسيستمر النظام في تسجيل فوائض على مستوى أرصدته الإجمالية ومراكمة الاحتياطيات خلال فترة الاسقاطات.

A retired Algerian man reads at the “Taleb Abderhaman” parc in the popular neighbourhood of Bab El Oued in the capital Algiers on October 26, 2020. – Algerians are set to vote on a new constitution, but a long-running protest movement rejects the exercise as window-dressing.
Observers see the constitution as the centrepiece of now-hospitalised President Abdelmadjid Tebboune’s strategy to neutralise the Hirak (protest0 movement, which staged vast demonstrations last year and forced his predecessor from office. (Photo by RYAD KRAMDI / AFP)
إصلاح التقاعد.. الأزمة بالأرقام

 

هم الإصلاح المقياسي لأنظمة التقاعد، والذي باشرته حكومة عبد الإله بنكيران وأقرته الحكومة السابقة، لسعد الدين العثماني، تعديلات مست سن التقاعد٬ ونسبة المساهمة٬ والنسبة السنوية للأقساط٬ وعاء تصفية المعاشات، واعتمدت الحكومة السابقة في إصلاحها على مخرجات اجتماعات لجنة إصلاح التقاعد التي أوصت باعتماد نظام القطبين باعتباره إطارا عاما للإصلاح الشامل لهذا القطاع والذي يرتكز على خلق قطب للقطاع العام وقطب للقطاع الخاص (هذا الأخير الذي من المفترض أن يعمم التغطية لتشمل فئة غير الأجراء)؛ والإصلاح المقياسي الاستعجالي لنظام المعاشات المدني.

كما ركز الإصلاح الذي اعتمدته الحكومة السابقة على الرفع التدريجي لسن التقاعد إلى 63 سنة بمعدل 6 أشهر في السنة اعتبارًا من فاتح يناير 2017، ورفع نسبة المساهمة لمدة 4 سنوات من 20 في المائة إلى 28 في المائة، وتوسيع قاعدة تصفية المعاشات إلى متوسط الراتب خلال الثمان سنوات الأخيرة من الخدمة الفعلية، بالإضافة إلى خفض معدل الأقساط السنوية من 2,5 في المائة إلى 2 في المائة، للحقوق المستقبلية التي تمت تصفيتها في سن التقاعد القانوني ومن 2 في المائة إلى 1,5 في المائة للتقاعد المبكر اعتبارًا من فاتح يناير 2017، ثم زيادة مبلغ الحد الأدنى للمعاشات من 1000 إلى 1200 درهم شهريًا في 2016 و 1350 في 2017 و 1500 في 2018. وقد تم اعتماد مشروعي قانونين آخرين أيضا يهمان رفع الحد الأدنى لمعاشات المنخرطين في نظام المعاشات العسكرية والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد من 1000 درهم شهريًا إلى 1500.

في المقابل، أوضح المجلس الأعلى للحسابات في تقريره حول تقييم وضعية أنظمة التقاعد بالمغرب، وقد شمل هذا التقييم كلا من نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد ونظام التقاعد المسير من قبل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ونظام التقاعد التكميلي الذي يتولى تدبيره الصندوق المهني المغربي للتقاعد، وخلص التقرير إلى ضرورة التعجيل بالقيام بمسلسل من الإصلاحات العميقة لنظام التقاعد و ذلك أخذا بعين الاعتبار للسياق الوطني وعلى ضوء الممارسات والتجارب الدولية.
وحسب نتائج التشخيص ، أشار التقرير إلى أن النظام الحالي للتقاعد بالمغرب يتسم بالسمات البارزة، المتمثلة في تعدد الأنظمة وعدم تقاربها، وتعدد أنماط الحكامة، وضعف نسبة التغطية، حيث أن حوالي 33 في المائة فقط من مجموع الساكنة النشيطة تستفيد من تغطية التقاعد، زيادة على اختلالات هيكلية على مستوى بعض الأنظمة وعدم ديمومتها، إذ أنه في أفق سنة 2060، يبلغ مجموع الديون غير المشمولة بالتغطية على صعيد مختلف الأنظمة إلى متم سنة 2011 ما يناهز 813 مليار درهم. و ينتظر أن يعاني الصندوق المغربي للتقاعد من عجز مالي ابتداء من سنة 2014 والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في سنة 2021 والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد خلال سنة 2022.
كما أن المندوبية السامية للتخطيط خلصت من خلال أبحاثها الإحصائية الى أن نفقات صناديق التقاعد ارتفعت تدريجيا لتصل إلى 2,9 في المائة من الناتج الداخلي الخام في سنة 2009، مما نتج عنه اتجاه الفائض المالي الإجمالي لكافة هذه الصناديق نحو التراجع ، لينتقل من 0,95 في المائة من الناتج الداخلي الخام في 2005 إلى 0,33 في المائة في سنة 2009 ، في الوقت الذي يشهد فيه مستوى الاقتطاعات بمختلف الصناديق انخفاضا مستمرا منذ 2005 لتبلغ 3,2 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2009.
واعتبرت المندوبية أنه بالإمكان إعادة تنظيم نظام التقاعد من خلال سيناريوهين أساسيين، يفترض الأول أنه ابتداء من سنة 2015 سيتم دمج صناديق التقاعد، باستثناء الصندوق المهني المغربي للتقاعد، لتشكيل نظام تقاعد واحد، بينما يقترح السيناريو الثاني دمج الصندوق المغربي للتقاعد والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد لتشكيل نظام واحد يضم كافة منخرطي القطاع العام، مما سيمكن من تخفيف نفقات الدولة على المدى الطويل وضمان استقرار نسبة الاقتطاعات مقارنة مع الناتج الداخلي الخام مما سينتج عنه عجز كلي أقل، وفي نفس الوقت، ترى المندوبية أن إجراء هذا الإصلاح يبقى صعبا على المدى القصير، بالنظر لانعكاساته الاجتماعية، ومن بينها التكفل المحتمل بالخاسرين المحتملين من هذا الإصلاح، ما قد يفضي إلى زيادة ضريبية أو زيادة في الاقتراض وهما إجراءان سيمسان أهم كتل الاقتصاد الوطني .

ثلاثة أسئلة

 

حسن المرضي*

 

*رئيس الجامعة الشعبية للمتقاعدين

 

«نظام المعاشات المدنية يواجه وضعية صعبة وإصلاح التقاعد يجب أن يكون بنيويا»

 

ما تقييمكم للمنهجية التي تتبعها الحكومة الحالية لمباشرة إصلاح التقاعد؟

أنا كمتتبع لملف إصلاح التقاعد والحماية الاجتماعية، أرى أن الحكومة متأخرة في طرح منهجية للتعجيل بإصلاح أنظمة التقاعد، خاصة أن نظام المعاشات المدنية يواجه وضعية جد مقلقة، وفي هذا الإطار ندق ناقوس الخطر، لأنه في مارس القادم، من المفروض أن يتم الرفع من المساهمات، على اعتبار أن جميع الأرقام تشير إلى أننا بدأنا في الاستهلاك من المحفظة المالية، وقد عارضنا إجراءات الحكومة السابقة في 2016، على اعتبار أن تلك الإجراءات هي لحظية وترقيعية، ولا تمكننا من مدة كافية ومعقولة لإيجاد الحلول الناجعة لهذه الأزمة، وبالتالي فالإصلاح السابق إنما أخر ظهور الأزمة ولم يعالجها.

لكل هذا، إننا نقترح التركيز على كل الدراسات في  الموضوع التي أجرتها المؤسسات الدستورية، سواء المجلس الأعلى للحسابات والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وأيضا المندوبية السامية للتخطيط، وقد طالبنا بلجنة تقصي الحقائق، وتم تشكيل اللجنة وأنجزت تقريرها، لكن لم يتم الأخذ بتوصياتها، وهو ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام. ونعتبر أنه إذا ما كانت الحكومة الحالية تفكر فقط في الإصلاحات المقياسية، فسيكون الإصلاح المرجو للتقاعد ناقصا، ويكون حينها هدف الحكومة هو تأجيل آخر للأزمة إلى ما بعد الولاية الحكومية، وهذا ما لا نرجوه، لأن الإصلاحات المقياسية لا تمنح فرصة معالجة المشكل والأزمة بشكل جذري.

إن ما نرى أنه أساسي، هو التركيز على الجانب المتعلق بالحكامة الجيدة، طبقا لمنشور رئيس الحكومة، وهو ما سيمكن الحكومة من تحقيق إصلاح بنيوي للأزمة وليس إصلاحا مقياسيا، أما إذا كانت الحكومة الحالية ترى أنه يكفي القيام بإصلاح مقياسي فقط للحفاظ على التوازنات المالية، فإنها ستكون ملزمة بتحمل المسؤولية في إطار المعاشات المدنية، بالمساهمة بالثلث للمنخرط والثلثين للمشغل أسوة بباقي الصناديق، سواء في المغرب أو حتى خارج المغرب، على اعتبار أن الوضع جد مقلق في إطار المعاشات المدنية. ونطمح إلى أن تنظم الحكومة مناظرة تجمع كافة الفرقاء والأطراف المتدخلة وجميع الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين.

 

هل فشل إصلاح الصندوق المغربي للتقاعد؟

إن الوضعية الحقيقية لصناديق التقاعد ما زالت غير واضحة في ظل تزايد الاحتياطات، مما يفند المعطيات والدراسات لجميع هؤلاء المتدخلين، ولذا وجب توضيح الرؤى وإبراز الحقائق عبر مناظرة وطنية جديدة، تبرز الصورة الحقيقية لهذه الأنظمة، بمشاركة جميع الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين. وعلى الحكومة تحمل مسؤوليتها، والابتعاد عن التسرع والارتجالية في اتخاذ قرارات جائرة في حق المنخرطين والمتقاعدين في هذا الملف، وعدم اتباع توجيهات مغلوطة خلقت الرعب والبلبلة لدى مكونات المنخرطين والمتقاعدين.

وتجب الإشارة إلى أن الوضعية الاجتماعية للمتقاعدين تتطلب الكثير من العناية، على اعتبار أن العديد من العناصر المتداخلة قوامها كبر المتقاعدين في السن، والحالات المرضية التي قد تعتري الكثير منهم والصعوبات الاجتماعية، كما أن المتقاعدين الذين يحصلون على الحد الأدنى من المعاشات، والذي يبلغ 1500 درهم يعيشون وضعية كارثية بكل المقاييس، بينما يمكن وصف وضعية المتقاعدين الذين يتلقون معاشات أقل من 6000 درهم بكونها مزرية، وهنا يجب التأكيد على أن أي إصلاح لصناديق التقاعد تقره الحكومة، يجب أن يكون مقرونا بمراجعة الحد الأدنى للمعاشات والقانون الخاص بالتقاعد على العموم، إذ إن الحكومة مطالبة بالدفع نحو التضامن بين المتقاعدين، وخلق إطار في هذا الجانب من خلال مراجعة القانون الخاص بالتقاعد الذي أكل عليه الدهر وشرب، في عدد من الجوانب المهمة الخاصة بالحكامة لقطاع التقاعد وأيضا الجانب المتعلق بصناديق التقاعد، وأن تكون هذه المراجعة بحس واقعي ميداني، لا أن يتم منحها لمكاتب الدراسات التي تظل بعيدة عن الواقع.

 

ما طبيعة الأزمة التي تواجه باقي صناديق التقاعد، وما سببها بالتحديد؟

طالما لم يتم ربط المسؤولية بالمحاسبة، فحسب اعتقادي فإن أزمة صناديق التقاعد ستظل قائمة، ولعل المسؤول الأول عما وصلت إليه صناديق التقاعد هو الحكومات السابقة، وليس المنخرطين الذين يدفعون واجباتهم ومساهماتهم للصندوق من المنبع، بل سوء التسيير وتبذير أموال المنخرطين من طرف الساهرين على تدبير صناديق التقاعد، وهنا نطالب بفتح تحقيق في تدبير ممتلكات هذه الصناديق، كما نلتمس من جميع المؤسسات الدستورية، منها المجلس الأعلى للحسابات، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمندوبية السامية للتخطيط، وكل المؤسسات الرقابية بالوقوف على الاختلالات المالية والتدبيرية والتسييرية في ما يخص هذه المرافق الاجتماعية، ومتابعة المخلين بالقانون، ودفع الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها في تتبع تدبير وتسيير الصناديق، وبالخصوص الصندوق المغربي للتقاعد، بما فيه من ممتلكات وملف استثمار أرصدته المالية التي أصبحت ذات مردودية هزيلة مقارنة مع صناديق مماثلة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، تماشيا مع ما يؤكد عليه دستور المملكة لسنة 2011.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى