محمد اليوبي
علمت «الأخبار»، من مصادرها، أنه بعد تمرير مشروع القانون التنظيمي للإضراب أمام مجلس النواب، شرعت الحكومة في إعداد الوصفة النهائية لإصلاح أنظمة التقاعد المهددة بالإفلاس، حسب تقارير رسمية. وأفادت المصادر بأن المشروع المرتقبة إحالته على البرلمان في الدورة التشريعية المقبلة، يروم رفع سن التقاعد إلى 65 سنة بما في ذلك القطاع الخاص، ورفع نسب الاشتراكات بما في ذلك القطاع الخاص.
وأعلنت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح، يوم الاثنين الماضي بمجلس النواب، أن الحكومة ستقدم عرضا أوليا حول إصلاح أنظمة التقاعد في شهر يناير الجاري. وأوضحت الوزيرة، في معرض جوابها عن سؤال خلال جلسة الأسئلة الشفوية يتعلق بـ«إصلاح أنظمة التقاعد»، أن هذا الإصلاح يرتكز على الأسس التي تم الاتفاق عليها في إطار الحوار الاجتماعي والمتمثلة أساسا في إحداث قطبين عام وخاص، وتحديد آليات الانتقال إلى منظومة جديدة مع الحفاظ على الحقوق والمكتسبات، بالإضافة إلى تحسين الحكامة. وأكدت نادية فتاح التزام الحكومة بمعالجة هذا الملف الذي وصفته بـ«الصعب»، وذلك بتعاون مع جميع الأطراف المعنية.
وأفاد مصدر مسؤول بأن إصلاح أنظمة التقاعد أصبح يفرض نفسه بقوة على الحكومة، في ظل توالي التقارير الصادرة عن مؤسسات وطنية تحذر من خطر الإفلاس الذي يهدد هذه الأنظمة في السنوات المقبلة. ولهذا، سارع رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، إلى الإعلان، تحت قبة البرلمان، عن شروع حكومته في إعداد تصور للإصلاح، من خلال إيجاد حلول واقعية ومستدامة.
وأكد أخنوش أن الحكومة لن تقبل على نفسها، مهما بلغت الكلفة السياسية، أن تعمل على توريث هذا الملف مع تعميق أزمته، وتم تشكيل لجنة تقنية مكلفة بملف إصلاح أنظمة التقاعد، عقدت عدة اجتماعات، أسفرت عن وضع السيناريوهات الممكنة لإنقاذ صناديق التقاعد، وكذا وضع المبادئ الأساسية الموجهة لهذا الإصلاح، وذلك بعد إدخال إصلاحات مقياسية تدريجية ذات طابع استعجالي، وسيتم تنزيل المرحلة الثانية من الإصلاح على المدى المتوسط، وتروم إرساء منظومة تقاعد ثنائي القطب (عمومي وخصوصي) في أفق اعتماد نظام أساسي موحد على المدى البعيد.
وأفادت مصادر حكومية بأن وصفة إصلاح أنظمة التقاعد أصبحت جاهزة، حيث من المنتظر أن يتم عرضها على المركزيات النقابية لإبداء الرأي بشأنها، قبل إحالة المشروع على المجلس الحكومي للمصادقة عليه. وأكدت المصادر أن الإصلاح الاستعجالي لأنظمة التقاعد أصبح يفرض نفسه على الحكومة، بعدما فشلت الإصلاحات التي أطلقتها الحكومات السابقة في الحفاظ على التوازنات المالية لصناديق التقاعد، التي أصبحت مهددة بالإفلاس مع حلول سنة 2028.
وسبق لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أن تعهد، أمام البرلمان، بالشروع في تنزيل إصلاح منظومة التقاعد خلال السنة الماضية، حيث شرعت لجنة إصلاح أنظمة التقاعد في عقد اجتماعات من أجل التوصل إلى السيناريوهات المقترحة لتجاوز أزمة صناديق التقاعد، لبلورة مشروع قانون سيحال على المؤسسة البرلمانية للمصادقة عليه. وخلصت إلى ضرورة ضمان ديمومة المنظومة على المدى الطويل، والحد من تأثير الإصلاح على ميزانية الدولة وتعبيد الطريق للمرور نحو نظام أساسي موحد.
وترأست نادية فتاح، وزيرة الاقتصاد والمالية، بمقر وزارة الاقتصاد والمالية، عدة اجتماعات للجنة إصلاح أنظمة التقاعد التي تندرج في إطار تنفيذ مخرجات الاتفاق الاجتماعي والميثاق الوطني للحوار الاجتماعي الموقعين في 30 أبريل من السنة الماضية، ما بين الحكومة والمركزيات النقابية والمنظمات والجمعيات المهنية للمشغلين.
وقدمت الوزيرة وصفة الحكومة لإصلاح أنظمة التقاعد، بناء على الدراسة المنجزة من طرف أحد مكاتب الدراسات، خلصت إلى ضرورة ضمان ديمومة المنظومة على المدى الطويل، والحد من تأثير الإصلاح على ميزانية الدولة، وتعبيد الطريق للمرور نحو نظام أساسي موحد، ومن أجل التوفيق بين كل هذه الأهداف، المتناقضة أحيانا، تقترح الحكومة اعتماد سقف موحد للنظام الأساسي يساوي مرتين الحد الأدنى للأجور بكل من القطب العمومي والقطب الخاص وذلك لتسهيل المرور مستقبلا نحو نظام أساسي موحد، كما تقترح تقليص نسب الاستبدال لأصحاب الأجور المرتفعة في القطاع العمومي، وتجميد الحقوق المكتسبة في الأنظمة الحالية وعدم إعادة تقييم المعاشات على مدى 10 سنوات القادمة، مع رفع سن التقاعد إلى 65 سنة بما في ذلك القطاع الخاص، ورفع نسب الاشتراكات بما في ذلك القطاع الخاص.
وقدمت الوزيرة، أمام أعضاء اللجنة، تشخيصا وتحليلا للوضعية الراهنة، وذلك بعد تنزيل الإصلاح المقياسي لسنة 2016، حيث سيستنفد نظام المعاشات المدنية احتياطياته (68 مليار درهم) بحلول سنة 2028. وللوفاء بالتزاماته بعد ذلك، سيحتاج الصندوق المغربي للتقاعد ما يناهز 14 مليار درهم سنويا لتمويل عجز النظام. وأكدت الوزيرة أن هذا النظام يعد حاليا متوازنا بالنسبة للحقوق المكتسبة بعد إصلاح 2016، بحيث إن الدين الضمني الحالي يهم بالخصوص الحقوق المكتسبة في الماضي، ويعرف النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد عجزا تقنيا مهما بلغ 3,3 مليارات درهم سنة 2021، وبفضل المستوى المهم لاحتياطياته (135 مليار درهم)، تمكن العوائد المالية للنظام من تغطية هذا العجز التقني.