من هو العربي شيشا وما سر اللقب؟
اسمي الحقيقي المدون في الوثائق الرسمية هو أحمد بن العربي، ولقب شيشا حملته كما حمله كثير من اللاعبين الذين يحملون بشرة سوداء. الجميع يعرف أن هذا اللقب التصق بعدد كبير من اللاعبين إلى درجة أنه لا يخلو فريق من شيشا، لكن حتى يطلق عليك الجمهور لقب شيشا لا يكفي أن تكون أسمر البشرة فقط، بل أن تمتلك الموهبة وإلا لاتسع نطاق هذا اللقب. هناك مسألة أخرى، ما دمنا نتحدث عن الألقاب، ففي بداية احترافي كان الفرنسيون يطلقون علي اسم «ألبير» وهو اسم مشتق من العربي.
علاقة بلقب شيشا من هم “شيشات” الكرة المغربية؟
هناك أسماء عديدة أبرزها لحسن شيشا ابن تارودانت الذي ارتبط اسمه طويلا بحسنية أكادير في نهاية الخمسينات والستينات وانتقل إلى الدار البيضاء حيث حمل قميص الوداد. لعب للمنتخب الوطني المغربي واحترف بنادي أتليتيكو مدريد الإسباني، لحسن الحظ يخلد اسمه بدوري شيشا في سوس. وهناك شيشا الجديدة، عبد الرحمان الكرشالي، وهو من هدافي البطولة الوطنية لكنه استثناء لأنه ليس أسمر البشرة. احترف بدوره في فرنسا لا أذكر الفريق. وهناك محمد رابيح، أو شيشا الوداد، في الثمانينات حمل قميص المنتخب الوطني، وغادر الوطن عند ضياع ضربة جزاء في لقاء منتخب الكاميرون، حيث احترف واستقر في سويسرا. كان لاعبا موهوبا يذكرني ببداياتي، ربما نحمل المواصفات البدنية والفنية نفسها. وللجيش الملكي شيشا، هو محمد الوردي وشيشا الأصغر الذي احترف بدوره في أوربا، ومولاي حسن شيشا لاعب النادي المكناسي الذي مارس الكرة في الستينات، وهناك أسماء أخرى لا تحضرني الآن.
كيف عشت طفولتك وشبابك؟
أنا من مواليد الدار البيضاء وتحديدا درب ليهودي، وهو اسم لا علاقة له باليهود بل بصاحب الأرض التي بني عليها الحي ويدعى هيوديل مارتيني، والتي تحولت إلى «ليهودي». خرجت للوجود سنة 1935 وعشت طفولتي في درب السلطان الذي يعد حينا جزءا منه غير بعيد عن حي الأحباس بالدار البيضاء. مارست الكرة في الفضاءات الفارغة بالقرب من القصر وفي قطع ولد عائشة قبل أن يصبح آهلا بالسكان. حصلت على شهادة الباكلوريا في سن 18، وكنت من النجباء في الدراسة والكرة رغم تحذيرات أسرتي. وبإلحاح من أساتذتي دخلت التعليم العالي من شعبة المحاسبة، التي كانت من اختصاص الفرنسيين، وأحرزت على شواهد عليا في هذا التخصص.
من أين بدأت علاقتك بالكرة؟
في بداية الخمسينات، وخلال الفترة الاستعمارية، كنت بارزا في الحي بكوني لاعبا موهوبا، في تلك الفترة كانت أندية الدار البيضاء تلعب في ملعب فيليب وكنت أقضي وقتا رائعا وأنا أتسلل إلى الملعب لمشاهدة لاعبي الوداد واليسام، واليوسا والراك، قبل أن ألتحق بهذا الأخير وألعب ضمن مجموعة مختلطة بين المغاربة والأجانب. بسرعة خطفت الأضواء وبدأ أبناء درب ليهودي يتابعونني مع الراك، قبل أن أتلقى عرضا للانضمام إلى نادي مارسيليا الفرنسي في تجربة فريدة من نوعها.
لماذا الراك؟
الراك لأن أحد المدربين تابعني في مباراة مع أبناء الحي وعرض علي الالتحاق بهذا الفريق، علما أنني كنت على وشك الالتحاق بالوداد بحكم علاقة الجوار التي كانت تربطني باللاعب البطاش ابن درب الأحباس، وأيضا الحارس رفقي ابن درب ليهودي وأسماء أخرى. لكن لابد من التذكير بعبوري في فريق اليسام فئة الشبان قبل أن أحمل قميص الراك.
كيف جاء انتقالك إلى أولمبيك مارسيليا؟
يجب وضع السؤال في سياقه التاريخي، نحن في منتصف الخمسينات، أي أن المقاومة المغربية على أشدها، فكيف، إذن، للاعب من درب السلطان، معقل الحركة الوطنية، أن يدرس مع الفرنسيين ويلعب معهم في فرق تعج بالأجانب؟ ثم لا يمكن القفز على مسألة مهمة جدا في تلك الفترة الحرجة من تاريخ المغرب حيث كان محمد الخامس منفيا إلى مدغشقر، حتى ساد الاعتقاد بأن اللعب مع الفرنسيين خيانة، لكن الكرة كانت واجهة للمقاومة أيضا.
نعود إلى قصة الاحتراف في مارسيليا..
لم يكن في تلك الفترة احتراف بالمعنى الحقيقي، كان انتقالا من بطولة غير مهيكلة إلى بطولة منظمة، من ملاعب متربة إلى ملاعب معشوشبة، من تداريب مزاجية إلى تداريب مقننة. في سنة 1955 كان انضمامي لنادي أولمبيك مارسيليا حيث كان الاحتقان سائدا في المغرب وعشت مع هذا النادي العريق حوالي أربع سنوات حافلة بالعطاء، بل جاورني في هذا الفريق اللاعب العربي بن مبارك الذي حمل قميص الأولمبيك مرتين.
ما قصة غضبك في وجه رئيس أولمبيك مارسيليا؟
هذه الواقعة أثارت جدلا واسعا في الوسط الرياضي الفرنسي والمغربي، كان الرئيس بيرنار تابي يتحدث في ندوة صحفية عن تاريخ هذا الفريق وأشار لوجود لاعب مغربي ضمن هذا النادي وهو العربي بن مبارك، وبعد انتهاء كلمته تدخلت وذكرته باللاعبين المغاربة الذين حملوا قميص مارسيليا ودورهم الكبير في استمرار الفريق، خصوصا بالنسبة للمغاربة والمغاربيين الذين احترفوا بأوروبا. التقيت تابي مرة أخرى وعرضت عليه تدريب الأولمبيك فطلب مني إرسال سيرتي الذاتية في مجال التدريب، وبعد بضعة أيام توصلت بجواب من الرئيس شاكرا لي اهتمامي بالفريق وبرر اختيار مدرب آخر، على الأقل هناك رئيس يتواصل عكس ما نراه عندنا حين ترسل طلب عمل سواء في كرة القدم أو في الوظائف بصفة عامة.
