شوف تشوف

الرئيسية

أمير طوارق تمبكتو يصر على بيعة ملك المغرب ويوصي بدفنه في تمارة

حسن البصري
تاريخيا كانت ولاية تمبكتو جزءا لا يتجزأ من الدولة المرابطية ودولتي الموحدين والسعديين، كما أن بعض قبائل ولاية تمبكتو من أصول أندلسية مغربية، سواء تعلق الأمر بالقبائل الأمازيغية أو الصحراوية. سياسيا كان الأمير محمد علي الأنصاري، أمير طوارق تمبكتو، مقاوما شرسا للاستعمار الفرنسي ومهندس السياسة الخارجية للطوارق.
وطد الأمير محمد علي الأنصاري علاقاته مع المغرب منذ عهد الملك محمد الخامس، في إطار ما كان يسميه المغاربة في الأربعينات عمقهم الجنوبي وثغرهم في الصحراء الكبرى، وخلت كتابات كثير ممن دونوا تاريخ المغرب الحديث من أية إشارة من قريب أو من بعيد، لدور الأمير محمد علي الأنصاري أو بقية القادة الجنوبيين للحركة الوطنية للمغرب الكبير في الخمسينات، أمثال أمراء قبائل الصحراء الكبرى وشيوخ الصحراء المغربية.
عمل الأمير محمد علي الأنصاري مع الملك محمد الخامس خلال السنوات الحرجة من تاريخ المغرب عندما تكالب الفرنسيون و«البعثيون» ضد المملكة، وهو ما أغضب فرنسا التي فصلت تمبكتو عن الحكم المغربي وضمتها إلى داكار.
كان الأمير محمد علي الأنصاري يناضل من أجل مغرب عربي كبير يمتد من البحر المتوسط إلى نهر النيجر أو ما يعرف بالمغرب الأوسط، وهو الاسم القديم للجزائر، وكان الطوارق في شرق الصحراء الكبرى يقاتلون على جبهة ثالثة في إقليم فزان الليبي بالتنسيق مع عمر المختار والأسرة السنوسية في إقليم برقة، وكان الأمير محمد علي الأنصاري مهندس السياسة الخارجية للطوارق على الجبهات الثلاث، وحلقة وصل بينهم والعالم العربي وبقية حركات التحرر.
أمضى قادة أزواد في سجون مالي ما بين 1963 و1977، وحسب رواية الكاتب محمد بلال الأخضري، فإن محمد علي الأنصاري اعتقل في مالي لمدة 14 سنة، بتهمة التمرد على النظام الحاكم، وبعد خروجه من السجن زار المغرب واستقر فيه.
اختار الأمير محمد علي بن الطاهر الأنصاري الوقت المناسب للذهاب إلى المغرب، إذ بعد أداء فريضة الحج توقف في الرباط وأعلن نفسه مواطنا مغربيا، أكرمه الملك الحسن الثاني وأسكنه في حي اليوسفية بالرباط، ثم في تمارة غير بعيد عن العاصمة، حيث قضى آخر حياته إلى أن انتقل إلى جوار ربه عام 1995، ولازال أنصاره يترددون على قبره إلى الآن.
من المواقف الشجاعة التي عرفت عن الأنصاري، رفضه التام انضمام شعب الطوارق والعرب إلى دولة مالي وتشبثه الدائم بروابط البيعة والولاء التي كانت بين سكان تمبوكتو والملوك المغاربة. وفي حوار أجرته مجلة فرنسية عام 1993 مع أمير الطوارق اللاجئ في الرباط منذ 1976، وكان يبلغ من العمر 95 عاما، قال: «في عام 1963 نشبت الحرب الحدودية بين المغرب والجزائر، وتقدم موديبو كيتا، الذي كان رئيسا لجمهورية مالي بعد استقلالها، للوساطة، وقبل الطرفان وساطته، لكنه اشترط تسليمه الثوار الطوارق، فاستدرجت إلى الجزائر حيث سلمت هناك إلى السلطات المالية، وأودعت السجن حتى عام 1976».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى