شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

أمريكا وحرب غزة

 

ماريا معلوف

 

 

رغم ارتفاع عدد ضحايا الحرب على غزة، ما زالت الإدارة الأمريكية تقدم دعما غير مسبوق للجيش الإسرائيلي. موقف أكده وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أثناء زيارته إلى المنطقة، والتي جدد خلالها دعم بلاده للعمليات العسكرية الإسرائيلية دون قيود، مشددا على الموقف المنحاز وغير الأخلاقي وغير القانوني للإدارة الأمريكية.

الموقف الأمريكي الداعم بشكل مطلق للعملية العسكرية الإسرائيلية بغزة أسفر عن العديد من التداعيات السلبية على المصالح الأمريكية بالشرق الأوسط، وكذلك على أرواح الأمريكيين المقيمين بالمنطقة.. ومن تلك التداعيات:

– المطالبات المتكررة بغلق السفارات الأمريكية في بعض الدول العربية: فقد تقدم 32 عضوا بالبرلمان العراقي بوثيقة رسمية يطالبون فيها رئاسة البرلمان بعقد جلسة استثنائية، تتضمن المطالبة بإغلاق السفارة الأمريكية ببغداد، وطرد السفيرة الأمريكية لدى العراق، وتعليق العلاقات الدبلوماسية مع جميع الدول الداعمة لإسرائيل في حربها ضد غزة. كما تجمهر العشرات من التونسيين أمام مقر سفارة الولايات المتحدة بالعاصمة التونسية، للمطالبة بغلق السفارة ورحيل سفيرها.

أضف إلى ذلك ما تردد هنا بواشنطن من معلومات عن معارضة عدد من النواب والنشطاء الكويتيين تعيين السفيرة الأمريكية الجديدة لدى الكويت، بل المطالبة بمنعها من تسلم مهام عملها، لكن الحكومة الكويتية رفضت تلك الدعوات، وحسمت الجدل بشأن اعتماد السفيرة الأمريكية القادمة.

– الاستهدافات والتهديدات المعلنة ضد القوات الأمريكية بالعراق وسوريا وإيران: فقد كشفت وزارة الدفاع الأمريكية عن أن القوات المتمركزة بالشرق الأوسط تعرضت لـ13 هجوما في أقل من أسبوع، وعلى سبيل المثال تعرضت القوات الأمريكية بالعراق في 18 أكتوبر لهجومين منفصلين بطائرات مسيرة، تسبب أحدهما في إصابات طفيفة لعدد قليل من الجنود. ونتيجة لذلك، أعلنت وزارة الدفاع عن اتخاذ الجيش لخطوات جديدة لحماية قواته بالشرق الأوسط مع تزايد المخاوف بشأن هجمات على القواعد الأمريكية، وكذلك أعلنت الإدارة الأمريكية أن لديها خططا لإجلاء الأمريكيين بالشرق الأوسط، إذا خرج الصراع بغزة عن السيطرة.

ومعلوم أن هناك ما يقرب من 600 ألف من مواطني الولايات المتحدة يعيشون بإسرائيل ولبنان ويشكلون مصدر قلق للإدارة الأمريكية، وفقا لما ذكره مسؤولون بإدارة الرئيس جو بايدن، وبالتالي فإن عملية إجلاء هؤلاء ستمثل أسوأ سيناريو على خلفية الحرب الإسرائيلية على غزة، أضف إلى ذلك التهديدات المعلنة من الحرس الثوري الإيراني باستهداف المصالح الأمريكية، وهو ما سمعناه من مساعد قائد الحرس الثوري الإيراني محمد رضا نقدي، من أنه إذا لم تتوقف الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني فسوف يتوجب استهداف المصالح الأمريكية بالمنطقة، ومعلوم أنه ردا على تلك التهديدات، شنت الولايات المتحدة ضربات على منشآت بشرق سوريا يستخدمها الحرس الثوري الإيراني وجماعات مرتبطة بإيران.

– التراجع الملحوظ في نسبة الثقة بالولايات المتحدة؛ إذ تشير الأرقام التي أسفر عنها استطلاع الرأي العام الذي أجرته المجموعة المستقلة للأبحاث وشركاؤها بالمنطقة، الذي شمل عينات وطنية من 6 دول عربية (العراق وسوريا والأردن ومصر ولبنان وفلسطين) في الفترة من 17- 29 أكتوبر 2023، إلى أن الولايات المتحدة تخسر نفوذها بشكل قد يؤثر على الأولويات الثلاث التي حددتها وثيقة الأمن القومي، والتي تشمل التفوق على الصين، والحد من نفوذ روسيا، بالإضافة إلى مكافحة الإرهاب بالشرق الأوسط.

ونتيجة الدعم الأمريكي لإسرائيل، وصلت نسبة الثقة بالولايات المتحدة وتأثيرها بين شعوب المنطقة إلى أدنى مستوياتها، فيما تصاعدت نسبة التأييد لمنافسيها وخصومها الاستراتيجيين (الصين وروسيا وإيران).

ويتضح من ذلك أن طريقة تعامل الولايات المتحدة مع حرب غزة أفقدتها ما تبقى لها من مصداقية وحيادية بين الجماهير العربية، كما خسرت قوتها الناعمة بالمنطقة التي استثمرت فيها على مدار قرن من الزمن تريليونات الدولارات، وكثيرا من الدماء والجهود التي على ما يبدو أنها مهددة بالضياع كليا بسبب الصراع بغزة.

– احتمال زيادة الأعمال الإرهابية: فقد دفعت هذه الأزمة رؤساء المخابرات بأمريكا وبريطانيا إلى إصدار تحذير مشترك، ما يعد سابقة تاريخية تتحدث عن احتمال تزايد المخاطر، خاصة «الإرهاب الداخلي» نتيجة لأحداث غزة، بالإضافة إلى تفشي مقاطعة علامات تجارية أمريكية بين مواطني الدول العربية، حيث تواجه العديد من العلامات التجارية الغربية والأمريكية – على وجه الخصوص- حملة مقاطعة بسبب هذه الحرب.

فرواد مواقع التواصل الاجتماعي، في مصر والعالم العربي، دشنوا، خلال شهر أكتوبر الماضي، حملات واسعة لمقاطعة شركة «بيبسي» وشركة «ماكدونالدز» الأمريكية للمأكولات. وفي 13 أكتوبر الماضي، تكبدت «ماكدونالدز» و«كوكاكولا» خسائر فادحة، بسبب دعمهما العلني للجيش الإسرائيلي.

في خلاصة لكل ما سبق، يتضح أن المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط تعرضت للكثير من المخاطر بعد دعم الولايات المتحدة المطلق، برئاسة الرئيس جو بايدن، للعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وتقديم الأسلحة اللازمة لتل أبيب، بغض النظر عن الالتزام بالقيم الأمريكية واحترام حقوق الإنسان ومبادئ القانون الدولي، التي غالبا ما كانت تُروج لها الولايات المتحدة كغطاء لسياسة المصلحة فوق كل اعتبار، التي تتبعها واشنطن، مما قد يسبب تراجع مصداقية أمريكا في منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع في قادم الأيام.

 

نافذة:

نتيجة الدعم الأمريكي لإسرائيل وصلت نسبة الثقة بالولايات المتحدة وتأثيرها بين شعوب المنطقة إلى أدنى مستوياتها فيما تصاعدت نسبة التأييد لمنافسيها وخصومها الاستراتيجيين

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى