شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقاريرسياسية

أكبر من مجرد حكم قضائي

صفعة أخرى تلك التي تلقتها جبهة البوليساريو ومعها ولية أمرها الجزائر، بعدما رفضت المحكمة الإدارية بلندن طلب المنظمة غير الحكومية البريطانية «WSCUK»، التي رفعت دعوى قضائية ضد اتفاقية الشراكة القائمة بين المغرب وبريطانيا.

مضمون الحكم القضائي كان واضحا ولا لبس فيه، مفاده أن وزارة التجارة الدولية والخزانة لم تخرق أي شرعية أممية، ولم تنتهك المملكة المتحدة أي التزام بموجب القانون الدولي بتوقيعها اتفاقية الشراكة بين المملكة المتحدة والمغرب في مارس 2021، وبالتالي لا مجال لمراجعة الاتفاقية أو إبطالها.

لا تمكن قراءة حكم المحكمة الإدارية بالعاصمة لندن خارج القداسة التي يحتلها القضاء في بريطانيا، حتى جعلت رئيس الوزراء التاريخي وينستون تشرشل يقول في ذروة الحرب مع النازية: «خير لنا أن تخسر بريطانيا الحرب، ولا أوقف تنفيذ حكم قضائي». إن ما وصل إليه القضاء البريطاني من قناعة يتجاوز حكما قضائيا في نزاع عابر، هو تجسيد لتوجه أممي وأوروبي يرفض في جوهره تقسيم الدول وتشجيع انفصالها، وهو ما يدل على أن قضية وحدتنا الترابية ماضية في حشد الدعم، والتصدي لمناورات الحاكمين في قصر المرادية، ونسف مخططاتهم العدائية التي لا تنتهي منذ حوالي نصف قرن.

وبلا شك فإن رفض المحكمة لدعوى هذه المنظمة البريطانية المدفوعة الأجر، يأتي لتعزيز الموقف المغربي المستند على القانون الدولي، الذي يتيح للمغرب تدبير الثروات الطبيعية لأقاليمه الجنوبية دون وصاية من أحد، وطبعا الدولة المغربية ليس في حاجة إلى تذكير الخصوم والأصدقاء أن حجم الاستثمارات في الأقاليم الجنوبية يتجاوز أضعاف الموارد الطبيعية، وهذا ليس منة أو إحسانا، بل من الواجبات الدستورية للدولة الموحدة، التي تمارس سيادتها على جزء من مجالها الترابي.

والحقيقة أن أكبر وهم مضلل يختبئ وراءه دعاة الانفصال وحماتهم، هو أن ثروات الصحراء تتعرض للنهب ضدا على القانون الدولي، وهذا مجرد هراء لم يعد يقنع حتى الأطفال، فبالأحرى قضاة في أعرق دولة قانون في العالم، فالمغرب يمارس سيادته على أرضه، وفق دستوره وفي احترام تام للقانون الدولي، يؤكد على إشراك الساكنة المحلية وتحت مسؤوليتها في تدبير الثروات، وهو ما يتم في المنطقة عبر المؤسسات والهيئات المنتخبة، سواء محليا أو وطنيا، والتي تضم وفق الانتخابات التشريعية الأخيرة أكثر من 40 منتخبا صحراويا، يمثلون الجهات الصحراوية الثلاث في البرلمان، و1340 مستشارا محليا على حوالي 90 جماعة، و116 عضوا بمجالس العمالات والأقاليم، و111 عضوا بمجالس هذه الجهات الثلاث.

لذلك فقناعة المغرب بسيادته على أراضيه وشرعية حقوقه الوطنية لا تحتاج إلى أحكام قضائية للدول، فهي نابعة من التاريخ والدين والإنجاز، لكن مثل حكم محكمة لندن مفيد لمن لا يزال في قلبه مرض.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى