شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

أقرب أصدقاء بوتفليقة تخلى عنه بسبب «الكرسي»

يونس جنوحي

مقالات ذات صلة

كان لا بد لعبد العزيز بوتفليقة، بعد إعلان فوزه بالانتخابات عقب انسحاب المنافسين له بطريقة «كاريكاتورية»، أن يجد دعامة له. إذ رغم الصفقة التي عرضها الجنرالات خلال اجتماعه معهم، إلا أنه كان يحتاج رجلا يثق به لكي يكون إلى جانبه.

وبما أن بوتفليقة قضى قرابة عشرين عاما في الخارج مُبعدا عن الساحة الوطنية، فقد كان في حاجة إلى رجل يعرف ماذا وقع في الجزائر جيدا، و، في الوقت نفسه، أن يكون من الجيل الذي أطلق عليه بوتفليقة لقب «الجيل الذهبي».

هذا الاسم كان هو محمد صلاح اليحياوي. هذا الأخير كان رفيقا من أيام السلاح والثورة والاجتماعات السرية والهرب من البوليس الفرنسي أيام الثورة الجزائرية.

يقول هشام عبود إن اليحياوي أدلى برأي لم يكن يتوقعه بوتفليقة. إذ إن الرئيس كان يحتاج إلى رفيقه القديم من أيام بومدين لكي يمده باقتراحات أجوبة على «هجوم» الجنرالات، فإذا بمحمد صلاح اليحياوي يقترح على بوتفليقة الهجوم!

 

بالأبيض والأسود

يقول هشام عبود إن بوتفليقة فوجئ صراحة بصديقه القديم الذي تعلم السياسة مع الهواري بومدين. كان ينتظر منه أن يكون مستشارا يعود إليه قبل أن يدخل الاجتماعات مع الجنرالات. لكن الأخير، كما ينقل هنا هشام عبود، قال له: «إذا كان هناك من تغيير تحتاجه البلاد فعلا، فهو تغيير على مستوى قيادة الجيش. هذا ما يريده الشعب، إذا لم تكن لديك سلطة فوق سلطة العسكر، من الأفضل أن ترفض عرضهم».

لم يكن بوتفليقة ينتظر أن يكون صديقه القديم «واضحا» إلى هذا الحد. فكما ظهر، في السابق، كان بوتفليقة يريد فعلا أن يصبح رئيسا للجمهورية لكي يستعيد أمجاده التي حُرم منها، وأيضا لكي يدخل تاريخ الجزائر. ماذا كان رد بوتفليقة إذن؟

يقول هشام عبود إن بوتفليقة ذكره بأنه مرتبط مسبقا مع هؤلاء الجنرالات وأن لديه «التزاما» معهم، بل وطلب منه أن يدعمه في حملته الانتخابية. ماذا كان جواب اليحياوي؟ «لا» كبيرة على طريقة الروس وبنفس برودهم. وانسحب الرجل الذي كان من مهندسي الثورة الجزائرية أيام الاستعمار ومستشاري قيادتها.

هناك بطبيعة الحال عشرات الأشخاص من زمن «صور الأبيض والأسود»، كانوا مستعدين للعب هذا الدور.

لم يكن لديهم أي مشكل في أن يثق بهم بوتفليقة لكي يلعبوا معه لعبة الانتخابات ويدعموا تياره في مواجهة الجنرالات، لكن بطريقة سلسة. إذ إن بوتفليقة كان واضحا، لم يكن يريد منصبا يؤدي به إلى الموت كما مات بوضياف. بل كان يريد منصبا ينعم فيه بصلاحيات وامتيازات، وأن يقتسم السلطة مع الجنرالات في حدود الممكن.

بل إن بعض هؤلاء القدامى عرضوا على بوتفليقة أن يقدموا له الدعم لكي يصلوا عبره إلى امتيازات. أحد هؤلاء هو «هادي خضيري»، الذي قال لبوتفليقة بشكل مباشر إنه مستعد لتمويله شريطة أن يمنحه منصب سفير في المغرب عند وصوله إلى الرئاسة. لماذا هذا المنصب بالضبط؟ اتضح لاحقا أن بعض هؤلاء الشخصيات كانت لديهم مشاريع خارج الجزائر، ولا بد أن السيد خضيري كان يخطط لعمل ما في المغرب سنة 1999، أو لرعاية تجارة أو مشاريع لجأ إما هو أو مسؤولون آخرون إلى تسجيلها بأسماء زوجاتهم أو أمهاتهم، لكي يتفرغوا لها في الخارج. منصب سفير في المغرب سوف يجعله متفرغا لشؤونه الخاصة خارج الجزائر، وسوف يمنحه أيضا «الحصانة الدبلوماسية» لكي يُخرج الأموال من الجزائر دون رقابة من أحد. كما أن المنصب سوف يخول له الوصول إلى شخصيات من السلك الدبلوماسي من جنسيات أخرى بطبيعة الحال.

أشخاص من طينة «خضيري» كانوا مستقرين في المغرب، ولم تكن السلطات المغربية تضايقهم رغم علاقاتهم المتشعبة مع الجنرالات، إذ كانوا لا يمارسون أي عمل سياسي في المغرب، لكنهم اختاروه للاستقرار المالي والعائلي، بعيدا عن الاغتيالات والانتقامات التي كان يقودها الجنرالات ضد أسماء من الجيل الذي انتمى إليه بوتفليقة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى