أفراح خارج القاعة
يونس جنوحي
منذ الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، بدأت الحياة تعود إلى القطاع السياحي في بعض المدن، على أمل أن تشمل بقية الفنادق التي ظل المشرفون عليها يترقبون لأكثر من نصف سنة، متى يأتي الفرج.
القطاع المرتبط مباشرة بالفنادق يبقى هو قطاع تنظيم الحفلات. هذا القطاع الذي يرتبط لدى البسطاء بالأعراس فقط، فالعارفون يدركون أن تموين اللقاءات والتجمعات الحزبية والأيام الدراسية، بل وحتى لقاءات مناقشة الدكتوراه، تدخل أيضا في إطار «الحفلات» التي يحصل الممون على رخص تنظيمها وتموينها في إطار الصفقات العمومية.
وقف المشتغلون في قطاع الحفلات، ليطالبوا رئيس الحكومة بالتدخل لإنصافهم وصرف معونات مباشرة لهم من صندوق «كورونا». والحقيقة أنهم ليسوا الوحيدين الذين تردت أوضاعهم خلال الجائحة، بسبب التوقف الكامل والتام لأنشطتهم، فقد انضاف إليهم ممارسو مهنة التصوير، الذين شرع بعضهم في بيع معدات التصوير لكي يصرف على أبنائه.
خرج رئيس الحكومة ليتحدث عن معونة قدرها 2000 درهم، أقرتها الحكومة لصالح هؤلاء العاملين في قطاع الحفلات. لكن أشد الصور إيلاما، كانت تلك التي تم تداولها على نطاق واسع في إحدى أسواق المتلاشيات، حيث تعرض مئات الكراسي والطاولات والمعدات التي تستعمل في الحفلات، وهو ما يعني أن صاحب قاعة الأفراح قد تعرض للإفلاس، وأن الفرح بالنسبة إليه بات يوجد في مكان آخر خارج القاعة.
هذه المعونة التي قررت الحكومة صرفها للعاملين في قطاع الحفلات، لن تكون كافية في نظر المستفيدين، لأنهم يعملون في قطاع مصاب بالشلل منذ أكثر من نصف سنة، وهو ما يعني أنهم لم يكونوا يحصلون على أي أجور، بالإضافة إلى أن الموسم الذي يحقق فيه القطاع توازنه المالي السنوي قد مر دون أن تفتح القاعات، ودون أن تسمح الدولة بأي تجمع، حفاظا على الأرواح وتطويقا للوباء القاتل طيلة فترة الحجر الصحي.
ومن خلال وقفة احتجاجية في أكادير لمجموعة من عاملات وعاملي قطاع الحفلات، بدا واضحا من المرافعات التلقائية لواحدة من المحتجين أن مبلغ 2000 درهم لن يكون كافيا لرب أسرة، عليه أقساط متراكمة وإشعارات من البنك وشركات الماء والكهرباء ومدارس الأطفال. إذ إن المشكل أكبر من توقيع رئيس الحكومة على أمر بالصرف، للائحة من المشتغلين في القطاع.
موظفون في القطاع الخاص ومقاولون وحرفيون، كلهم يعانون اليوم مع الأبناك، بسبب الاقتطاعات المتراكمة للأقساط الشهرية، وكلهم يحتجون ضد إدارات الأبناك التي يبدو ألا تنسيق واضح بينها وبين الحكومة.
حتى أن بعض الشكايات المتداولة تؤكد أن مدراء وكالات بنكية يأمرون الناس بالذهاب عند «العثماني» لكي يصبر عليهم، كلما أخبروهم أن الحكومة أعلنت تسهيلات في قطاع الأبناك خلال الجائحة، لأن البنك «لا يصبر على أحد» ولا يعرف إلا الاقتطاع.
بدأت الحياة على كل حال تعود إلى قطاع السياحة، فخلال الأسبوع الماضي بدأت ساحة جامع الفنا تستقبل زوارها من السياح، بعد أن توقفت فيها الحركة لأشهر لأول مرة منذ قرون. هذه العودة البطيئة للحياة في انتظار أن يحتضر الفيروس أو يقضي عليه اللقاح المرتقب، من شأنها أن تعيد الأمل إلى ملايين المواطنين الذين لم يحصلوا طيلة حياتهم من الدولة على أي تعويض، واعتادوا أن يأكلوا خبزهم من عرق جبينهم فقط.
سوف تصرف الحكومة إذن أجور العاملين في قطاع الحفلات و«الترفيه»، الذي يبقى مجالا فضفاضا، مبلغا قدره 2000 درهم شهريا لمدة ثلاثة أشهر، أي إلى دجنبر المقبل، لتترك كل هؤلاء إلى قدرهم، في انتظار أن يصل الصيف المقبل لكي تنتعش أعمالهم، هذا إذا قرر «كورونا» الرحيل.