شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

أعطاب المدن

مرت سنة على انتخاب أكثر من 30 ألف مستشار جماعي لتدبير ما يقرب من 1570 جماعة ترابية. ومع كل الشعارات البراقة والوعود الوردية التي رفعتها الأحزاب والمرشحون خلال استحقاقات الثامن من شتنبر للرقي بجهاتنا ومدننا وجماعاتنا، فإننا ما زلنا نعيش إلى حدود اليوم على نفس إيقاع الولايات السابقة وبنفس المنطق التدبيري الذي قاد جماعاتنا إلى الخراب، باستثناء بعض الجماعات التي شهدت بوادر إقلاع حقيقي.

مقالات ذات صلة

ولا نبالغ إذا قلنا إن حصيلة السنة الأولى من عمل المجالس ضعيفة وأقل مما كان منتظرا، خاصة أن أغلب المشاريع المندرجة ضمن المخططات التنموية لم تنطلق بعد، أو انطلقت مرتبكة وما تزال معطلة، فيما بقيت العديد من المشاريع حبيسة الأدراج بسبب الصراعات السياسوية الضيقة وحروب المصالح واللوبيات المحلية، وتكفي متابعة ما يحصل في مدن كالمحمدية من حروب طاحنة بين المنتخبين أنفسهم وبينهم وبين السلطة، حيث انتهت بتدخل القضاء، بالإضافة إلى ما يقع من جمود في جماعات الرباط حيث تمطر العمدة أصحاب المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية بالجبايات العشوائية، والدار البيضاء حيث تحولت المدينة إلى ورش مفتوح ولا نهائي، وفاس التي حول عمدتها المجلس إلى سيرك، ومكناس وغيرها من المدن، وهو ما يشكّل في ظرف وجيز معطًى كافيا لكسر السرديّة القائلة بأنّ هذه الوضعيات السيئة لجماعات بعينها هي مجرد حالات معزولة.

وباستثناء المشاريع الكبرى التي فتحتها جماعة أكادير، لم تستطع معظم الجماعات، خاصة المدن الكبرى، خلق مشاريع استثمارية بالشراكة مع القطاع العام والخاص وإقناع الجهات الوصية بالمساعدة، ولا تتوفق في الرفع من عائدات ومداخيل الجماعة ما جعلها تتحول إلى عبء كبير على ميزانية الدولة دون أن يتناسب ما تحصله من المواطن والخزينة العامة مع الإنجازات المحققة.

وما يبعث على الصدمة السياسية أن كل ذلك المنسوب المرتفع للمواطن في تحقيق تنمية محلية، والذي جعله يتجه بكثافة للتصويت بدأ يتراجع ويتسرب إليه الشك، صحيح أنه لم تمر سوى سنة واحدة من السنوات الست المحددة للولاية المحلية، لكن لا تبدو في الأفق أي مؤشرات ملموسة على حدوث تغيير في تدبير الجماعات خلال ما تبقى من الولاية.

وقبل فوات الأوان، وإذ نشارف السنة الثانية للمجالس الترابية، من الضروري وقف هذا الهدر الزمني الذي يضيع على المغاربة كل فرص التنمية المحلية، ومواجهة أسباب هذا الواقع المتردي لجماعاتنا، بأي طريقة كانت، وهنا تطفو للسطح مسؤولية الأحزاب السياسية في تأطير منتخبيها وفق الالتزامات التي رفعتها، ودور سلطة المراقبة المتمثلة في وزارة الداخلية التي يتحمل رجالاتها بالجماعات مسؤولية عما يقع، وأخيرا دور القضاء الزجري والإداري الذي ينبغي أن يكون صارما حينما ترفع إليه النزاعات الانتخابية المرتبطة بالعزل أو شبهات فساد، وألا يتساهل مع استمرار ممارسات تسيء لمشروع دولة ترى في التنمية الترابية هدفا دستوريا وملكيا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى