شوف تشوف

الرئيسيةبانوراما

أطباق غريبة … الحشرات والديدان بديلا غذائيا ناجحا للإنسان

سهيلة التاور
لطالما كان أكل الديدان والحشرات أمرا مقززا للعديد من الناس، لكنه أصبح مؤخرا الطبق المفضل للعديد من الزبائن في عدة دول أوروبية وعربية. وذلك بعدما سمحت الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية باستهلاك الأطعمة التي تدخل في مكوناتها بعض الحشرات والديدان باعتبار فوائدها المهمة وكونها مصدرا للبروتينات ولا تنقل الأمراض إلى الإنسان.

في بداية السنة، أعطت هيئة تنظيمية صحية في الاتحاد الأوروبي الضوء الأخضر لاستهلاك الأطعمة المشتقة من نوع من الخنافس، وهي خطوة أولى تمهّد لاتخاذ بروكسل قراراً بالسماح باعتماد الحشرات كأطعمة في أوروبا.

وخلصت الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية بعد دراستها طلباً من الشركة الفرنسية لتربية الحشرات «أغرونوتريس»، إلى أن يرقات «دودة الوجبة» آمنة للاستهلاك «إما كحشرة مجففة كاملة أو كمسحوق». وأوضح الخبراء أن «لا ضرر غذائياً من استهلاك» ديدان الوجبة بسبب تركيبتها الغنية بالبروتينات والألياف، لكنهم رأوا ضرورة إجراء مزيد من الأبحاث في شأن احتمال حصول تفاعلات من نوع الحساسية.

وقدمت المفوضية الأوروبية إلى الدول الأعضاء استناداً إلى رأي الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية مسودة اقتراح للسماح بطرح ديدان الوجبة المجففة والمنتجات المشتقة في السوق، يتضمن شروط بيعها. ويأمل القطاع في الحصول على ضوء أخضر نهائي بحلول منتصف العام 2021.

وشرح المدير العلمي للوحدة المسؤولة عن درس هذا الملف في الهيئة الأوروبية إيرمولاوس فيرفريس أن «هذا التقييم الأول لأخطار إحدى الحشرات كغذاء جديد قد يمهد الطريق للموافقة الأولى من هذا النوع على مستوى الاتحاد الأوروبي». وأضاف «تقييمنا هو خطوة حاسمة لضمان سلامة المستهلك» التي أصبحت إلزامية مع دخول أنظمة الاتحاد الأوروبي في شأن الأطعمة الجديدة حيز التنفيذ في يناير 2018. واعتبرت هيئة سلامة الأغذية الأوروبية في يناير دود القبابي صالحا للاستهلاك الآدمي وأقرت في ماي بيعه في الأسواق. وأقرت الهيئة استخدام أكثر من 12 منتجا غذائيا مصنوعا من الحشرات ومنها الصراصير والجراد.

وتبحث الهيئة التي تتخذ في مدينة بارما الإيطالية مقراً لها في صلاحية صراصير الليل والجنادب للاستهلاك.

وتشير التقديرات إلى أن ألف نوع من الحشرات تُستهلك في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. أما في الاتحاد الأوروبي، فتُستخدم الحشرات التي تنتج مزارع متخصصة بضعة آلاف منها سنوياً كغذاء لحيوانات المزارع خصوصاً الأسماك.

في فنلندا
بدأ مخبز فنلندي بالتجديد في منتجاته إلى مدى غير معتاد، إذ طرح ما وصفه بـ «أول رغيف في العالم تدخل الحشرات في إنتاجه». ويحتوي هذا الرغيف الذي يصنع من مسحوق صراصير الليل المجففة والطحين والبذور على نسبة من البروتين أكثر من الخبز العادي بفضل مسحوق الحشرات، حيث يحتوي الرغيف الواحد على نحو 70 صرصورا ويباع بما يصل إلى 3.99 يورو (4.72 دولار) مقارنة مع اثنين إلى ثلاثة يورو للرغيف العادي.

وقال مدير المخبز: «يقدم للمستهلك مصدرا جيدا للبروتين ويمنحه وسيلة سهلة للاعتياد على الأطعمة المعتمدة على الحشرات».

حشرات في المطبخ الفرنسي

في فرنسا
قرر الطباخ الفرنسي لوران فييه تقديم أطباق مختلفة في مطعمه حيث تحتوي القائمة على سلطة روبيان مع دود القبابي (الدود الأصفر)، والحشرات المقرمشة المقدمة فوق طبقة من الخضراوات، والجنادب المغطاة بالشوكولاتة. وحظيت أطباقه المنمقة بإشارات إعجاب وهمهمات تلذذ من زبائنه المغامرين.

ومن بين الأطباق المطلوبة التي يطلبها الزبائن لأول مرة في خوض المغامرة هي طبقا من المعكرونة المصنوعة من دقيق (طحين) دود القبابي والبطاطا الحلوة ويرقات الحشرات المقلية.

ويمكن أن يوفر دود القبابي والحشرات بشكل عام مصدرا مستداما للغذاء في المستقبل يسبب القليل من انبعاثات الكربون. ولكن بالنسبة لفييه التحدي مزدوج، فهو يسعى للترويج لأطباقه بين الناس وتعلم كيفية تحويل الحشرات لطعوم مستساغة. ويقول «علينا أن نجد النكهات والإضافات الصحيحة. وهذا كله مبهر. أي طاه سيقول لك ذلك».

الدود..طبق للهولنديين في هولندا
تم فتح مطاعم لتقديم وجبات أكل من الدود، في هولندا، كما تقدّم للناس دروساً في طريقة طبخ أكلات بالدود أو مختلف أنواع الحشرات، كبديل عن اللحم. ورغم أن غالبية الزبائن يجربون تلك الوجبات مرة واحدة، إلا أن خبراء كالبروفسور فان هويس من هولندا يشدد على أهمية توعية الناس بإيجابيات تناول وجبات من الحشرات بشكل مستمر، خصوصاً أن حشرات كالدود مليئة بالبروتينات، ويمكن أن تكون بديلاً للحليب واللحوم.

ويرى الخبير الهولندي أنه يمكن أكل الدود كليا من دون رمي بعض أجزائه، على عكس لحوم الدجاج أو الخنزير التي يجب التخلي عن 55 بالمئة منها لأنه غير صالح للأكل. ويرى الخبير الهولندي أن هذا دليل مُقنِع للتحول إلى وجبات الحشرات كبديل. ولا يخفي البروفسور فان هويس أن تغيير عادات الأكل لدى الناس من اللحوم إلى الحشرات يحتاج إلى الكثير من الوقت.

الديدان الخارقة في الكويت في الكويت
كشف رجل الأعمال الكويتي جاسم محمد بوعباس أنه أمضى سنوات في تربية «الديدان الخارقة» المهمة للنظام الغذائي عند الحيوانات، وأصبح يأمل الآن في أن تجد هذه الديدان طريقها إلى أطباق مواطني الخليج.

وأوضح بوعباس أنه يمارس هوايته في غرفة مظلمة صغيرة خارج مدينة الكويت، حيث يرتّب يرقاته المقبلة على التشرنق في علب صغيرة شفافة، ويحرص على توضيبها في أدراج خشبية صنعها برفقة شقيقه، بينما يضع الخنافس المقبلة على التزاوج في علب بلاستيكية كبيرة فرشها بأرضية من النخالة. كما أوضح بوعباس أن طموحه يكمن في أن تكون الديدان بديلا غذائيا ناجحا للإنسان.

ويقضي الشاب الكويتي ساعتين معها كل يوم، فيطعمها الشوفان والنخالة وقطع البطاطا والجزر، ويتأكد من ملاءمة درجة الحرارة التي يجب ألا تقل عن 22 درجة مئوية، وعادة ما ينتج ما بين ثلاثة آلاف وستة آلاف دودة كل ثلاثة أشهر، وأحيانا يصل العدد إلى عشرة آلاف.

وعادة ما يستهلك كبار السن في الكويت ودول خليجية أخرى الجراد طريا أو مقرمشا بعد تحميصه أو تجفيفه. ويعتبرها البعض طعامًا شهيًا، على الرغم من تراجع استهلاكها في العصر الحديث. وفي حين لم تتم الموافقة بعد في الكويت على الاستهلاك البشري للديدان التي يتهافت عليها ملاّك الطيور النادرة والزواحف والأسماك والسناجب في منطقة الخليج، يأمل بوعباس في أن يكون الناس على استعداد لتجربتها. ويهدف إلى توسيع نطاق أعماله ليبيع الديدان في مطعم مخصص لذلك، وهو يقوم بتجربة الوصفات قبل الحصول على إذن من السلطات الكويتية وقد أنتج حتى الآن ثلاثة أنواع من الصلصات.

ويقول بوعباس إن افتتانه بأسرار «الديدان الخارقة» دفعه للسفر إلى تايلاند في 2018 لمعرفة المزيد عن الحشرات الصالحة للأكل، والتي تعتبر وجبة خفيفة شهيرة هناك. وقال «في البداية، كنت أتقزّز منها، لكن نجاحي دفعني اليوم الى التعود على هذه الديدان وفهم سلوكياتها والأخطار التي يمكن أن تهدّد حياتها».

فوائد الحشرات لا تحصى
تعتبر الحشرات من الأطعمة الشائعة والمُحببة في قارة آسيا والدول الأوروبية مؤخرا. كما تقدم المطابخ الإفريقية والأمريكية اللاتينية ولاسيما المكسيكية، أصنافا من المكونات الزاحفة على طبق الطعام. وقد تكون هذه مقلية، أو مسلوقة، أو ملفوفة بعجينة، أو حتى حية.

وتقدر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، أن أكثر من ملياري شخص يتناولون الحشرات بانتظام في جميع أنحاء العالم، حيث يجري تناول 527 نوعاً حشرياً مختلفاً في 36 بلداً من إفريقيا، و29 بلداً آسيوياً و23 بلداً من الأمريكيتين.

وباعتبارها من اللافقاريات، فإن حاجة الحشرات إلى الغذاء تقل كثيراً عما تتطلبه الخنازير أو الأبقار. وفي المعدل العام، تستهلك الحشرات كيلوغرامين من الغذاء لإنتاج كيلوغرام من «لحم الحشرة».

وفي المقابل، تتطلّب الماشية 8 كلغم من العلف لإنتاج كيلوغرام واحد من اللحم البقري بحسب منظمة «الفاو». وحيث تستهلك الحشرات موارد مائية وأراضي تقل بكثير عن الماشية، ولا تنتج سوى كسراً ضئيلاً فقط من العوادم كالميثان، والأمّونيا، والغازات الأخرى المسببة للاحتباس الحراري وفضلات السماد الملوثة، فإنها تعتبر البديل الأخضر للحوم.

كما تعتبر الحشرات ذات فوائد صحية للإنسان، لاحتوائها على نسبة عالية من البروتين والعناصر الغذائية الأخرى عالية الجودة مقارنة باللحوم والأسماك، بحسب «الفاو» أيضاً.

وعلاوة على ذلك، فإن مخاطر نقل الحشرات للأمراض الحيوانية على شاكلة أنفلونزا الطيور أو جنون البقر منخفضة. كما تمت مناقشة تناول الحشرات كغذاء بشكل مكثف في معرض «اكسبو ميلانو» 2015 المخصص لموضوع التغذية.

أكل الحشرات عن غير قصد
هناك ثقافات بجميع أنحاء العالم استخدمت الحشرات في جميع مراحلها الحياتية لآلاف السنين، بدءاً من كونها بيضة ثم يرقة ثم شرنقة، وصولاً إلى مرحلة البلوغ. إذ استخدمتها كبروتين بدائي ببعض الأحيان، لكن في الغالب استخدمتها كتوابل أو لإحداث فارق بسيط.

وامتُدح أكل الحشرات للمميزات ذاتها التي تثير اشمئزاز الآخرين، والتي تتمثل في إمكانية سحقها بالأسنان ومضغها ثم ذوبانها على اللسان في النهاية.

وفي الواقع، الإنسان يأكل الحشرات بالفعل، عن غير قصد. ربما بمقدار 2 رطل في العام الواحد، باعتبارها شظايا متناثرة ينتهي بها الأمر في حزم القرنبيط المجمدة أو زبدة الفول السوداني إذ تحتوي على ما يصل إلى 30 جزءاً من الحشرات لكل 100 غرام، التي تسمح بها إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة بكميات محدودة. كما أن الإنسان يأكل العسل بمحض إرادته، والذي تُمثِّل كل ملعقة صغيرة منه ارتجاع 50 نحلة طوال حياتها. وتحتوي الشوكولا حوالي 50 جزءاً من الحشرات لكل 100 غرام. وقد تحتوي القرفة على ما يصل إلى 400 جزءاً في 50 غراما، بالإضافة إلى ذلك معلبات السبانخ وزبدة التفاح.

وهناك حالات متعددة لأكل الحشرات دون أن نعرف. ففي عام 2012، عندما عُرِف أن «ستاربكسStarbucks» تستخدم صبغة لتلوين الأغذية الطبيعية مستمدة من الدودة القرمزية المطحونة، لصبغ فرابيتشينو الفراولة باللون الأحمر .أثار ذلك ضجة دفعت الشركة إلى استخدام الليكوبين الموجود في الطماطم.

ومن وجهة نظر علمية، يعد رفض الإنسان للحشرات كغذاء أمر غير منطقي. إذ تتشارك الحشرات العديد من الخصائص مع القشريات الثمينة والمرغوبة كطعام. فكلاهما من شعبة مفصليات الأرجل. فجراد البحر يعد من الحشرات البحرية العملاقة بشكل ما. وعلى غرار الحشرات في الوقت الحاضر قوبل جراد البحر في الماضي بالرفض باعتباره من الحيوانات التي تتغذى بالقرب من القاع والمتوافرة بكثرة، ما يقلل من قيمتها.

وفي العصور الاستعمارية، قيل إن جراد البحر كان يُقدَّم إلى الخدم المؤقتين ونزلاء السجون بشكل شبه يومي، حتى جرى إصدار الأوامر بمنع هذه الوحشية . ولم يحظ تناول جراد البحر بالشهرة سوى مع دخول السكك الحديدية إلى الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر، حين حظي سكان المناطق غير الساحلية بفرصة تذوق جراد البحر المُعلّب.

تعتبر الحشرات ذات فوائد صحية للإنسان لاحتوائها على نسبة عالية من البروتين والعناصر الغذائية الأخرى عالية الجودة مقارنة باللحوم والأسماك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى