إنه تقدم مذهل في عالم علم الأعصاب تم تحقيقه. فقد تمكن رجل من أصل ألماني في الثلاثينيات من العمر من التعبير عن نفسه بفضل زرع قطبين كهربائيين في دماغه وواجهة كمبيوتر.
يكمن الإنجاز في حقيقة أن المريض لم يكن قادرا تماما على التواصل، لأنه مصاب بشلل رباعي بسبب مرض «شاركو». يعرف أيضا باسم التصلب الجانبي الضموري، وهو أكثر أمراض الخلايا العصبية الحركية شيوعا. إنه مرض تنكسي عصبي يصيب الدماغ ونخاع العظام والذي يظهر على شكل ضعف ثم هزال في العضلات، ويسمى أيضا بمتلازمة الانغلاق.
بالنسبة لهذا المريض، تم إغلاق جميع مسارات الاتصال العضلي تدريجيا. لم يستطع تحريك عضلاته أو حتى فتح عينيه. كان في حالة منغلقة تماما، أي محبوسا في جسده، على الرغم من وعيه الكامل.
تم نشر عمل هذه الدراسة في المجلة العلمية Nature Communication. وكانت عبارة عن واجهة ذكية متصلة بزرع الدماغ وهي أقطاب كهربائية قادرة على فك تشفير أفكار الشخص. هذا هو السبب في أنها تقدم كبير من وجهة نظر طبية وتكنولوجية.
لتحقيق هذا العمل، تم زرع صفيفين من أربعة وستين من الأقطاب الكهربائية الدقيقة في القشرة الحركية الدماغية للمريض.
هذه الطريقة الجديدة في التواصل لم تحدث في غضون ساعات قليلة. من ناحية، كان المريض قد اختبر بالفعل نسخة أخرى غير جراحية من هذه التقنية الطبية، عندما كان لا يزال بإمكانه فتح عينيه. من ناحية أخرى، سيستغرق الأمر حوالي ثلاثة أشهر لتعلم كيفية التواصل مع الأقطاب الكهربائية والكمبيوتر. لمساعدته على ترويض الأداة، قام الخبراء بتثبيت نظام «الارتجاع العصبي السمعي». يرسل الأخير إشارة مسموعة إلى المريض لإعلامه بأن القطب قد تم تنشيطه.
واحدا تلو الآخر، من خلال حركات العين الأفقية، اختار الحروف واحدة تلو الأخرى حتى شكل الكلمات، ثم الجمل. بفضل الإشارات العصبية، يمكن لبرنامج تهجئة مصمم خصيصا قراءة الأحرف بصوت عال. يستطيع الألماني البالغ من العمر ثلاثين سنة، بهذه الطريقة، اختيار الحروف بفضل دوافعه العقلية. وهكذا، تمكن من التعبير عن احتياجاته والتواصل عبر واجهة «دماغ كمبيوتر» ذكية.
لذلك لن يكون هذا العمل طويل الأمد عبثًا، سواء بالنسبة للمريض أو لعائلته أو لمجتمع المرضى الذين يعانون من مرض «شاركو» وكذلك للعالم العلمي.
كما يشير الباحث الرئيسي في الدراسة، نيلز بيرباومر، وهو أيضا مدير معهد علم النفس الطبي وعلم الأعصاب السلوكي بجامعة توبنغن بألمانيا، فإنه يظهر أنه يمكنك كتابة جمل بالدماغ حتى لو كنت مشلولا تماما دون أي شيء. فيمكن استخدام حركة العين أو عضلات أخرى للتواصل.
