أطباء خلف القضبان بسبب جرائم ارتشاء وإهمال وتحرش وإجهاض واتجار في البشر
يشير الفصل 364 من القانون الجنائي إلى المسؤولية الجنائية للطبيب الذي يصدر عنه، خلال مزاولته لمهنته، إقرار كاذب أو فيه تستر على مرض أو عجز، أو تقديم بيانات كاذبة عن مصدر المرض، في هذه الحالات تتراوح العقوبة الحبسية بين سنة وثلاث سنوات ما لم تكن هناك جريمة أشد».
ليس هذا هو الفصل الوحيد الذي ينبه الطبيب إلى مسؤولياته، فهناك فصول عديدة في القانون المغربي تعاقب كل طبيب أخل بواجباته تحت أي طائلة. الطبيب يدرس في الجامعة كيفية تشخيص المرض وعلاجه وطرق الوقاية منه، ويؤدى قسم الالتزام بآداب مهنته المقدسة وأعرافها والحفاظ على أسرار مرضاه، لكن بعض الأطباء يضربون بقسم أبقراط عرض الحائط، وكاد سعيهم للمال أن يحولهم إلى تجار، ووجدوا في تهافت الناس على المصحات الخاصة فرصة للاسترزاق.
جرائم الأطباء ليست حكرا على بلد دون آخر، فالآفة كونية إذ لا يخلو سجن من طبيب داس على قسم أبقراط، لكن هذا لا يمنع من وجود آلاف الأطباء النزهاء الشرفاء الذين يحترمون المهنة ويتطوعون في مبادرات وحملات طبية مجانا.
في محاكم المملكة تعرض ملفات اتهم فيها أصحاب الوزرة البيضاء بارتكاب جرائم يعاقب عليها القانون، منها ما يتجاوز حدود الأخطاء المهنية إلى تكوين عصابة إجرامية منظمة تتاجر في البشر بقناع طبي، ما عرض سمعة الطب المغربي للكثير من الضرر.
تقدم الهيئة الوطنية للأطباء نفسها كإطار جمعوي قطاعي، يشيد بالدور البارز للطبيب ومساهمته في نهضة المجتمع وتقدمه من خلال كشف الأمراض وسعيه لعلاجها، فهو يحمي أسس المجتمع وهموم البشر ويقوم بغرس المعاني الإنسانية الجميلة بين أفراد المجتمع من حيث تعميمه لمفهوم التكامل والتكافل ومساعدة الآخرين في التخفيف من أوجاع الناس ومعاناتهم.
في الملف الأسبوعي لـ«الأخبار» رصد لحالات خروج عن النص، ووقوف عند قضايا خرجت من المصحات ودخلت المحاكم، والحصيلة ضرب في الصميم لأنبل المهن.
حسن البصري
كيف تحول التازي من طبيب الفقراء إلى عدو للفقراء؟
يقضي الدكتور الشهير الحسن التازي في طب جراحة التجميل لياليه الأولى في سجن «عكاشة» بالدار البيضاء رفقة زوجته وشقيقه ومستخدمين آخرَين بمصحته، بينما يتابع ثلاثة مستخدمين آخرين في حالة سراح.
جاء اعتقال هؤلاء المعنيين بعدما قرر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء متابعة المتهمين، وعلى رأسهم «طبيب الفقراء»، بتهم ثقيلة «الاتجار في البشر، استدراج أشخاص واستغلال حالة ضعفهم وهشاشتهم»، وصنف القضاء الملف في قضية تكوين عصابة إجرامية تستهدف جمع مبالغ مالية من متبرعين على أساس تكاليف طبية لاستشفاء مرضى منتمين إلى أسر معوزة، على أن يتم تقديم العلاج لهم بالمصحة التي يعمل بها أغلبية المتابعين.
وجاء بلاغ المديرية العامة للأمن الوطني ليكشف أسباب ودواعي اعتقال التازي، والتي تعود لطرق ملتبسة في الرفع من قيمة التكاليف الطبية من طرف بعض المتهمين، وتحدث البلاغ عن «تدليس الغاية منه الاستيلاء على مبالغ مالية مهمة».
وذكرت المديرية العامة أن «الأبحاث والتحريات المكثفة التي باشرتها مصالح الأمن الوطني مكنت من توقيف المشتبه فيها الرئيسية، وهي زوجة الدكتور التازي المتورطة في ربط الاتصال بالمرضى المفترضين والتقاط صور لهم بدعوى مساعدتهم على تلقي العلاج، قبل «استغلال هذه الصور في جمع تبرعات مالية مهمة، يتم تبريرها باستعمال فواتير وتقارير علاج مزورة بالتواطؤ مع باقي الموقوفين. كما كانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية قد أحالت على النيابة العامة المختصة لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، منذ يوم السبت الماضي، المتهمين ومجموع عددهم ثمانية.
صحيح أنه في كل قضية معروضة على القضاء يجب استحضار قرينة البراءة، وانتظار ما ستسفر عنه الجلسات لفهم حقيقة التهم ومواجهة المتهمين بما يثبت تورطهم من عدمه، خاصة وأن القضية في مراحل البحث السري الأولى.
وحسب صك الاتهام، فإن زوجة الدكتور التازي كانت تتلقى تبرعات من أشخاص ذاتيين أغلبهم من المتبرعين تحت غطاء تسوية تكاليف طبية لاستشفاء مرضى منتمين إلى أسر معوزة، على أن يتم تقديم العلاج لهم بالمصحة التي يعمل بها أغلبية المشتبه فيهم، وذلك على إثر شكاية من بعض المحسنين لم تفصح البلاغات عن هويتهم.
وعلى الصفحة الرسمية للدكتور التازي في منصات التواصل الاجتماعي، وُصفت الاتهامات بـ«الإشاعات والأكاذيب»، وقدمت جردا للمساعدات التي تقوم بها المنصة لفائدة المعوزين وعمليات أجراها الطبيب التازي لأطفال في وضعية هشاشة مجانا. ولم تتوقف المنصة المتحدثة باسم التازي عن الغوص في الحياة الخاصة للطبيب المتهم، كاشفة انتماءه للطريقة القادرية البوتشيشية، مبرزة «علاقة المحبة في الله التي تربط الطبيب مع شيخ الطريقة».
طبيب المحمدية يمنح شهادة البكارة لعجوز
شهدت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، قبل ست سنوات مضت، واحدة من أغرب وأبشع قصص بيع الشهادات الطبية في المغرب، ليجد القضاء نفسه أمام ملف طبيب متهم بتحرير شهادة لا تتضمن حقيقة ما عاينه أو أنها منحت في ظروف طبعتها المجاملة والارتشاء.
وكانت جريدة «الأخبار» سلطت الضوء على أحد نماذج الشهادات الطبية المزورة بمدينة المحمدية، إذ سلم أحد الأطباء المتابعين في قضية تزوير شهادات طبية ومنحها للموتى، شهادة طبية لعجوز يشهد فيها أنه بعد الفحص، «تبين له أن المعنية بكر، ولا تظهر عليها علامات المرض المعدي».
وحسب نص الشهادة الطبية المسلمة من قبل الدكتور (أ.ع)، فإن طالبة الشهادة (ر.ح)، تحمل بطاقة تعريف وطنية تخص شخصا آخر، ليس سوى أحد المتابعين مع الطبيب ذاته في قضية تزوير شهادات طبية، والذي أراد الإطاحة بالطبيب في كمين نصب له بعناية.
وفي حديثه لـ «الأخبار»، صرح خصم طبيب البيضاء في القضية أنه اشترى من الطبيب نفسه شهادة عذرية أخرى لزوجته التي له معها ولدان، وشهادة طبية أخرى لأحد الأشخاص المتوفين، مضيفا أنه ينوي تعزيز ملفه بالوثيقتين، انتظارا لإنصافه في الملف المعروض على القضاء، بعد تحقيق قارب السنة.
وقال الشخص نفسه، وهو صاحب شركة لصنع الخيام، إنه اهتدى إلى فكرة شراء الشهادات الطبية المزورة من الطبيب ذاته الذي منح شهادة مماثلة لأحد المنتصبين في قضية شغل ضده، كان قد وقع معه على شهادة صلح، يتنازل فيها صاحب الشركة عن متابعة أجيره السابق بسرقة خواتم وسجلات تخص الشركة، إلا أنه، وبعد مدة ليست بالطويلة، «فوجئت بأحد المفوضين يطرق بابي، لإبلاغي بانتصاب مستخدمي السابق خصما لي في قضية شغل، معززة هي الأخرى بشهادتين طبيتين تحددان مدة العجز في 36 يوما»، ما ورطه في ملف رمى به في السجن، مضيفا أنه قصد الطبيب ذاته واستخرج منه شهادات طبية لأشخاص فارقوا الحياة منذ سنين.
وفي تفاصيل هذه القضية، فإن صاحب شركة الخيام كان قد توجه صوب عيادة الطبيب الذي منح خصمه شهادة «ثقيلة»، وأخبره بحاجته لشهادة عذرية لفتاة ينوي الزواج بها، وقدم له مبلغا ماليا محترما دون حضور المعنية، وسجل اسم سيدة عجوز على أساس أنها المطالبة بشهادة العزوبة التي ستستعمل في أغراض خاصة، قبل أن يسقط الطبيب في المحظور ويلبي مطالب رجل كان بصدد الانتقام، واضعا خاتمه وتوقيعه على وثيقة سترمي به في السجن وتضرب قسم أبقراط في الصميم.
في هذه القضية تم استدراج الطبيب نفسه لتحرير شهادة جديدة تكون عربون براءتهم مما نسب إليهم، وتجر الطبيب إلى المساءلة.
عفو ملكي ينقذ طبيب نساء من السجن
شدت قضية هاجر الريسوني اهتمام الرأي العام، خاصة بعد أن أصدرت المحكمة الابتدائية بالرباط قرارها بسجن الصحافية هاجر لمدة عام بعد إدانتها بتهمة «الإجهاض غير القانوني» و«ممارسة الجنس خارج إطار الزواج». وكان خطيب الصحافية وطبيبها والطبيب المخدر قد نالوا أيضا أحكاما بالسجن على خلفية ارتباطهم بهذه القضية.
وحكم على الطبيب النسائي الذي قام بعملية الإجهاض بالسجن مدة عامين وكانت السلطات قبضت عليه وحوكم في الوقت نفسه، كما قررت المحكمة السجن سنة واحدة لخطيب المعنية. وحكم على طبيب التخدير بالسجن مدة عام مع وقف التنفيذ، كما أصدرت المحكمة قرارا بسجن موظفة ثمانية أشهر مع وقف التنفيذ.
وحين كان الطبيب ومن معه في هذا الملف يقبعون في السجن، أصدر العاهل المغربي، الملك محمد السادس، عفوا عن الصحفية ومن معها، تلاه وزير العدل السابق محمد بنعبد القادر خلال لقاء صحفي بالرباط. ويندرج هذا العفو في إطار «حرص العاهل المغربي على الحفاظ على مستقبل الخطيبين اللذين كانا يعتزمان تكوين أسرة طبقا للشرع والقانون، رغم الخطأ الذي قد يكونا ارتكباه، والذي أدى إلى المتابعة القضائية». وأكد البيان أن العفو «شمل كلا من خطيب هاجر الريسوني والطاقم الطبي المتابع في هذه القضية».
وكانت السلطات المغربية أوقفت الصحافية هاجر برفقة خطيبها، إضافة إلى طبيب متخصص في أمراض النساء واثنين من مساعديه. وقال محضر النازلة إن الشرطة كانت لها شكوك حول العيادة التي ترددت عليها هاجر، بشأن إجراء إجهاض سري يجرمه القانون المغربي، وتتراوح عقوبته بين ستة أشهر وخمس سنوات سجنا، ولا يقتصر فقط على المرأة التي أجهضت، بل يعاقب أيضا كل من قام بفعل الإجهاض.
تحدث محمد جمال بلقزيز، المعروف بطبيب هاجر، عن العفو الملكي الشامل الذي طاله رفقة كل المحكومين في هذا الملف، وقال، في أكثر من تصريح صحفي عقب مغادرته السجن، «إن العفو هو اقتناع من ملك البلاد ببراءته»، مؤكدا أنه لم يصدق النبأ في البداية، لكنه أرجع له كرامته التي مست أثناء اعتقاله، كما أعاد له الثقة والرغبة في العودة لعمله كطبيب نساء وتوليد، خصوصا وأنه يمارسها منذ أربعين سنة.
بالمقابل عبر الطبيب المفرج عنه حديثا عن أسفه إزاء تصرفات زملائه في الهيئة، والتي لم تأخذ موقفا من قضيته، معلقا على الأمر بكلمة: «حشومة»، قبل أن يشكر الزملاء والمواطنين وكل من تضامن معه.
32 سنة سجنا لطبيب مراكش وشركائه في اختطاف رضيع
في صيف سنة 2017، أسدلت غرفة الجنايات، بمحكمة الاستئناف بمراكش، الستار عن قضية الطبيب المتهم باختطاف رضيع رفقة أربعة من شركائه، ووزعت عليهم أحكاما بلغ مجموعها 32 سنة سجنا.
وأدانت المحكمة المتهم الرئيسي «شهيد.ي»، وهو طبيب يدير عيادة للطب الخاص بالحي الحسني، بعشر سنوات سجنا، وست سنوات سجنا لكل من «أمل.ب» التي اشترت الرضيع من الطبيب ووالدتها، فيما قررت الهيئة نفسها إدانة «سفيان» زوج «أمل.ب»، والسائق بخمس سنوات سجنا لكل واحد منهما.
وكانت هيئة المحكمة استمعت إلى كل المتهمين المتابعين في حالة اعتقال، من أجل جنايات «اختطاف رضيع والاتجار في البشر ومحاولة إخفاء هوية طفل والمشاركة»، قبل أن تقرر إدخال الملف للمداولة خارج الجلسة، حيث نطقت بالأحكام السالفة الذكر.
وكشفت المرافعات التي تواصلت في مختلف الجلسات أن حسم القضية ووضع اليد على المدانين تم من خلال كاميرات مثبتة في المستشفى، وبفضل العودة إليها أمكن للأمن القبض على سارقي الرضيع. وأكد الطبيب، خلال إجاباته عن أسئلة رئيس الهيئة، أنه فعلا اتفق مع المتهمة «أمل.ب»، بأن يتدبر لها في رضيع، وتسلل إلى مستشفى ابن طفيل وأخذ رضيعا بعد اتفاق مسبق مع والدته، وهو ما فندته النيابة العامة مؤكدة أن الأم إن كانت اتفقت معه مسبقا من أجل تسليمه الرضيع لانتظرت حتى تغادر المستشفى ثم قامت بتسليمه.
وأضافت النيابة العامة، في مرافعتها، أن إفادات المتهم أمام الضابطة القضائية وقاضي التحقيق، بالإضافة إلى مجريات إعادة تمثيل الجريمة، كلها تبين أن المتهم تسلل ليلا إلى المستشفى واختطف الرضيع، كما أنه سلم الرضيع في جوف الليل بالشارع العام إلى المتهمة «أمل.ب»، وكلها قرائن وثقتها كاميرات الحراسة بالمستشفى ما يؤكد تورط المتهمين في اختطاف الرضيع والاتجار في البشر ومحاولة إخفاء هوية وليد.
خبرة طبيب شرعي مضادة تزج بطبيب عام في السجن
في اليوم العالمي للمرأة سنة 2019، أصدرت المحكمة الابتدائية بمدينة واد زم حكما ابتدائيا قضى في منطوقه بمؤاخذة طبيب من أجل تسليمه شهادة طبية غير صحيحة والحكم عليه بسنة واحدة حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها ألف درهم.
ويعتبر هذا الحكم من الأحكام النادرة، بحيث غالبا ما كانت هذه القضايا تنتهي بالبراءة لصعوبة الإثبات، رغم كثرة المؤشرات على ظاهرة الشهادات غير الصحيحة والتي يطغى عليها طابع المجاملة. وما يفاقم من إشكالات هذه الظاهرة أن هذه الشهادات تكون في أحيان كثيرة سببا في الزج بمجموعة من الأبرياء في السجون بشكل يؤثر في تدني مؤشر الثقة والنجاعة في العدالة، ويساهم بشكل سلبي في تكبد شركات التأمين خسائر مادية كبيرة.
تتعلق وقائع القضية التي صدر بشأنها منطوق الحكم أعلاه بكون امرأة تقدمت بشكاية ضد جارتها تتهمها فيها بتعريضها للضرب والجرح، معززة شكايتها هاته بشهادة طبية مسلمة من طرف طبيب معتمد بها مدة الحجز 35 يوما، وهي مدة طويلة جدا في عرف القضاء المغربي. وعند الاستماع إلى المشتكى بها صرحت أنها تبادلت السب والشتم مع جارتها ولكنها لم تعرضها لأي عنف أو جرح، فيما صرح الطبيب أن المشتكية عندما طلبت منه الشهادة كان ضغطها منخفضا ونقلت له أنها تشكو من آلام في الرأس وأنه لم يسألها عن الغرض من هذه الشهادة. وعند مواجهته بتقرير الطب الشرعي كون المشتكية لا تعاني من أي عجز، صرح بأن عامل الوقت قد يكون وراء انتهاء عجزها.
وبعد عرض محاضر الشرطة القضائية على النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بمدينة واد زم، تمت متابعة الطبيب بتهمة «منح شهادة طبية تتضمن بيانات كاذبة بشأن العجز المضمن بها»، بينما تمت متابعة المشتكية التي أدلت بشكايتها مرفقة بهذه الشهادة الطبية بتهمة تقديم «الوشاية الكاذبة»، طبقا للفصلين 364 و 445 من القانون الجنائي المغربي. وبعد عرض القضية على المحكمة ومناقشتها علنيا أصدرت الحكم المذكور بالإدانة المسطرة أعلاه في حق المتهمين.
البروفسور نجمي أمام القضاء بسبب انتحار فتاة
أدانت المحكمة الابتدائية بأكادير الكاتب العام لوزارة الصحة السابق، البروفسور هشام نجمي، بشهرين حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 2000 درهم، بعد متابعته في قضية عدم تقديم مساعدة لشخص معرض للخطر والإدلاء بهوية مزيفة في قضية سقوط فتاة من نافذة غرفة فندق بأكادير.
وأضافت المصادر ذاتها أنه تمت متابعة الفتاة الضحية 35 سنة، التي قيل إنها مرافقته، والتي تشتغل مسيرة شركة لكراء الفيلات بشهر حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 500 درهم، بتهمة السكر العلني، كما تمت متابعة مكلف الاستقبال فندق “تيفولي” بشهرين حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية قيمتها 500 درهم.
في أولى جلسات محاكمة الدكتور هشام نجمي، الكاتب العام السابق لوزارة الصحة، المتابع بتهمة عدم تقديم المساعدة لشخص في خطر، قررت المحكمة تأجيل النظر في القضية إلى جلسة أخرى بناء على طلب الدفاع، بعد أن سجلت الجلسة الأولى غياب المتابعين، وحضور فقط محاميي الدفاع عن المتهمين. وتعود القضية ليوم 23 غشت 2019، حين أقدمت سيدة على الانتحار برمي نفسها من الطابق الثاني من الفندق، وتبين أنها كانت برفقة نجمي، الذي شكل هروبه من مكان الحادث، رغم معاينته لواقعة محاولة الانتحار، وعدم اتصاله بالإسعاف، أو تقديمه مساعدة لها بصفته طبيبا، سببا لمتابعته بتهمة عدم تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر، علما أن كاميرا الفندق رصدت عملية هروبه من باب خروج المستخدمين.
يذكر أن البروفيسور هشام نجمي، الأستاذ في علم التخدير والإنعاش، أعفته وزارة الصحة من منصبه عقب هذا الحادث يوم الثلاثاء 17 شتنبر 2019، وهو الذي تقلد منصب الكاتب العام للوزارة منذ شهر أبريل من سنة 2018، قادما إليه من مستشفى ابن طفيل بمراكش ورئيسا لقطب الـمستعجلات والإنعاش بالمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بالمدينة ذاتها، ثم مديرا عاما لهذا المركز.
طوى الكاتب العام السابق لوزارة الصحة هذا الكابوس المزعج، وعين رئيسا لقسم المستعجلات بمستشفى الرازي بمدينة مراكش، كما استكمل الإجراءات الإدارية لاستلام مهمة رئيس المستعجلات الرازي، ثم عاد للتدريس بكلية الطب والصيدلة بمراكش.
مدرسة أمريكية تتهم طبيبا متدربا باغتصابها
كانت جريدة «الأخبار» سباقة للكشف عن قضية اغتصاب سيدة أمريكية بالرباط من طرف طبيب متدرب زج به في الاعتقال الاحتياطي بسجن العرجات. وأعادت الجريدة القضية للواجهة من جديد، حيث خصص قاضي التحقيق المكلف بالأبحاث التفصيلية للكشف عن حقيقة التهم الموجهة لطبيب شاب في جلسة خصصت للمواجهة المباشرة بين الضحية الأمريكية والمتهم الذي تم نقله من سجن العرجات إلى قصر العدالة باستئنافية الرباط وفق بروتوكول صحي ووقائي صارم معتمد من طرف السلطات القضائية ومندوبية السجون، بحكم تزامن القضية مع فترة الجائحة.
استنطق قاضي التحقيق الطبيب المتهم بالاحتجاز والاغتصاب بحضور الضحية التي كانت مرفوقة بمترجم وهيئة دفاعها، قبل أن يحال المتهم على جلسة أخرى في حالة سراح بحكم وضعيته الاعتبارية.
وحسب مصادر «الأخبار»، فقد ظلت المشتكية الأمريكية متفاعلة مع كل الاستدعاءات التي وجهت لها من أجل التحقيق في هذه القضية، حيث حلت بمحكمة الاستئناف بالرباط في آخر جلسة للتحقيق، التي جرت صيف سنة الماضية 2020، إذ تقاسمت أستاذة اللغات التي تدرس بأحد المعاهد التعليمية بحي الرياض مع قاضي التحقيق سيناريو اختطافها واحتجازها بالعنف من طرف المتهم قبل اغتصابها.
وكانت الفضيحة المدوية التي فجرتها الضحية الأجنبية المقيمة بالمغرب، والتي تشتغل مدرسة بإحدى المدارس الأجنبية بالرباط، استنفرت كل الأجهزة الأمنية بالرباط، مباشرة بعد الإدلاء بشكاية رسمية ضد الطبيب المتدرب المقيم بعين العودة، تفيد بتعرضها لجريمة اختطاف واحتجاز واغتصاب بالقوة..
وحسب مصادر «الأخبار»، فإن المتهم يملك قناة خاصة به على موقع اليوتيوب، وعرف بخرجاته المثيرة، خاصة خلال فترة الحجر الصحي، وسبق أن خضع للحراسة النظرية على خلفية تطاوله على السلطات بعين العودة وخرقه لحالة الطوارئ الصحية.
استعانت المواطنة الأمريكية المقيمة في المغرب منذ سنوات في إطار بعثة تدريس، بمحام للدفاع عنها في مواجهة طبيب «متدرب» من مواليد سنة 1990، كان يدرس بكلية الطب (السنة الخامسة)، كما فوضت سفارة الولايات المتحدة مسؤولا قانونيا للدفاع عن الرعية الأمريكية، في ملف لا يتضمن أي إشارة لاستعمال المتهم صفته كطبيب.
ملف الصيدلاني بن عبد الرزاق من حملة التطهير إلى الإنصاف والمصالحة
لم يكن الشاب منصف بن عبد الرزاق، وهو يتابع دراسته في مجال الصيدلة في فرنسا، يعتقد أن أحلام الحياة الجامعية ستتحول إلى كابوس. فقد عاد إلى المغرب سنة 1978 وقضى سنتين صيدلانيا متدربا في وزارة الصحة ضمن ما كان يعرف بالخدمة المدنية، وبعدها فتح صيدلية في حي عين السبع بالدار البيضاء، وبعد عشر سنوات راودته فكرة ولوج الصناعة الصيدلية بحكم أن تكوينه كان في هذا المجال وحلمه الكبير هو فتح مختبر دواء وليس محل بيع الأدوية..
ابتداء من سنة 1993، أنشأ الدكتور منصف شركة «أنجيفارم»، وأبرم عقودا مع مختبرات خارج المغرب وشرع في وضع مخطط بناء مصنع للأدوية في تطوان، وشرع في استيراد كميات من عبوات «الصيروم» وتخزينها في مخزن بعين السبع ترجع ملكيته لصهره.
فجأة علم بن عبد الرزاق أن السلطة طوقت المخزن الذي تم اقتحامه من طرف العشرات من رجال الأمن بحضور كاميرات التلفزيون الرسمية، وكانت الساعة تشير حينها إلى الحادية عشرة والنصف ليلا، وفي اليوم الموالي تم تشميع المخزن، وتلقى دعوة للمثول أمام البوليس كما استقبله بوشعيب أرميل الذي كان حينها واليا لأمن الدار البيضاء واستفسره عن سر تخزين «الصيروم»، وتبين للوالي أنه لا وجود لطرف مشتك وأن الجمارك لم تتابعه في قضية استيراد هذه المادة التي كان يبيعها للمصحات الخاصة.
بتاريخ 30 دجنبر، في عز رمضان، تقرر اعتقال الصيدلاني وصهره رغم أن هذا الأخير كان يعالج في إحدى المصحات بسبب ضغط الدم، «قضيت يومين تخللتها حصص استنطاق، وكان المحققون يرفضون أن يسجلوا كثيرا من المعطيات التي أخبرهم بها، وتم تقديمي إلى نائب وكيل الملك جمال سرحان، الذي رفض اعتقالي نظرا لغياب المتابعة، وقال لي بالحرف: «إذا لم تكن أي متابعة في حقك من طرف الجمارك فملفك فارغ ولن يتم اعتقالك، لأفاجأ بتقديمي أمام وكيل ملك جديد لم يكن سوى نور الدين الرياحي»، يقول منصف في حوار صحفي.
ركز المحققون على سر وجود عينات من «الغاماغلوبيلين» في ثلاجة المخزن، كما تم حجز علب للعازل الطبي تجاوزت صلاحيتها والتي قال عنها الصيدلاني: «كنت أحتفظ بها في مكان خاص في انتظار تدميرها بسبب انتهاء مدة صلاحيتها»، فتوبع بتهمة إدخال عينات ملوثة بفيروس السيدا والتهاب الكبد.
صدر حكم ضد الصيدلاني بسنة حبسا نافذا وبغرامة مالية، بعد ذلك توبع في ملف جديد وبتهمة جديدة، اعتمادا على ظهير الغش في المواد الغذائية، «وكأن العازل الطبي مادة غذائية يستهلكها المواطنون»، يقول منصف في الحوار نفسه. وقررت المحكمة سجنه خمس سنوات إضافية.
عانى الرجل من تبعات الحكم بالرغم من العفو، فقد دمرت حياته الزوجية وفقد ابنه البكر، واضطر للجوء إلى هيئة الإنصاف والمصالحة، التي كان ردها محبطا «ملف لا يدخل ضمن اختصاصات الهيئة».