شوف تشوف

الرأيالرئيسية

أصوات من جنوب العالم

هل تملك دول الجنوب صوتا في المنتظم الدولي؟

حسنا، العُرف في دهاليز المنظمات الدولية، خصوصا التي توجد مقراتها الرئيسية في نيويورك وجنيف وهلم جرا، أن الدول الكبرى لا تعترف بقدرات دول الجنوب على إدارة الأزمات أو تدبير الملفات. ولهذا السبب تحديدا تحاول دول غربية كثيرة فرض وصاية سياسية واقتصادية على القمم والهيئات متعددة الجنسيات.

مناسبة هذا الكلام هي الثناء الذي حصلت عليه الهند، بعد توليها رئاسة مجموعة العشرين. إذ حصلت الحكومة الهندية على إشادة دولية بعد سنة من الإشراف على اجتماع مجموعة العمل الصحية.

مسؤولو منظمة الصحة العالمية وصفو الهند بأنها رفعت صوت الجنوب في المنتظم الدولي، وأشادوا بما قامت به الحكومة الهندية خلال فترة تصنيع لقاح فيروس كورونا.

منذ العقد الأخير والهند تقود سباقا مع دول أخرى متقدمة لنشر برامج تعليمية وتكنولوجية في الدول النامية، خصوصا في القارة الإفريقية. ورغم التحديات التي تواجه دول آسيا في منافسة الدول الأوروبية، إلا أن الهند كانت أول دولة تقود مبادرات التعليم عن بُعد والبرامج التعليمية الخاصة بالمناطق النائية، والتي طورتها الحكومة الهندية، عن طريق ثورة الاتصال، لتمكين قرى نائية في إفريقيا الوسطى من ولوج برامج تعليمية متخصصة.

وهكذا، فإن اللجان التي حلت بالهند، أخيرا، لم تأت، فحسب، لمناقشة المواضيع المتعلقة بتحديات الوضع الصحي في دول الجنوب، بل، أيضا، لكي يتعلموا من تجاربها. إذ إن الهند تعتبر الآن من بين الدول الرائدة في الاتصال الرقمي وتطوير تكنولوجيا المعلوميات والأمن المعلوماتي.

وفي الوقت الذي يعاني فيه مواطنو دول كبرى، مثل بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، من ارتفاع تكاليف العلاج وعدم نجاعة برامج التغطية الصحية الحكومية في تغطية تكاليف بعض العمليات الجراحية والأمراض المزمنة، تأتي تجربة الهند في آسيا الوسطى لكي تكون مثالا استحسنته منظمة الصحة العالمية، حيث اعتبرت المنظمة أن النظام الصحي هناك يمكن الولوج إليه بأسعار معقولة والاستفادة من خدمات عالية الجودة.

السياحة الطبية تعرف إقبالا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، خصوصا في صفوف المتقاعدين من دول أوروبا. إذ إن هؤلاء لا تعجبهم الخدمات الصحية لبلدانهم، ويعتبرون أن تكاليفها تفوق بكثير قدرة نظام التقاعد الذي يستفيدون منه، وهكذا يقررون، ببساطة، أن يغادروا دولهم الأصلية ويصفوا ممتلكاتهم ويستقروا في دول توفر هذه الخدمات بأثمنة معقولة، وتتوفر فيها أشعة الشمس بدل غمام أوروبا وبردها الذي ينخر العظام.

في العمق الإفريقي تمارس فرنسا سياستها الاستعمارية رغم أن زمن المستعمرات قد ولى في كل قارات العالم. إلا أن فرنسا لا تزال تعمل وفق سياسة «الفرنك الإفريقي» وتبيع لسكان دول إفريقيا الوسطى والجنوبية ثرواتهم وتحتكر استيراد المواد الخام وتبيع الديون.

وعندما يظهر في باريس أن دولة من القارة الإفريقية تشق طريقها بعيدا عن خيمة «الإليزيه» يكون الإقصاء والتشكيك والاتهامات الجاهزة أول ما تُهنئ به فرنسا هذه الدول.

في آسيا الوضع مختلف قليلا، إذ إن الدول التي حققت نموا كبيرا، خلال السنوات الأخيرة، في المجالات الصناعية والدوائية وتكنولوجيا المعلوميات، مثل كوريا الجنوبية والهند وتايوان، تتفوق كل عام على الدول التي احتكرت ريادة اقتصاد العالم خلال القرن الأخير. صوت دول الجنوب يُسمع الآن أكثر من أي وقت مضى، والظاهر أن المستقبل لأبناء دول الجنوب أيضا.

يونس جنوحي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى