شوف تشوف

الرئيسيةتعليمتقارير

أساتذة بجامعات المغرب لا ينتجون أكثر من نصف مقال علمي سنويا

«باحثون» طبعوا على نفقتهم كُتبا «غير قابلة للنشر» لاحتسابها في ملفات الترقيات

أصدر المجلس الأعلى للتربية والتكوين تقريرا صادما عن حالة البحث العلمي في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي. وأظهر التقرير الذي وصف بـ«الزلزال»، أن المشكلات التي يتخبط فيها هذا القطاع لا تتعلق بالسياسات العمومية ولا بالبنيات التحتية أو بالنموذج البيداغوجي المعتمد، بل هناك مشكلات في الموارد البشرية، وتحديدا لدى الأساتذة الباحثين، حيث طغيان مهام التدريس والتأطير على حساب البحث العلمي. مقدما أرقاما تعكس هذه المشكلات، ومنها أن معدل البحث لدى هذه النخبة لا يتجاوز نصف مقال في السنة. أي نصف مقال في مجلات ودوريات معترف بها دوليا، الأمر الذي يطرح عدة أسئلة حول مفهوم «الأنشطة العلمية» التي تعتمدها الوزارة الوصية في ترقية الأساتذة.

 

 

الباحثون لا يبحثون

قال المجلس الأعلى للتربية والتكوين إن الميزانية المرصودة لمشاريع البحث العلمي بالمغرب غير كافية لخلق دينامية في هذا المجال، إذ إن مشروعا واحدا فقط من بين أربعة مشاريع، ينجح بنسبة 25 بالمئة. وأضافت رحمة بورقية، رئيسة الهيئة الوطنية للتقييم لدى المجلس، أن الإنتاج العلمي في المملكة لا يزال ضعيفا رغم التطور الطفيف في بعض التخصصات، معربة عن أسفها لغياب تعبئة الطاقات البشرية في الإنتاج العلمي بالمملكة.

وأوضحت بورقية، خلال ندوة افتراضية تتعلق بـ«التحليل التقييمي حول البحث العلمي والتكنولوجي»، أن «بعض المؤسسات، مثل المركز الوطني للبحث العلمي والتقني، الذي يقوم بمهام أخرى خارج اختصاصاته مثل تدبير برنامج التمويل، ووحدات البحث وتعاضد البحوث العلمية والإعلام، لم تكن ضمن اختصاصاته في السابق»، مشيرة إلى أن أنشطة البحث العلمي في المملكة تعاني من تعقيد المساطر الإدارية، ومشاكل في العلاقات بين الشعب وغياب برامج البحث داخل بعض المختبرات، فضلا عن غياب التربية على البحث والثقافة العلمية في التعليم الأولي، ما يتطلب إدراج روح البحث منذ سن مبكرة، من خلال جعل التلاميذ يشتغلون على المشاريع.

وحسب التقرير، فإن الإنتاج العلمي بالجامعة المغربية ضعيف، حيث لا يتعدى نصف مقال لكل أستاذ سنويا، ما يعني وجود عدد كبير من الأساتذة لا ينشرون شيئا بالمرة، وهناك أيضا إشكال ضعف الإنتاج لدى الأستاذات، 23 في المئة ينشطن في مجال النشر، وأغلبهن في المجال الطبي، بينما إنتاجهن ضعيف في العلوم الإنسانية. وأبرز التقرير أن ضعف البحث العلمي يظهر بشكل واضح من خلال عدد إيداعات البراءات بالمملكة، حيث إن الأصول الأجنبية بلغت 2323 إيداعا في سنة 2018، مقابل 186 إيداعا للمغاربة، وأن إشكالية التمويل تتطلب تطوير القدرة الابتكارية المغربية وزيادة وعقلنة التمويلات المرتبطة بالبحوث، والاستفادة من التجارب الدولية.

وفي ما يتعلق بالرأسمال البشري للبحث العلمي في الجامعة المغربية، كشف التقرير أن 60 في المئة من الأساتذة الباحثين يصل عمرهم إلى 50 سنة، بينما يتراوح عمر 28 في المئة منهم ما بين 40 و49 عاما، مشيرا إلى أن نسبة الإناث الباحثات والأستاذات في الجامعة المغربية، لا تتعدى 26 في المئة مقابل 76 في المئة من الذكور سنة 2018. وكشف التقرير عن ضعف الإنتاج العلمي في صفوف طلبة الدكتوراه، حيث إن نسبة أطروحات الدكتوراه التي تتم مناقشتها مقارنة مع عدد الطلبة الباحثين، ضعيفة جدا، إذ لم تتجاوز نسبة 5.7 في المئة سنة 2017.

ما يتعلق بالرأسمال البشري يظهر عندما نجد أساتذة باحثين يطبعون ما يعتبرونه مقالات علمية دون تبنيها من طرف لجان علمية مختصة، يطبعونها في كتب لا تتعدى أعداد نسخها أصابع اليد الواحدة، يتم وضعها في إدارة الكليات، ويتم الحصول على الترقيات وتنتهي هذه الكتب في الأرشيف مباشرة بعد وضعها، وبعد سنوات تباع لمعامل إعادة تدوير الورق.

 

استقلالية صورية للجامعات

حمل المجلس الأعلى، في هذا التقرير، مسؤولية ضعف البحث العلمي لعدة اختلالات بينوية، وعلى رأسها غياب استقلالية فعلية للجامعات، وذلك على الرغم من كون القانون المنظم لها ينص على ذلك. فالمادة 5 من القانون 00-01 المنظم للتعليم العالي تنص على أن الجامعات تتمتع، في إطار مزاولة المهام المسندة إليها، بالاستقلال البيداغوجي والعلمي والثقافي.. والمادة 11 من القانون نفسه تنص على أن مجلس الجامعة يتمتع بجميع السلطات والصلاحيات اللازمة لإدارة الجامعة، والمادة 22 تنص على أن مجلس المؤسسة يتداول في جميع المسائل المتعلقة بمهام المؤسسة وحسن سيرها، ويتخذ جميع الإجراءات الرامية إلى تحسين سير المؤسسة.

ويدل صريح منطوق فقرات مواد القانون 00-01 المشار إليها أعلاه، على أن الجامعات المغربية تتميز بالاستقلال البيداغوجي والتدبيري الكامل، ما يعطي للأساتذة الجامعيين وحدهم فقط صلاحية وضع البرامج والمضامين البيداغوجية والحق في اتخاذ كل القرارات المتعلقة بالدخول الجامعي ومراحل الموسم الدراسي وبرنامج الامتحانات وكيفية تدبيرها وتنظيمها وما إلى ذلك، غير أن تدبير الجامعات وتضخم ما بات يعرف بـ «ندوة رؤساء الجامعات» في السنوات الأخيرة حول الجامعات إلى مؤسسات مدرسية تنتظر مذكرات الوزارة لتنظيم الدراسة والامتحانات.

استقلالية الجامعات، حسب التقرير، تسهم في دفعها إلى تحديث برامجها، وتجويدها، وتجديد خططها، وتفعيلها بما يلبي حاجات مجتمعها، ويحقق متطلبات التنمية فيها لتكون قادرة على المنافسة العلمية والفكرية المبدعة في عالم تحكمه المستجدات العلمية، والتقنية والمعلوماتية، والأفكار المبدعة واقتصاد المعرفة لتصبح لها سمعتها العلمية في سوق المعرفة، وبالتالي تستطيع المحافظة على القدرات العلمية المتميزة فيها، واستقطاب المفكرين والمبدعين من العلماء والباحثين في مختلف حقول المعرفة، واتخاذ القرارات المناسبة لدعم إبداعاتهم، وأفكارهم ومبتكراتهم وتوظيفها لرفع مستوى وعي مجتمعها ورفاهيّته وسعادته .

إن الاستقلالية، التي من المفروض أن تضمن الاستقلال في مجال إنتاج المعارف وتحويلها بعيدا عن التحكم الإيديولوجي والسياسي للدولة أو للسوق، تتطلب تمويلا يجب أن يبقى عموميا بالأساس.

فالحرية الأكاديمية، وفق التقرير نفسه، تبقى حجر الزاوية في نمو فاعلية الكليات والجامعات وزيادة كفاءة أدائها، كما أن متطلبات الاستقلالية تمكن من نشر حالة التفاعل والتعامل الإيجابي مع ركائز عملية التعليم في الارتقاء بالمستوى العلمي. ومن علاقة الجامعة مع المجتمع الذي توجد فيه (حقل العمل) في آليات عمل تتبلور من خلال مجالس الجامعات بعيداً عن التلقين الإداري الملزم، وإدارة لا مركزية تستند على سياسة مستقرة واضحة للتعليم العالي.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. يجب تغيير العقليات البائدة لبعض عمداء الجامعات
    كلية الشريعة باكادير نموذج. الطالب يبحث عن كتاب لاستنساخ عشر صفحات والمسكين يصطدم بعراقيل لا حصر لها للولوج للمكتبة.وفي الاخير يضطر للتراجع عن قراره الاحمق وهو اللجوء للمكتبة.
    مادام امثال هؤلاء يسيرون الكليات فماذا تنتظر من مستقبل البحث العلمي.
    في الدول المحتضرة يمنح الطلب جواز مرور لأي مكتبة تلقائيا ودون مشاكل. بل حتى عموم الناس
    اموال الدولة تبنى بها الجامعات وهي ملك للمغاربة بدون تمييز.
    خطابات جلالة الملك نصره الله في واد وادارة بعض الكليات في واد آخر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى