أساتذة بالتعليم الخصوصي تحت رحمة عقود «ملغومة»
رابطة التعليم الخاص تحذرهم من اختيار التوظيف بالتعاقد وتدعو الوزارة إلى إقصائهم
علمت «الأخبار»، من مصادر جد مطلعة، أن أزمة تلوح في الأفق بين أساتذة التعليم الخصوصي ولوبيات القطاع الخاص بالتزامن مع إجراء مباراة أطر الأكاديميات التي أعلنت عنها وزارة التربية الوطنية وجرت بمختلف أكاديميات المملكة. بوادر الأزمة جاءت بسبب مذكرة أصدرها رئيس رابطة التعليم الخصوصي ينبه فيها كل المكاتب الجهوية والإقليمية التابعة للتنظيم إلى ترصد الأساتذة العاملين بالمؤسسات التعليمية الخصوصية الذين تمردوا على العقود التي تربطهم بهذه المؤسسات وتقدموا لاجتياز الاختبارات الجهوية الخاصة بتوظيف أطر الأكاديميات.
رئيس الرابطة طالب المكاتب الجهوية وكل المؤسسات التعليمية الخصوصية بتعبئة لوائح بأسماء الأساتذة الذين تغيبوا يوم إجراء مباراة «التعاقد» مرفقة بنسخ من العقود التي أبرموها مع المؤسسات بداية السنة، من أجل إرسالها إلى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بهدف اتخاذ الإجراءات اللازمة، خاصة بعد إدلائهم بالتزامات موقعة من طرفهم ومصادق عليها لدى السلطات المختصة، تؤكد عدم ارتباطهم بأي علاقة مع مؤسسات خاصة أو أي مشغل آخر مما يعرضهم للمساءلة، حسب رسالة رئيس الرابطة.
وإذا كان ظاهر هذه الرسالة يبدو قانونيا ومنطقيا، فإن العديد من المتتبعين قرؤوا في هذه الرسالة تحذيرات مبطنة لوزارة التربية الوطنية بإقصاء ورفض هذا النوع من الأساتذة بعد توصل الأكاديميات بجداول تتضمن أسماءهم ومواقع اشتغالهم. المصادر نفسها أكدت أن وزارة التربية الوطنية التي سبق لها عبر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين أن اتفقت مع رابطة التعليم الخاص، قبل ثلاث سنوات تقريبا، بعدم قبول ملفات الموظفين والأستاذة المتعاقدين مع مؤسسات التعليم الخصوصي، أغفلت ثقوبا كبيرة في هذه الاتفاقيات، يبدو أن لوبيات التعليم الخاص تحرص على استغلالها من أجل إقصاء مئات المرشحين الراغبين في ولوج الوظيفة عبر بوابة التوظيف الجهوي، بحيث تصر على فرض التعليم الخصوصي عليهم بموجب عقود إذعان من طرف واحد، كما وصفها بعض الأساتذة الذين تم إقصاؤهم من المباراة السنة الماضية.
وقالت مصادر مهتمة لـ”الأخبار” إن لوبيات التعليم الخصوصي تورط وزارة التربية الوطنية في إقصاءات غير مبررة لأساتذة يجدون أنفسهم تحت رحمة عقود غير واضحة الشروط ومصادق عليها تحت الإكراه وغير متضمنة لأي شرط يوضح التزامات الطرف الآخر المتمثل في المؤسسات الخاصة، مضيفة أنه من العار أن تحرم هذه المؤسسات مئات الأساتذة من اختيار التوظيف الجهوي وتعرض عليهم الإذعان لقيود لا تتوفر على الحد الأدنى من شروط الكرامة والأمور الدنيا ببعض المؤسسات، فضلا عن توريطهم في عقود من طرف واحد لا تتضمن التزامات المؤسسة.
وفضحت جائحة كورونا مئات المؤسسات الخاصة، بعد أن تبين أنها لا تصرح بآلاف الأساتذة في الضمان الاجتماعي، فضلا عن الأجور الهزيلة التي تخصص لهم، حيث لا تتجاوز ببعض المؤسسات 2000 درهم، في الوقت الذي يصر لوبي التعليم الخاص على حرمانهم من التوظيف الجهوي بإحدى الأكاديميات الذي بات يحظى بجاذبية كبيرة تعكسها الأعداد الضخمة التي تتقدم للمباراة والتي تناهز 200 ألف مترشح للظفر بحوالي 20 ألف منصب سنويا، خاصة بعد المكاسب الكبيرة التي تحققت لهذه الأطر، في انتظار تلبية باقي الملفات المطلبية التي تناضل عليها شغيلة القطاع .
ولم تستبعد مصادر “الأخبار” أن تلجأ وزارة التربية الوطنية من خلال مصالحها الخارجية بالجهات إلى التحري الدقيق في كل الملفات والجداول المعروضة عليها من طرف المكاتب الجهوية للرابطة، والمتضمنة لأسماء الأساتذة المخالفين للقانون، حسب تقدير الرابطة.
ويجب أن تركز هذه التحريات على طبيعة هذه العقود والشروط والالتزامات المتضمنة فيها عوض اعتمادها كمرفقات موجبة للإقصاء، كما أكدت مصادر «الأخبار» أن المبرر الذي تتحجج به المؤسسات الخصوصية بكونها تعيش أزمة موارد بشرية بارتباط مع إكراهات جائحة كورونا والتدابير المرتبطة بها، تقتضي الحفاظ على بنيتها البشرية، يبقى مبررا مخالفا للواقع، بحيث إن معظم الأساتذة الذين تحاول هذه المؤسسات فرض التعليم الخصوصي عليهم يدخلون في دعاوى قضائية مع هذه المؤسسات ويرفضون الالتحاق بفصولهم، في الوقت الذي لا يمكن لهذه المؤسسات أن تقدم شكاوى قضائية بالأساتذة المعنيين اقتناعا منها بالهفوات القانونية في عقودها «التدليسية» وغير الواضحة التي قد تنقلب عليها بعد طرق باب القضاء.