شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

أزمة داخل الأغلبية الحكومية بسبب الإجهاض والإثراء غير المشروع والحريات الفردية

بنعبد القادر يلح على إعادة القانون الجنائي إلى المجلس الحكومي لتعديل 600 مادة فيه

محمد اليوبي

مقالات ذات صلة

بدأت تلوح في الأفق معالم أزمة جديدة داخل الأغلبية الحكومية من جهة، وبين الحكومة والبرلمان من جهة ثانية، بعد تلويح وزير العدل، محمد بنعبد القادر، بسحب مشروع القانون الجنائي لإعادة مناقشته بالمجلس الحكومي، بعدما قطع المشروع أشواطا متقدمة من الدراسة، ووصل إلى مرحلة تقديم التعديلات داخل لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب.
موقف الحكومة الجديدة
أكد مصدر حكومي أن وزير العدل يقترح إدخال تعديلات شاملة على القانون الجنائي، تفعيلا لتوجهات السياسة الجنائية الجديدة التي قدم خطوطها العريضة أمام المجلس الحكومي. وأوضح المصدر أن بنعبد القادر يلح على حق الحكومة بل واجبها في الإحاطة علمًا بهذا المشروع وآنذاك ستقرر في شأنه، مشيرا إلى أن الحكومة الجديدة والمتجددة لم يسبق لها بتاتا أن أخذت علمًا بمضامين هذا المشروع.
وأفاد المصدر ذاته بأن هذا المشروع وضعه وزير العدل الأسبق، مصطفى الرميد في حكومة بنكيران السابقة، حيث اختار من بين 600 مادة في القانون الجنائي 80 مادة فقط وقدمها للمجلس الحكومي في 2016، والحكومة الحالية بمكوناتها الجديدة من حقها أن تعرف ما هي معايير انتقاء هذه المواد لتعديلها وإهمال باقي المواد. وأضاف المصدر «هل أولويات حكومة بنكيران بدون اتحاد اشتراكي هي أولويات اليوم في حكومة العثماني مع الاتحاد الاشتراكي؟».
وكشف المصدر عن وجود أخطاء في تدبير هذا الموضوع منذ تشكيل الحكومة الحالية، مشددا على ضرورة تدارس هذا الموضوع من طرف هذه الحكومة، واتخاذ القرار المناسب الذي سيلزم وزير العدل، بنعبد القادر. وأضاف المصدر أنه «في غياب موقف للحكومة لا يمكن لوزير العدل أن يذهب إلى لجنة التشريع ويتفاعل مع تعديلات النواب، لأنه سيحضر باسم الحكومة وما يقبله أو يرفضه سيلزم الحكومة، لذلك من الضروري إطلاع الحكومة على المشروع واتخاذ موقف منسجم بشأنه».
وأبرز المصدر أن وزير العدل لا يمكنه اتخاذ القرار لوحده في مشروع قانون خطير يخص الوظائف السيادية للدولة المتعلقة بالضبط الاجتماعي وحماية الأمن ومحاربة الجريمة وترتيب العقوبات، مضيفا «هذا ليس قانونا قطاعيا بمقتضيات تقنية وليس قانونا يمكن لجهة ما أن تفرض على الآخرين وجهة نظرها حوله».
مشروع الوزارة السابقة
كشف بنعبد القادر، في جواب له بالجلسة الشفهية بمجلس المستشارين، عن سؤال للمستشار عبد الحميد فتحي، عن الفريق الاشتراكي، حول أسباب تأخر إخراج مشروع القانون الجنائي، أن الحكومة الحالية لم يسبق لها أن ناقشت هذا القانون نهائيا، منذ تشكيلها بتاريخ 05 أبريل 2017، وأضاف أنها حكومة عدّلت ولم يتبق منها إلا 13 وزيرا، فهي هكذا حكومة جديدة متجددة، من حقها أن تحاط علما بهذا القانون، وأن تطلع على محتوياته، لتتخذ القرار المناسب لاستكمال مسطرة التشريع، منبّها إلى أن الوزير، بالرغم من مسؤوليته القطاعية، وعند حضوره لاجتماع اللجان، ليقبل أو يرفض أي تعديل، فهو يكون ممثلا للحكومة، وقبوله أو رفضه، يكون باسمها، وكل ما يقرره في إطار تفاعله مع الفرق، هو ملزم للحكومة.
وتابع بنعبد القادر أن هذا مشروع قانون عرض في المجلس الحكومي بتاريخ 09 يونيو 2016، بمعنى خلال الحكومة السابقة، وتمت إحالته على مجلس النواب، بتاريخ 24 يونيو 2016، وعلى لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب بتاريخ 27 يونيو 2016، وقد تأخر ثلاث سنوات على مستوى المناقشة، وليس من الضروري اعتبار هذه المدة تأخرا، لأن الأمر يتعلق بقانون ليس بالعادي، فالقوانين الجنائية تتطلب نقاشا، ونحن نعلم أن هناك مجموعة من القوانين التي بقيت 30 سنة على مستوى مسطرة التشريع. وذكر الوزير بأن كل الاعتبارات التي تستوجب مشروعا جديدا للقانون الجنائي، هي التي جعلته يتقدم بعرض حول السياسة الجنائية كسياسة عمومية، أمام المجلس الحكومي، تطرق فيه إلى ثوابت ومرتكزات وخلفيات ورهانات هذه السياسة، ومدى احتكامها إلى الدستور، ومدى إدماجها للبعد الحقوقي، ولانخراط المملكة المغربية في الجهود الدولية لمحاربة الجريمة والإرهاب والاتجار بالبشر وغسل الأموال والهجرة غير الشرعية، مؤكدا أن هناك ضرورة لإعادة النظر في فلسفتنا الجنائية، والعقابية، والجانب الوقائي، وتمثلنا للنظام العام.
تعديلات جديدة
تشتغل وزارة العدل على مسودة مشروع جديد للقانون الجنائي، تتضمن تعديل ما يقارب 600 مادة، وهي الآن بصدد التدقيق والتنقيح من طرف المصالح المختصة بالوزارة بتنسيق مع الأمانة العامة للحكومة، قصد عرضها على المجلس الحكومي للمصادقة في أقرب الآجال. وحسب المعطيات الواردة في العرض حول السياسة الجنائية الجديدة، الذي قدمه بنعبد القادر أمام المجلس الحكومي، فإن التعديلات الجديدة تروم تقوية حقوق الدفاع وتعزيز حماية الضحية، وعقلنة اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي من طرف النيابة العامة وقضاء التحقيق وتقليص مدده ووجوب تعليل قراراته، مع إمكانية الإحالة المباشرة على غرفة الجنايات في حالة سراح أو باستعمال تدابير المراقبة القضائية من طرف الوكيل العام للملك، فضلا عن تعزيز تدابير المراقبة القضائية كبديل للاعتقال الاحتياطي بإضافة تدبير القيد الإلكتروني.
وتهدف السياسة الجنائية الجديدة إلى تعزيز نجاعة آليات العدالة الجنائية وتبسيطها وتحديثها، وذلك من خلال تكريس العدالة التصالحية ووضع مقاربة جديدة للصلح الزجري، ومنح المحكمة سلطة تغيير التكييف في الجنح، بالإضافة إلى اعتماد الوسائل العلمية والتقنية في الإجراءات كتقنية الاتصال عن بعد للاستماع إلى الأطراف من طرف قضاة التحقيق والمحاكم. ومن بين المستجدات، اعتماد الوضع تحت المراقبة الإلكترونية كتدبير جديد من تدابير المراقبة القضائية، وإعادة النظر في بعض قواعد الاختصاص.
وتسعى السياسة الجنائية في مجال العقوبة إلى المزاوجة بين ضرورة تحقيق الردع العام وبين هاجس إصلاح الجاني وإعادة إدماجه، وإقرار العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى