جيفري كمب
أصدر «برنامج الغذاء العالمي»، التابع للأمم المتحدة، تحذيرات طارئة من أن 14 بلدا، تقع أساسا بإفريقيا والشرق الأوسط، ستواجه ظروف المجاعة، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات فورية من أجل توفير إمدادات الغذاء، خلال الأشهر المقبلة. ويواجه العالم أزمة غذاء ستؤثر على كل البلدان من خلال الحد من الوصول إلى الطعام، أو عبر ارتفاع كلفة الغذاء إلى مستويات عالية جدا.
وفي ما يتعلق بالأسباب، فهي كثيرة، ذلك أن سنوات من الجفاف، نتيجة تغير المناخ، أدت إلى تدمير المحاصيل في العديد من البلدان، ووباء «كوفيد- 19» العالمي، ومشاكل سلاسل التوريد التي تسببت في تأخر وبطء في التوصيل وارتفاع في الأسعار. والآن انضافت إلى تلك العوامل الحرب في أوكرانيا، والتي تسببت في توقف صادرات الغذاء الأساسية من موانئ البحر الأسود.
ولذا فثمة حاجة إلى مخططات طويلة المدى، من أجل التخفيف من تأثيرات تغير المناخ، واعتماد طرق أكثر فعالية لزيادة المحاصيل والحفاظ على إمدادات المياه العذبة. هذه المخططات يجب أن تصبح من الأولويات، لكن العلاج الفوري الأهم يتمثل في إيجاد طرق تسمح لروسيا وأوكرانيا بتصدير منتجاتهما الغذائية الأساسية. فهذان البلدان ينتجان الكثير من المحاصيل الزراعية الأساسية المصدَّرة إلى العالم. إذ تشكل روسيا مصدرا لـ16 في المائة من إمدادات القمح العالمية، و29 في المائة من زيت عباد الشمس، وتعد أكبر مصدر للأسمدة التي تعد أساسية من أجل محاصيل ناجحة. هذا في حين تبيع أوكرانيا 48 في المائة من زيت عباد الشمس، و10 في المائة من القمح، و14 في المائة من الذرة. كل هذه الإمدادات الأساسية لم تعد تصل إلى أسواقها، بسبب إغلاق موانئ البحر الأسود نتيجة القتال. ولدى أوكرانيا الآن الكثير من المخازن والمستودعات المملوءة بالمنتجات الزراعية، التي لا تستطيع شحنها إلى وجهتها في الوقت الراهن. وإذا كان من الممكن تصدير بعض تلك المواد على متن القطار عبر أوروبا، فإن ذلك يعد خيارا مكلفا وغير فعال، ولا يمكن أن يشكل بديلا للنقل البحري.
وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق يسمح باستخدام موانئ البحر الأسود من أجل شحن صادرات الغذاء، فإن المنتجات ستبقى في مخازنها، حيث ستتعرض للتلف في نهاية المطاف وتصبح غير صالحة للاستهلاك. ولهذا فمن مصلحة العالم برمته، ولكن من مصلحة بلدان الجنوب بشكل خاص، أن يُسمَع صوتها من أجل تأمين الإفراج عن هذه الإمدادات الغذائية.
وحتى الآن، كان رد العديد من بلدان الجنوب على الحرب التي تدور رحاها في أوكرانيا محايدا، إذ تحاجج بأن تلك الحرب أزمة غربية بالدرجة الأولى، ولا تؤثر بشكل مباشر على مصالح أمنها الوطني. غير أنه مثلما توضح إحصائيات أزمة الغذاء وجغرافيتها، فإن البلدان الأكثر هشاشة هي تلك المنتمية إلى الجنوب. ولا شك في أن ظروف المجاعة تمثل وصفة للاضطرابات السياسية والهجرة الجماعية، اللتين تطرحان العديد من التحديات الأمنية التي ستتطلب اهتماما فوريا.
ولأن بعض أكثر بلدان الجنوب تأثيرا حافظت على علاقات جيدة مع روسيا، فإنها تمتلك الأهليةَ والمقومات الضرورية للسعي إلى التوصل لحل وسط، يشمل اتفاقا على قواعد وبروتوكولات المرور الآمن للصادرات الغذائية من موانئ البحر الأسود. لكن الحقيقة المؤكدة هي أنه إذا لم تبذل تلك الجهود، خلال الأسابيع المقبلة، فإن ظروف المجاعة ستصبح صعبة.