أزمة استثمار الفرص
ما زال الكثير من المسؤولين لم يستوعبوا قيمة ما حققته بلادنا من رأسمال رمزي وزخم إعلامي عربي وعالمي غير مسبوق، وتلاحم مجتمعي وطني رائع، وتفاعل إفريقي عربي واسع وصادق لا يقدر بثمن بعد نهائيات مونديال قطر، فلم يعد أحد في كل هذا العالم يجهل دولة اسمها المغرب الذي تحول إلى أقوى اسم مبحوث عنه في محركات البحث الإلكتروني، وحتى أولئك الذين كانوا ينظرون إلى بلدنا بنوع من التعالي والاستعلاء جذبتهم جاذبية الإنجاز المغربي إلى الأرض بعدما شاهدوا بأم أعينهم أن المستحيل ليس مغربيا.
لذلك ليس من حق أي أحد سواء كان وزيرا بقراراته العمومية أو مواطنا يدافع عن حقوقه الدستورية أن يسيء لاستثمار هاته اللحظة التاريخية بما يُؤدي إلى استنزافها وسرعة نضوب أثرها، كما يُؤدي إلى عدم انتفاع الوطن بها بالشكل المرجو منها على كل الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والدبلوماسية.
إن مفهوم استثمار الرأسمال الذي حصل عليه المغرب بمجهودات لاعبيه ووطنيتهم الصادقة، يتعدى الاستثمار في السياسات العمومية فقط، إلى الاستثمار في المناخ الوطني السليم الذي حققه منتخبنا والذي جعل المغرب ملكا وشعبا، دولة ومجتمعا على قلب رجل واحد، ووحد نبضهم وربط وشائجهم، وأشعرهم بالفرح والفخر. وهذا هو المصدر الأكثر أهمية في عملية الاستثمار ككل، بل إنه يتعدى أهمية سياسة وزير في قطاع أو تدبير لامتحان في مهنة حرة، حيث يعتبر الاستثمار في التضامن المجتمعي وتدعيم الجبهة الداخلية هو الهدف السامي الذي لا ينبغي أن يؤثر عليه أي مسؤول بأي شكل من الأشكال ولو باللغة المستفزة.
صحيح أن هذا الزخم العالمي لا ولن يكون هو العصا السحرية التي ستحل مشاكلنا العويصة، لكنه بمثابة بيئة مناسبة لانطلاقة جديدة بأساليب مغايرة. لذلك سيكون من المُهم جدا استثماره وتسويقه والترويج له والعمل عليه، والتأكيد على أهميته، باعتباره كأحد أكثر الانتصارات المذهلة في تاريخ كأس العالم، لكن للأسف هناك من يحاول تبديد هذا الرأسمال بكل صفاقة واستهتار.