محمد اليوبي
بعد تجاوز الأزمة التي اندلعت بين رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، ووزيره في الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، على خلفية ملف الأساتذة المتدربين، بدأت معالم أزمة جديدة تلوح في الأفق، هاته المرة بين حزب العدالة والتنمية، الذي يقود التحالف الحكومي، ووزير الداخلية محمد حصاد، بعد إعلان فريقي الحزب الحاكم بغرفتي البرلمان رفضهما للقوانين الانتخابية التي قدمها حصاد أمام المجلس الحكومي الأخير دون أن تنال مصادقة المجلس.
ويأتي رفض أعضاء الفريقين البرلمانيين لحزب العدالة والتنمية بمجلسي النواب والمستشارين، لمشاريع القوانين التي ستؤطر الانتخابات التشريعية المقبلة التي ستجرى يوم 7 أكتوبر المقبل، بعد رفض وزراء الحزب لهذه القوانين داخل المجلس الحكومي المنعقد يوم الخميس الماضي، ما تسبب في تأجيل المصادقة عليها، وخلال الاجتماع الذي عقده فريقا الحزب، يوم الجمعة الماضي، قبل افتتاح الدورة التشريعية، أعلن أعضاء الفريقين رفضهما للتعديل الذي أدخلته وزارة الداخلية على القانون التنظيمي لمجلس النواب، بتخفيض نسبة العتبة الانتخابية من 6 في المائة إلى 3 في المائة.
ولوح نواب العدالة والتنمية، وعلى رأسهم رئيس الفريق، عبد الله بوانو، عضو الأمانة العامة للحزب، بالتصويت ضد هذه القوانين عند إحالتها على البرلمان، خلال الدورة التشريعية الحالية.
ورغم تدخل سليمان العمراني نائب الأمين العام للحزب، لتهدئة الأوضاع وتقديم التبريرات التي جعلت رئيس الحكومة يوافق على قرار تخفيض العتبة، إلا أن بوانو رد عليه برفض هذه المبررات وقال “الله أعلم كيفاش وافق عليه، لكن كل واحد يدير شغالو، عندما سيأتي القانون إلى البرلمان غادي نديرو شغلنا بتنسيق مع فرق الأغلبية”. وطلب بوانو من وزارة الداخلية الكشف عن الأحزاب التي طالبت بتخفيض نسبة العتبة، باستثناء حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي عبر عن ذلك صراحة في المذكرة التي وجهها إلى رئيس الحكومة وإلى الأحزاب السياسية.
وأجمع النواب والمستشارون البرلمانيون في اجتماع مشترك على رفضهم لقرار تخفيض العتبة الانتخابية، واعتبروا هذا القرار موجها بالأساس ضدهم ومن أجل استهداف حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية المقبلة، من خلال “تشتيت” الأصوات التي سيحصل عليها الحزب.
وحسب مصدر قيادي بالحزب، فإن تخفيض العتبة إلى 3 في المائة سيؤدي إلى فقدان الحزب حوالي 20 مقعدا في الانتخابات المقبلة، وذلك حسب توقعات الأمانة العامة بناء على عدد الأصوات التي حصل عليها الحزب في الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة، ومن بين المدن التي سيخسر فيها الحزب عددا كبيرا من المقاعد، هي مدن الدار البيضاء ومراكش وأكادير، والتي فاز فيها الحزب خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة ببعض الدوائر الانتخابية بمقعدين من أصل ثلاثة.
ومن جهة أخرى، اجتمع الأمناء العامون للأحزاب الصغرى غير الممثلة داخل البرلمان، وخصص الاجتماع للتداول في التعديلات المقترحة من طرف وزارة الداخلية على القوانين الانتخابية، وعبرت الأحزاب المجتمعة في بيان مشترك عن إدانتها محاولة فرض عتبات انتخابية بهدف حرمان أغلبية الأحزاب السياسية الوطنية من التمثيلية على مستوى اللائحة الوطنية، وذلك خدمة لبعض الأحزاب المهيمنة، كما عبرت عن استنكارها الشديد لسياسة دعم الحكومة لنفس الأحزاب المهيمنة وتعتبر هذا الدعم تبذيرا للمال العام ومساهما في إفساد العملية الانتخابية، ورفضت استمرار الحكومة في تبني سياسة التمييز وعدم تكافؤ الفرص بين الأحزاب المشاركة في الانتخابات وخاصة في ما يتعلق بالتمويل العمومي للحملة الانتخابية، والولوج للإعلام العمومي خصوصا ما يرتبط بالبرامج ذات الطابع السياسي، وهو ما يضرب عرض الحائط مبدأ احترام التعددية والانفتاح على مختلف التعبيرات السياسية الوطنية.
واعتبر قادة الأحزاب الصغيرة في بيانهم، تمادي بعض الأحزاب في نهج سياسة الهيمنة عبر احتكار التمثيلية السياسية في المؤسسات المنتخبة يهدد المسار الديمقراطي لبلادنا ويساهم بقوة في عزوف المواطنين عن المشاركة السياسية.
ودعا البيان جميع القوى السياسية الجادة والغيورة على مصلحة الوطن لتأسيس جبهة موحدة من أجل التصدي لسياسة الإقصاء والتهميش الذي تريد الحكومة فرضها اليوم، والتعبئة من أجل ضمان المواطنين المغاربة لحقهم المشروع في تمثيلية سياسة ديمقراطية في كل المؤسسات المنتخبة.