أرقام مقلقة
على مدى ثماني سنوات عجاف، رفعت حكومتا العدالة والتنمية المتعاقبتان شعار تحسين الوضع المعيشي للمواطن وتقوية المناخ الاقتصادي والاجتماعي أولوية الأولويات، وكان الشعار التوأم لهذه الطموحات محاربة الفساد والاستبداد. وفي كل يوم ينتظر المواطن تحقيق الأمنيات والوعود على أرض الواقع دون جدوى، بل الأدهى أن كل المؤشرات الصحية للاقتصاد الوطني التي كانت مسجلة ما قبل 2011 تعرضت للتدمير الممنهج وأصبح الحال يسير من سيئ إلى أسوأ، ومقدرات الدولة تهدر ويتم العبث فيها بدون حسيب أو رقيب.
لقد أصبحنا أمام أرقام صادمة ومقلقة وصلت إلى درجة الخطر والحكومة نائمة في العسل ورئيسها غائب عن الوعي ويمده وزراؤه بأرقام مثيرة للسخرية. وكان يكفي أن ينزل العثماني من برجه العاجي بمكتبه بتواركة ليسمع ما لا يخطر على باله ويصدم بما جنته سياسات حكومته.
الأرقام الحقيقية والرسمية الموجودة أمامنا تقول إن 1.168.000 عاطل و13.970.000 مغربي هم خارج سوق العمل، وإن 39،3 في المائة من النساء النشيطات المشتغلات يعملن بدون أجر، ناهيك أن 73 في المائة لا يستفيدون من تغطية صحية مرتبطة بالعمل.
الأرقام التي يتجنبها العثماني تحدثنا عن أن القطاع غير المهيكل يوظف حوالي 2.4 ملايين شخص، أي ما يعادل 36 في المائة من العاملين في المغرب.
وينضاف إلى هاته الأرقام المفزعة، انفجار رقم المديونية التي فاقت كل التوقعات وتجاوزت سقف 1000 مليار درهم، وبلغت المقاولات المهددة سنويا بالإفلاس مستوى قياسياً حيث وصلت إلى 8000 مقاولة، مما يؤدي إلى خسائر كبيرة في الوظائف، وصلت، باعتراف مندوبية لحليمي، 37 ألف وظيفة.
أما حال الأسر المغربية فحدث ولا حرج، ويكفي الاستئناس ببعض الأرقام التي صدرت قبل أيام، وتكشف أن 82،3 بالمائة من الأسر صرحت بعدم قدرتها على الادخار خلال 12 شهرا المقبلة، وأن 88،5 بالمائة من الأسر غاضبة من ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
هذه الأرقام، التي لا تشكل سوى نقطة في بحر السياسات الفاشلة، تجعلنا نفكر في اقتراب موعد الكارثة ونقتنع بأن اقتصاد المغرب يسير نحو الهاوية بسبب سياسات فاشلة. ومع كل هاته الأرقام تستمر الحكومة في سباتها العميق ولا حياة لمن تنادي، وحينما يكتب لها أن تستفيق تتهم مروجي الأرقام الرسمية بالتبخيس والتيئيس والتبئيس والاستهداف، وتذيع في القنوات الرسمية وأبواقها الإعلامية أرقاما بدون معنى بدون روح لتلميع صورة قاتمة للحكومة ودفاعا عن سياسة تغطية الشمس بالغربال.