شوف تشوف

الرأي

أدارت أول فندق في الجديدة وأصبحت شاهدة على زمن مازغان

حسن البصري
طبعت عائلة لوسكول تاريخ مدينة الجديدة، وسجل أفرادها حضورا ملفتا في مازغان قبل أن يخضع المغرب للحماية الفرنسية، حيث كانت أنشطتها تتوزع بين الفلاحة والتجارة، قبل أن تختار نوعا آخر من الاستثمار، وتقرر خوض تجربة محفوفة بالمخاطر حين أقنعت فلورونتين زوجها جوزيف باقتناء قطعة أرضية وتحويلها إلى فندق يؤوي التجار وعابري مازغان، في وقت لم يكن للسياحة ذكر في قواميس الاستثمار.
فلورونتين من مواليد 16 يونيو 1869 في سان جيرمان بفرنسا، حلت بالمغرب عام 1897 واستقرت في مازغان رفقة زوجها جوزيف، كانت المدينة عبارة عن مركز لتجارة المواد الفلاحية، لكن هذه السيدة المشبعة بروح الاستثمار أقنعت جوزيف بجدوى المشروع فخرج إلى الوجود فندق حمل اسم “فرنسا”، وهو أقدم منشأة فندقية في المدينة. لا توجد وثائق كثيرة حول المشروع وتكلفته المالية، لكن الراجح أنه عصارة استثمار عائلي.
الغريب في حكاية هذا الفندق كونه يتفرع عن زنقة تحمل اسم “لوسكول”، وخلافا لما تردد فإنها لا تخلد اسم باني الفندق أو زوجته، ولكن السلطات الاستعمارية الفرنسية أطلقت الاسم تيمنا بأندري لوسكول شقيق مالك الفندق الذي كان الفتى المدلل للأسرة حيث حل بالمغرب عام 1904، وبمساعدة شقيقه الأكبر اقتنى ضيعة في ضواحي الجديدة وشرع في توسيع تجارة البيض والقطاني إلى أن أصبح من أثرياء المدينة. بموازاة مع ذلك، شارك الرجل في الحرب العالمية وظل يفضل صفة ضابط عسكري على فلاح ومزارع، إلى أن ترصدت له المقاومة المغربية وقتلته في ضيعته عام 1921..، حيث أقيمت له جنازة كبرى حضرها المارشال هوبير ليوطي شخصيا.
بالعودة إلى فلورونتين فقد كانت حريصة على إدارة الفندق، الذي حمل اسم فرنسا، وأبرمت اتفاقيات مع مندوبي الحماية الفرنسية في مختلف المصالح الإدارية مكنت الفندق من انتعاشة كبيرة بعد أن أصبح مقصدا للتجار والعساكر والموظفين العاملين في مختلف القطاعات، خاصة الأجانب العاملين في الميناء والجمارك الذين وجدوا في موقعه المتاخم للميناء فرصة للاستقرار بعيدا عن مخاوف التعمق داخل مازغان. بل إن فلورونتين ظلت مزهوة بصور شخصيات حطت الرحال في الفندق، أبرزها رئيس الجمهورية الفرنسية ألكسندر ميليرون، الذي حظي باستقبال تاريخي في مازغان وطبعا كان من بين المترددين على الفندق المقيم العام الفرنسي ليوطي وشخصيات عديدة.
يسلط مصطفى جماهري، الباحث في تاريخ مدينة الجديدة، من خلال كتابه «أقول مازاغانيين»، الضوء على هذه العائلة، ويؤكد من خلال حواراته مع كلود بوليزي المولود في مازغان عام 1926 وهو الابن الأصغر لجوزيف لوسكول، باني فندق فرنسا والذي ظل يقيم في الدار البيضاء، إن لوسكول كانت مساهمة في بناء مازغان حديثة. ويستحضر الكاتب حكاية زواج أسطوري شهده الفندق ويتعلق بزواج جان ماري لوسكول نجلة جوزيف لوسكول، وكانت حينها ملكة جمال مازغان. فضلا عن شهادات أخرى في كتابه «أوراق سرية عن مازغان».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى