محمد اليوبي
رد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، بقوة على النائب البرلماني والقيادي بحزب الحركة الشعبية، محمد أوزين، بعدما تسبب هذا الأخير في «قربالة»، بجلسة الأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة حول السياسة العامة بمجلس النواب، حيث توقفت الجلسة لأزيد من نصف ساعة، بسبب مشادات كلامية بين أعضاء الفريق الحركي، وأعضاء فريق حزب الأصالة والمعاصرة.
واتهم أخنوش الوزير السابق أوزين الذي ارتبط اسمه بفضيحة «الكراطة»، بممارسة الشعبوية ومحاولة خلق «البوز»، تحت قبة البرلمان، وقال رئيس الحكومة، إن هذه الأخيرة «ليس لها الوقت لتضييعه في ممارسة الشعبوية والمزايدات الفارغة»، مشيرا إلى أن النقاش الذي فجره أوزين صغير بالمقارنة مع القضايا التي يجب أن تناقش داخل المؤسسة التشريعية، بالقول: «كاع المواضيع كبيرة على هاذ الموضوع».
وتحدث أخنوش عن مسار أوزين، الذي انطلق من ديوان أخنوش في سنة 2007، عندما كان وزيرا للفلاحة في حكومة عباس الفاسي، حيث كان أوزين يشتغل سابقا في ديوان امحند العنصر، الذي حمل حقيبة الفلاحة قبل أخنوش، وطلب العنصر من هذا الأخير أن يحتفظ بأوزين في ديوانه، وقال أخنوش مخاطبا الفريق الحركي: «أنا أعرف أوزين منذ سنة 2007، دخل معي الحكومة، وسبق أن عمل معي في ديواني، ثم أصبح كاتب دولة ووزيرا، ولا حاجة له لأن يطرح هذه المواضيع في قبة البرلمان»، وأضاف: «كنت غادي نمشي بعيد في الرد عليكم، لكنني أحترم حزبكم».
وفي رده على التشكيك في تماسك أغلبيته، أكد أخنوش أن الأغلبية الحكومية منسجمة، وقال: «من الصعب إيجاد حكومة وأغلبية منسجمة، مثل التي نتوفر عليها اليوم»، وأضاف: «هناك انسجام في الحكومة، والسي وهبي مشكور، وهو رجل دولة، والسي نزار مشكور، وهو رجل دولة، نحن منسجمون ونشتغل في أغلبية منسجمة ومنفتحون على المعارضة». ودعا أخنوش أوزين الذي انسحب من الجلسة، إلى امتلاك الاحترام المتبادل مع الحكومة؛ باعتباره ثقافة أيضا، وإلى «احترام مخرجات صناديق الاقتراع».
وبخصوص موضوع الجلسة التي كانت مخصصة لمحور «سياسة الحكومة في المجال الثقافي»، أكد أخنوش أن الحكومة ستعمل على إعداد استراتيجية متكاملة تهدف إلى تحديد التوجهات الرئيسية للمغرب في المجال الثقافي، وذلك انطلاقا من تشخيص الوضع الثقافي الوطني، وبلورة رؤية استراتيجية تروم النهوض بالقطاع وإعداد إطار مؤسساتي وقانوني لمواكبة هذه الرؤية. وقال رئيس الحكومة إنه سيتم في إطار الاستراتيجية نفسها، خلال الأيام القادمة، تنزيل مجموعة من الإجراءات الواقعية الرامية إلى ضمان الحقوق الثقافية لكل المواطنين، وتعزيز المشاركة الفعلية للشباب والأطفال والنساء والمسنين والأشخاص في وضعية إعاقة في الممارسات الثقافية، وبناء أسس العيش المشترك والتطور المجتمعي.
وأشار إلى أن من ضمن هذه الإجراءات إحداث علامة «تميز» لمختلف مكونات التراث الثقافي الوطني، فضلا عن علامة تميز تحت اسم «متحف المغرب»، تمنحها المؤسسة الوطنية للمتاحف لأصحاب المتاحف الخاصة وفق دفتر تحملات، مضيفا أن الحصول على هذه العلامة يخول الاستفادة من إعانات مالية تمنحها الدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية، وعلى الدعم العلمي والتقني للمؤسسة الوطنية للمتاحف، وإمكانية إدراج المتحف المعني ضمن المسارات السياحية المبرمجة لفائدة السياح. كما يمكن على ضوء الحصول على هذه العلامة، اقتراح ترتيب المتحف ضمن التراث الثقافي الوطني أو الدولي، وكذا إمكانية الاستفادة من نظام جبائي تحفيزي.
ومن ضمن الإجراءات أيضا، يقول رئيس الحكومة، تعزيز البنية التحتية الثقافية وتقليص الفوارق المجالية على مستوى تغطية التراب الوطني بمؤسسات القرب الثقافي وتنويع العرض الثقافي، وتطوير اقتصاديات الثقافة في مجالات الإبداع والفنون والتراث، بتنسيق مع الشركاء الوطنيين والدوليين، وتشجيع المهن الجديدة التي تمكن من تشغيل الشباب في كل المجالات الثقافية، بتعاون مع مختلف الفرقاء، وذلك من خلال دعم الصناعات الثقافية في مجالات المسرح والكتاب والنشر والموسيقى والفنون الكوريغرافية والفنون التشكيلية والبصرية والجمعيات الثقافية والمهرجانات والتظاهرات، مع إطلاق مبادرات تهدف إلى خلق مناصب شغل للشباب، عبر إحداث شراكات بين المراكز الثقافية ودور الشباب التابعة للوزارة والشباب حاملي المشاريع الثقافية، عبر البرنامجين الحكوميين «أوراش» و«فرصة».
وتابع أخنوش أنه سيتم كذلك تنظيم تظاهرة مسرحية سنوية تحت شعار «المسرح يتحرك»، تهدف إلى تصوير 60 عملا مسرحيا، واقتناء حقوق بثها عبر قنوات الشركة الوطنية، وعبر المنصة الرقمية لقطاع الثقافة.
وفي إطار الورش الوطني المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية لمختلف فئات الشعب المغربي، أبرز رئيس الحكومة أنه يتم العمل حاليا على استكمال إجراءات الحماية الاجتماعية للفنانين، حيث يجري إعداد المرسوم المتعلق بتمكين فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء، الذين يزاولون نشاطا خاصا في ما يتعلق بالمهن الفنية، من الاستفادة من الحماية الاجتماعية. مشيرا إلى أنه يتم أيضا إعداد مشروع قانون لإحداث وتنظيم مؤسسة لرعاية الفنانين والمبدعين المغاربة، يشرف عليها الوزير ﺗتمتع ﺑﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ واﻻﺳﺘﻘﻼل اﻟﻤﺎﻟﻲ، وتهدف إلى اﻟﻨﻬﻮض ﺑﺎﻷوﺿﺎع اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﻤﺎدﻳﺔ ﻟﻠﻔﻨﺎﻧﻴﻦ واﻟﻤﺒﺪﻋﻴﻦ اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ، وتكريمهم واﻻﺣﺘﻔﺎء ﺑﻬﻢ واﻹﺷﺎدة واﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺈﻧﺠﺎزاﺗﻬﻢ، وﺗﻘﺪﻳﻢ ﺧﺪﻣﺎت اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻔﺎﺋﺪﺗﻬﻢ وﻟﻔﺎﺋﺪة ذوي ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ، ﺳﻴﻤﺎ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺘﺎﻣﺔ ﻟﻤﻦ ﻫﻢ ﻓﻲ وﺿﻌﻴﺔ ﻫﺸﺎﺷﺔ، مع اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻖ اﻟﺘﻮازن ﺑﻴﻦ اﻟﻮﺿﻊ اﻻﻋﺘﺒﺎري واﻟﻮﺿﻊ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﻤﺒﺪع واﻟﻤﺜﻘﻒ.
واعتبارا للدور الذي تلعبه الديبلوماسية الثقافية في تسويق صورة المغرب عالميا، يقول أخنوش، فإن الحكومة ستعمل وفق التوجيهات الملكية على تقوية العمل الرامي إلى ضمان الترويج للنموذج المغربي، الذي يستمد قوته وغناه من الإصلاحات الديمقراطية العميقة التي تعرفها المملكة بقيادة الملك محمد السادس، والتعريف بالأوراش التنموية الكبرى التي يشهدها المغرب في كل المجالات، خاصة مجال التنمية البشرية وتطوير السياحة والتنمية المستدامة والطاقات المتجددة. وأضاف أن الحكومة ستسعى إلى تقوية حضور الثقافة المغربية وراء الحدود؛ وهو ما يحتاج إلى استغلال كل الفرص والمؤهلات التي تتوفر عليها المملكة، بدءا من تعزيز أدوار الجالية المغربية بالخارج، بالإضافة إلى دعم أدوار المؤسسات والهيئات الرسمية الممثلة لها وجمعيات المجتمع المدني للمغاربة بمختلف المدن العالمية، لضمان المزيد من الإشعاع للثقافة المغربية في الخارج، وعكس مظاهر التعدد والتنوع التي تطبع الثقافة والمجتمع المغربي.
وعلى صعيد آخر، أكد أخنوش على مواصلة الحكومة تنزيل مقتضيات القانون التنظيمي رقم 26.16، المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، قصد منح المكانة اللائقة للغة والثقافة الأمازيغية، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة، وترسيم إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية.