محمد سليماني
طالب ثلاثة أبناء بإثبات نسبهم لوالدهم، الذي كان يشغل قيد حياته رتبة عقيد (كولونيل) في القوات المسلحة الملكية، قبل وفاته سنة 2017، في حين يصر أخ غير شقيق لهم على الدفع نحو رفض أي علاقة لهؤلاء الأبناء الثلاثة بالمتوفى.
وقد خاض الأشقاء الثلاثاء معارك قضائية لدى خمس محاكم من أجل إثبات نسبهم لوالدهم، رغم أن اثنين منهم يحملون اسمه، في حين أن الثالث يحمل اسما آخر. وخلال مسار التقاضي لدى أقسام قضاء الأسرة بهذه المحاكم، يتم مرة البت في القضية بثبوت نسبهم للمتوفى، ومرة واحدة تم رفض طلبهم.
واستنادا إلى الوثائق والأحكام القضائية، التي حصلت “الأخبار” على نسخ منها، فقد تقدم كل من الأشقاء، نبيل وفيصل وحنان (د) بشكاية لدى قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بالعيون سنة 2017، يطالبون فيها بالحصول على ثبوت نسبهم إلى والدهم الحسين (د) وبعد تقديم العديد من الدفعات، من بينها أن الابن نبيل الذي يحمل لقبا آخر، بسبب أن والدته كانت قد سلمته إلى سيدة أخرى تدعى عائشة للتكفل به، خوفا على حياته من والده الذي كان مدمن كحول، وكانت والدته تزوره بين الفينة والأخرى، لكن بعد وفاتها سنة 1996، عمدت الحاضنة إلى تسجيله في الحالة المدنية باسمها، بعدما رفض والده الاعتراف بنسبه إليه رفقة أشقائه الاثنين.
وبخصوص عدم توثيق الزواج، أكد المدعي نبيل للمحكمة أن توثيق الزواج بالنسبة للعسكريين يحتاج إلى ترخيص إداري، وهو ما لم يتسن له، كما أكد 12 شاهدا استمعت إليهم المحكمة ثبوت الزوجية بين العسكري ووالدة الأشقاء الثلاثة، كما اعترفت مولدة أمام المحكمة بإشرافها على عملية توليد الأم حورية من ابنها نبيل. وبعد تداول المحكمة الابتدائية بالعيون في هذه القضية، أصدرت يوم ثاني يوليوز 2018 حكما قضائيا ابتدائيا بثبوت نسبهم إلى والدهم المتوفى، وبإحالة الحكم إلى مقر ولادتهم لتضمينه في الحالة المدنية.
بعد ذلك، استأنف الأخ غير الشقيق ياسين القضية، حيث طعن في الحكم الابتدائي، غير أن المحكمة بعد التداول في القضية أصدرت يوم 12 دجنبر 2018 حكما قضائيا نهائيا يقضي بتأييد الحكم الابتدائي. بعد ذلك، تقدم المستأنف ياسين المسجل بدوره في الحالة المدنية بحكم قضائي يطعن بالنقض في الحكم لدى محكمة النقض، والتي أصدرت قرار الإحالة في عدم الاختصاص المكاني لیحال الملف على أنظار المحكمة الابتدائية بمدینة القنیطرة، حیث أصدرت هذه الأخيرة يوم 9 مارس 2022 حكما قضائيا يقضي بثبوت الزوجية من 1978 إلى 1996 بين والدة الأبناء الثلاثة وبين الضابط العسكري المتوفى، وبأن هؤلاء الأبناء ينتسبون إلى والدهم، كما أمرت بتوجيه ملخص الحكم إلى مكان ولادتهم لتضمينه في الحالة المدنية، لكن ما أن انتقل الملف إلى مرحلة الاستئناف من جديد لدى محكمة الاستئناف بالقنيطرة، حتى انقلب الوضع، وقضت هذه الأخيرة بتاريخ 14 مارس 2023 بإلغاء الحكم الابتدائي، دون أن تقوم بإحالة الأشقاء الثلاثة على الخبرة الجينية للتأكد من انتسابهم إلى المتوفى، رغم أن المصالح الاجتماعية للقوات المسلحة كانت قد صرفت لهؤلاء الثلاثة مستحقات والدهم الضابط العسكري عبر ثلاثة شيكات تحمل أسماءهم.