آن صوفي.. زوجة يونس العيناوي التي كانت أخصائية نفسانية في عز أزماته
حسن البصري
يؤكد رفاق طفولة يونس العيناوي، الذين عايشوا شقاوته في العاصمة الرباط، أن حلمه الكبير هو احتراف التنس، لذا كانت جدران غرفته شبه مغطاة بصور نجوم اللعبة. اصطدم هذا الحلم بـ»فيتو» الوالد الذي كان يحث ولده على إعطاء الأولوية للجانب الدراسي، بعد أن لاحظ تراجعا كبيرا في مستواه الدراسي، بالرغم من الظروف التي أتيحت له حين سجله في ثانوية «ديكارت».
فشل التلميذ يونس في الحصول على شهادة الباكلوريا، فعمت أسرة العيناوي حالة غضب، انتهت بإصدار قرار مجلس العائلة، في اجتماع خاص بمنزل العيناوي في حي أكدال، يقضي بمنع يونس من ممارسة هوايته، بل إن القرار شمل الصور التي ملأت غرفة الابن المتيم بالمضرب.
بومدين العيناوي، والد يونس، ينتمي إلى أصول شرقية، إذ يتحدر من مدينة بركان المتاخمة للحدود مع الجزائر. تزوج من موظفة فرنسية تشتغل في السفارة الفرنسية بالرباط، تدعى أوديت، وانتقل للاشتغال في وزارة المالية بالعاصمة، حيث أنجب طفلين (يونس) و(كريم).
في صيف سنة 1986، وحين كان المغاربة منشغلين بمشاركة المنتخب المغربي لكرة القدم في نهائيات كأس العالم بالمكسيك، تمرد الفتى، الذي لم يكن يعير اهتماما لرياضة كرة القدم، على قرار والده وقرر مغادرة المغرب صوب مدينة بوردو الفرنسية، للمشاركة في بعض بطولات التنس الصغيرة.
وبعد ثلاث سنوات انضم يونس العيناوي إلى مركز التكوين «فيلا بريميروس» بالمدينة نفسها. ولأنه كان عاشقا لرمز التنس الأمريكي ماكنرو، فقد ظل يراسل أكاديمية تنس في ولاية فلوريدا، أملا في الحصول على تدريب في أحضان هذه المؤسسة، رغم أنه لم يكن يتوفر على شغل قار.
وبعد عامين أصبح اللاعب المغربي يحمل رقم خمسين في التصنيف العالمي، ما أحدث تغييرا على مستوى عيش اللاعب المغترب، الذي أصبح له دخل مالي على الرغم من ابتعاده عن الملاعب لمدة سنتين بسبب إصابة بالغة في الكاحل، وهو الوضع الذي أدى إلى تطبيع العلاقات بين يونس وأسرته.
خضع العيناوي لعمليات جراحية في الولايات المتحدة الأمريكية وعاد إلى بوردو لاستكمال العلاج. هناك، وفي عز أزمته الصحية، التقى يونس فتاة فرنسية متيمة بالتنس، تدعى آن صوفي. تعرف عليها أول مرة في مدرجات ملعب تنس حيث كان يتابع إحدى المباريات، لأنه كان متيما بعشق اللاعب الفرنسي الجنسية الكاميروني الأصل يانيك نواه، قبل أن تتوطد العلاقة بين الطرفين.
في سنة 1995 عقد العيناوي قرانه على صوفي، بعد أن تلقى الموافقة من والديه اللذين شجعاه على دخول تجربة الزواج المختلط، لأن والده متزوج أصلا من فرنسية، فلم يعترض يونس على حفاظ زوجته على ديانتها وعاداتها، ما حول علاقة الحب إلى زواج بلا قيود.
اعتبر يونس زوجته الفرنسية بمثابة معدة نفسانية، فقد كانت ترسم له طريق المستقبل، وتؤكد إمكانية عودته إلى الملاعب. ولهذا كان يفضل مناداتها باسم صوفيا، سيما وأنها كانت حريصة على أدق تفاصيل مراحل العلاج بشقيه الجسدي والبدني.
بعد سنة واحدة رزق الزوجان بوليد أصر يونس على تسميته «مروان» الذي يصفه بالولد/الرزق، حيث استعاد عافيته وعاد إلى التداريب.. كان رهانه الكبير هو بناء أسرة وبناء شخصيته بطلا في رياضة التنس، على الأقل لمصالحة والده الذي قاطعه لمدة سنة كاملة، إذ حمله مسؤولية التمرد ورفض اتباع تعليمات أب صارم.
رزق العيناوي بطفل آخر، ولعبت صوفيا دورا كبيرا في تذويب الخلاف بين زوجها يونس ووالدته الفرنسية أوديت، وقامت بمحاولات عديدة لإعادة الدفء إلى العلاقات، بل إن يونس اعترف بذلك قائلا، في تصريح صحفي لجريدة «ليكيب»: «لعبت زوجتي دورا كبيرا في إنهاء الخلاف، لقد كنت بدون مأوى قار، لم أكن أتوفر على مسكن في بوردو، فقد كنت أتردد بين المغرب وفرنسا، أقضي فترة عند أصهاري، وحين كنت أعود إلى المغرب أستقر عند والدي في حي أكدال بالرباط».
بفضل إصراره ودعم زوجته، عاد العيناوي إلى الملاعب في التصنيف الـ444 عالميا، وبلغ بعدها نهائي الشيلي، ليواصل زحفه إلى أن نال المركز الـ49 ليظفر بجائزة أفضل لاعب عائد إلى الملاعب.
ظلت صوفيا ترافق يونس في جميع تنقلاته، إذ لم يكن يشارك في بطولة خارجية أو داخلية إلا وكانت إلى جانبه زوجته التي تسانده من المدرجات، بل إن شخصيتها الاجتماعية شجعته على الانخراط في كثير من المبادرات الإنسانية، بينما كانت نقطة قوة يونس إتقانه الحديث بست لغات: (العربية، الفرنسية، الإسبانية، الإيطالية، الإنجليزية والبرتغالية).