شوف تشوف

الافتتاحية

يقظة متأخرة

هناك نكتة عن بلدة من الحمقى كانت تضع تحذيرات للسائقين بعد كل مطب وتقول: «انتبه يوجد خلفك مطب»، لكن يبدو أن النكتة تحولت إلى حقيقة مع ادريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي خرج بعد فوات الأوان ليحاول نفث بعض من الروح في جسم الاتحاد المشلول، ويعلن، في خروجه الإعلامي الأخير، تعليق جميع القرارات التنظيمية التأديبية التي اتخذت في حق الفروع والكتابات الإقليمية المتمردة على تسييره، والدعوة إلى الوحدة ورص الصفوف، مؤكدا أن حزب بوعبيد والوطن محتاجان إلى كل الاتحاديين للوقوف في وجه القطبية المصطنعة.
إنه لأمر محمود أن يتحلى لشكر ببعض الشجاعة للاعتراف الضمني بمسؤوليته عما آل إليه حزب القوات الشعبية، ويدعو إلى الحوار والمصالحة، لكن المؤكد أن دعوة ساكن مقر العرعار جاءت متأخرة وبعد خراب مالطة كما يقول المثل.
فلشكر، الذي تجاهل معارضيه طوال ست سنوات، ورفض كل مطالبهم، واتخذ قرارات كارثية جعلت الحزب يحصل بعناء و«دوباج» على فريق، خرج ليدعو خصومه إلى ركوب سيارة الاتحاد المهترئة. ولشكر، الذي اتخذ عشرات القرارات بطرد مناضلين لمجرد الاختلاف معه، يدعو اليوم إلى الحوار حيث لم يبق هناك مجال للحوار. ولشكر، الذي شجع أنصاره وأطلق أيديهم في شن حروب قذرة على مخالفيه، هو من يلبس رداء المصلح والجامع داخل حزب «الوردة».
يجب أن يفهم الكاتب الأول للاتحاد أن صدى دعواته لن يتجاوز الحوار الصحفي الذي أجراه، لا لشيء إلا لأن صاحب الدعوة هو جزء من المشكلة إن لم يكن المشكلة برمتها، ولذلك ففاقد الشيء لا يعطيه. نحن أمام دعوات للصلح مشكوك في مصداقيتها، لذلك سيجد لشكر نفسه أمام حالة كوميدية لحوار زعيم حزب مع نفسه.
وبغض النظر عن المآلات التي ستسفر عنها دعوة الكاتب الأول، فإن الاتحاد يوجد في مفترق للطرق، فإما أن تستمر القيادة الحالية بمناورتها والتفافها على مطالب التغيير، يواصل انهياره وحتى يصبح كائنا سياسيا ميكروسكوبيا لا تراه العين المجردة، وإما أن تؤول أموره قبل فوات الأوان إلى قيادة جديدة لها مشروع سياسي واضح ومؤمنة بالخيار الديمقراطي وواعية بتحديات المرحلة وتعقيداتها، وباستطاعتها لم شتات الحزب وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى