شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

ولد الخيرية.. قاهر الجزائريين

حسن البصري

 

لا حديث في الأوساط الرياضية الجزائرية إلا عن هزيمة جهيد زفيزف، رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، في انتخابات الكونفدرالية الإفريقية، أمام الليبي عبد الحكيم الشلماني بحصة عريضة من الأصوات.

منذ أن عاد زفيزف إلى بلاده وهو يعيش حالة انطواء حادة، لم يكن يعتقد أن أصوات الأفارقة ستصب في خانة الليبي، إلى درجة أن الإذاعة الرسمية الجزائرية طالبت الرجل المكسور الوجدان بالرحيل.

لكن من يكون عبد الحكيم الشلماني الذي قهر الجزائريين ذهابا وإيابا؟ من يكون هذا الرجل الذي كشف عورات الدبلوماسية الرياضية الجزائرية؟

تسلط الصحافة الضوء على عبد الحكيم وتركز على مساره في مجال التحكيم، باعتباره واحدا من خيرة الحكام الدوليين الليبيين، لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن الرجل عاش حياته في «خيرية» بمدينة المرج وهو اليوم يشغل منصب مدير مركب للرعاية الاجتماعية بهذه المدينة، وهي مؤسسة تعنى بالأيتام والأشخاص في وضعية إعاقة، أي أنه يجمع بين خدمة الأطفال في وضعية صعبة وخدمة اتحاد كرة في وضعية أصعب.

ليس عبد الحكيم مجرد رئيس اتحاد الكرة الليبي، وعنصر أساسي في وزارة الشؤون الاجتماعية الليبية، بل هو حكم دولي متقاعد، خبر الملاعب وفصل بين المتنازعين بصفارته تارة وبأوراقه الحمراء والصفراء تارة أخرى.

ومن مكر الصدف أن يكون عبد الحكيم الشلماني هو الحكم الذي فصل بين المغرب والجزائر، في المباراة التاريخية التي جرت بمدينة صفاقس التونسية سنة 2004، حين فاز المغرب بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، خلال نهائيات كأس أمم إفريقيا، وكأن هذا الرجل يصر على أن يكون حاضرا في نكبات جيراننا.

هزم الليبي ممثل الجزائر بحصة مستفزة، في انتخابات عضوية المكتب التنفيذي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، وتبين أن مدير المجمع الخيري قد تمكن من إلحاق خسارة كبيرة بمدير مجمع الصناعات الغذائية، وكأني بالقلب يطيح بالمعدة. لكن الإعلام الجزائري يصر على مسح الخسارة في المغرب، ويعترف في الوقت نفسه بوجود نقص حاد في منسوب «اللوبينغ» على مستوى العلاقة بين «الفاف» و«الكاف».

نعود إلى الشلماني الفائز بمنصب في الجهاز الحاكم في كرة القدم الإفريقية، لنقف على التنوع الذي يميز رئاسيات الاتحاد الليبي لكرة القدم، قد يكون الاتحاد الإفريقي الوحيد الذي تناوب على كرسي رئاسته حكام وصحافيون.

ترأست اتحاد الكرة الليبي عدة وجوه صحافية ليبية، على غرار نقيب الصحافيين مصطفى بن زكري، والإعلامي عبد اللطيف بوكر الذي تولى رئاسة الاتحاد العربي لكرة القدم أيضا، وفي عهده كان نصف أعضاء الاتحاد الليبي صحافيين، لهم خط تحريري يركبون صهوته.

جلس ثلاثة حكام على كرسي رئاسة الاتحاد وهم بدر الدين المحجوب وإبراهيم الجمل، ثم عبد الحكيم الشلماني، لكن في عهد معمر القذافي كان ابنه الساعدي لاعبا وعميدا ومدربا ورئيسا لجهاز الكرة.

نعود إلى مضاعفات هزيمة رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم أمام نظيره الليبي، لنتوقف عند معطيات تاريخية أخرى لا يعلمها جيراننا، تعود إلى شهر فبراير من سنة 1963، حين ضرب زلزال مدينة المرج الليبية، (وهي مسقط رأس الشلماني)، واعتبر من أعنف الكوارث الطبيعية التي شهدتها ليبيا في تاريخها المعاصر. تجاوزت المساعدات المغربية حدود الأدوية والمواد الغذائية، إلى جوانب تقنية على خلفية التجربة التي راكمها المغرب من زلزال أكادير، ساعد المغاربة الحكومة الليبية على بناء مدينة جديدة على بعد خمسة كيلومترات من المدينة المنكوبة في عهد الملك إدريس السنوسي، لكن بناءها لم يكتمل إلا في عام 1970، أي بعد الانقلاب على ملك ليبيا، فدشنها معمر القذافي وأصبحت في ميزان منجزاته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى