التلاميذ مضطرون لاجتياز أربعة فروض في اليوم الواحد رغم المحاذير التربوية
مايزال ملف التقويمات والامتحانات من الكوابيس التي تطارد كل مسؤول وزاري عن قطاع التعليم، حيث أضحت الامتحانات والنقط هاجسا يطغى على التعليم والتعلم. إذ يضطر التلاميذ، طيلة ما يعرف بأسبوع الامتحانات، إلى اجتياز ما بين ثلاثة وأربعة فروض في اليوم الواحد طيلة هذا الأسبوع. وإذا علمنا أن بعض المسالك يدرس فيها التلاميذ 12 مادة دراسية، فإن اجتياز هذا الكم من الامتحانات يسبب ضغطا نفسيا وعصبيا رهيبا على التلاميذ، ولعل هذا ما دفع شكيب بنموسى إلى إلغاء امتحانات موحدة في المراقبة المستمرة كان الوزير السابق أمزازي قد أقرها في وقت سابق.
المصطفى مورادي
ألغت وزارة شكيب بنموسى العمل بمذكرتين مثيرتين للجدل وقعهما الوزير السابق سعيد أمزازي تنظمان المراقبة المستمرة. وخاصة المذكرة التي تنص على تنظيم امتحانات موحدة على صعيد المواد الدراسية الخاصة بكل مستوى وكل سلك.
الامتحانات أهم من التعلمات
إلغاء العمل بهذه المذكرة أحيا نقاشا قديما يتعلق بنظام الامتحانات في التعليم المغربي، والذي أدى إلى تضخم ما يسميه أهل الاختصاص «النزعة الامتحانية»، حيث لا يهم التلاميذ وذويهم تحسين تعلماتهم الأساس بقدر ما تهمهم النقط التي سيحصلون عليها في الامتحانات.
تم تكريس هذه النزعة في مختلف الأسلاك، وخاصة سلك الباكلوريا، والتضخم غير الطبيعي الذي تعرفه المعدلات المحصل عليها كل سنة في هذا السلك دليل على أن مستوى النقط لا يتناسب مع المستوى المعرفي للتلاميذ، بدليل النسبة الكبيرة من التلاميذ الحاصلين على ميزات كبيرة ومع ذلك لا يستطيعون النجاح في الولوج لأي من مؤسسات التعليم العالي التي تعتمد المباريات للحصول على مقعد.
تحليلات كثيرة يخضع لها هذا الملف تحديدا، بين من يرى أن الاهتمام الأسري بالنقط على حساب التعلم مرده إلى التحولات الاجتماعية التي شهدها المغرب، والتي أدت إلى تحول التعليم إلى أداة للانتقاء الاجتماعي، وأصحاب هذا الرأي يستندون إلى نظرية عالم الاجتماع الشهير بيير بورديو.
معسكر آخر يحمل الوزارة المسؤولية في غلبة الامتحانات على حساب التعلمات، ويستندون في ذلك إلى التنظيم السنوي الذي تفرضه الوزارة كل سنة على الأساتذة في تنظيم الفروض، حيث يتم تخصيص أسبوع خاص بالامتحانات في جميع المؤسسات التعليمية وتهم جميع المواد الدراسية.
هذا التنظيم السنوي للامتحانات يؤدي كل سنة إلى حدوث ضغط عصبي ونفسي كبير على ملايين التلاميذ الذين يضطرون طوال أيام هذا الأسبوع إلى اجتياز ما بين ثلاثة وأربعة امتحانات في اليوم الواحد. ورغم أنه لا ينصح، من الناحية التربوية، بتجاوز سقف امتحان واحد في اليوم، فإن الجدولة التي تفرضها الوزارة تجبر التلاميذ على اجتياز ما بين ثلاثة وأربعة فروض في اليوم.
في انتظار نظام متكامل للتقويمات
في انتظار أن تجد وزارة التربية الوطنية الصيغة النهائية التي سيكون عليها نظام التقويم والامتحانات، قامت الوزارة بإلغاء المذكرتين الوزاريتين رقم080×21 الصادرة بتاريخ 15 شتنبر 2021 بشأن تأطير إجراء المراقبة المستمرة للموسم الدراسي 2021-2022، ورقم081×21 الصادرة بتاريخ 16شتنبر 2021 بشأن الجداول التفصيلية لفروض المراقبة المستمرة الموحدة ومكونات الإشهاد وأوزانها.
وتؤكد المذكرتان سابقتا الذكر على إجراء فرض واحد وموحد على صعيد المؤسسة في كل أسدس، بالنسبة لجميع المستويات، ما عدا الأسدس الثاني للسنة الدراسية لكل سلك تعليمي، لأنه سيتم إجراء الامتحانات الموحدة الإشهادية بالنسبة للسادس ابتدائي والتاسعة إعدادي والسنة الثانية باكالوريا. ونشرت وزارة التربية الوطنية، خلال شهر شتنبر الماضي، المواد المعنية بإجراء هذه الفروض بالنسبة للمستويات الثلاثة السادسة ابتدائي، والثالثة ثانوي إعدادي والثانية باكالوريا.
فالوزارة، حسب متخصصين، أمام معضلة حقيقة تتمثل في تضخم المعدلات في السنوات الأخيرة وهي معضلة تعكس أزمة النسق التربوي للتعليم المغربي، لكون المعدلات لم تعد تعكس بشكل موضوعي مستوى التعلمات عند التلاميذ. وهذه الحقيقة تكاد تكون موضوع إجماع من طرف أساتذة التعليم العالي بمختلف تخصصاتهم. بدليل أن المئات من التلاميذ الحاصلين على ميزات كبيرة من قبيل «حسن جدا»، وهي أكبر الميزات في امتحانات الباكلوريا، لم يتمكنوا من الحصول على مقعد في كليات الطب والصيدلة وأيضا المدارس العليا للمهندسين، مما اضطرهم للتوجه إلى المؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المفتوح.
المشكلة التي يتخبط فيها نظام تقويم الامتحانات كانت موضوع إجماع إبان التشخيص الذي خضعت له منظومة التربية والتكوين قبل صدور الرؤية الاستراتيجية. لذلك وضعت هذه الأخيرة من أولوياتها على المستوى التربوي مراجعة هذا النظام للحسم في جدل يدافع فيه طرفان عن موقفين مختلفين. الأول يدعو إلى التخلي عن المراقبة المستمرة نهائيا والاكتفاء بالامتحانات النهائية أو ما يسمى الامتحانات الإشهادية، والثاني يدعو إلى الاعتماد الكلي والشامل على امتحانات المراقبة المستمرة إسوة بنماذج دولية ألغت امتحانات الباكلوريا نهائيا.
متفرقات:
المتصرفون التربويون يدخلون في إضرابات
أعلن تنسيق الإدارة التربوية عن دخوله في مرحلة العد العكسي دفاعا عن حقوقه المشروعة، في ظل الوضع المأزوم الذي تعيشه هذه الفئة. ودعا التنسيق، في بيان له، لوقفات احتجاجية يتم تدشينها بوقفة وطنية أمام مبنى وزارة التربية الوطنية يوم الاثنين 6 دجنبر الجاري، متبوعة بوقفات احتجاجية أمام المديريات الإقليمية أيام 11 و15، و21 و27 دجنبر الجاري، فضلا عن وقفة أخرى أمام الأكاديميات الجهوية يوم 31 من الشهر نفسه. وقرر التنسيق مقاطعة البريد المحمول ذهابا وإيابا والبريد الإلكتروني، والخروج الفوري من كل المجموعات والوسائل التواصلية الإلكترونية مع المديريات والأكاديميات ومصالحها، ومقاطعة جميع الاجتماعات والتكوينات محليا وإقليميا وجهويا ووطنيا، مع مقاطعة وإيقاف كل المجالس وتفعيلها، وإيقاف العمل بمشروع المؤسسة، وكذا العمل داخل جماعات الممارسات المهنية وتفعيلها. وانتقد البيان عدم احترام وزارة التربية الوطنية، في شخص وزيرها السابق، للوعود والمواثيق التي تم تقديمها للنقابات، نهاية الموسم الدراسي الماضي، حول مرسومي الإدارة التربوية إسنادا ومسلكا، وقبلها لممثلي هيئات الإدارة التربوية، ولممثلي الأمة تحت قبة البرلمان وللصحافة. ونددت أطر الإدارة التربوية بكل محاولة تراجعية عن الالتزامات السابقة في شأن ملف الإدارة التربوية إسنادا ومسلكا، محملة الوزارة الوصية كل انتكاسة قد يعرفها التدبير الإداري والتربوي.
الرياضة المدرسية أولوية لدى الوزارة في المرحلة المقبلة
أكد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، الجمعة بأكادير، أن وزارته تولي اهتماما كبيرا للارتقاء بالرياضة المدرسية. وقال بنموسى، في تصريح صحفي، على هامش افتتاح مركز رياضة -دراسة بالثانوية التأهيلية «يوسف بن تاشفين» بأكادير، «إن الرياضة المدرسية مكون أساسي ضمن جودة منظومة التربية والتكوين». وأضاف أن الوزارة تعمل من أجل مشاركة جميع المتمدرسين في مسار رياضة- دراسة، وتبذل في هذا الإطار جهودا كبيرة لإنشاء البنيات التحتية اللازمة، مؤكدا على دور العصب الرياضية في دعم وإنجاح هذا البرنامج الذي يتوخى منح التلاميذ فرصة لإبراز مواهبهم في مختلف الرياضات. وذكر الوزير أن هذا المسار يمكن أيضا المتمدرسين من التوفيق بين التكوين الرياضي والتعليم المدرسي.
ويضم مركز رياضة -دراسة بالثانوية التأهيلية “يوسف بن تاشفين” بأكادير، الذي بلغت تكلفته المالية 3.44 ملايين درهم، ملاعب رياضية مساحتها الإجمالية 6952 مترا مربعا ومرقدا مساحته 750 مترا مربعا وبسعة 80 سريرا.
ويندرج إنجاز هذه البنية التحتية في إطار تنزيل مقتضيات القانون الإطار رقم 51.17، المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، خاصة المشروع رقم 11 الرامي إلى الارتقاء بالرياضة المدرسية